قوى «نداء السودان» تدعو من برلين إلى وقف الحرب

الخارجية الألمانية تؤكد ضرورة الحل السلمي بين الأطراف السودانية المتنازعة

قوى «نداء السودان» تدعو من برلين إلى وقف الحرب
TT

قوى «نداء السودان» تدعو من برلين إلى وقف الحرب

قوى «نداء السودان» تدعو من برلين إلى وقف الحرب

أكدت قوى «نداء السودان»، التي تضم تحالف الجبهة الثورية، المشكلة من الحركات المسلحة، التي تقاتل الحكومة السودانية، وتحالف قوى الإجماع الوطني المعارض، وحزب الأمة القومي، على ضرورة وقف الحرب، ووقف إجراءات الانتخابات، خصوصا الرئاسية التي يزمع إجراؤها في أبريل (نيسان) القادم. كما جددت قوى المعارضة السلمية والمسلحة التزامها بتحقيق السلام والتحول الديمقراطي، وأعلنت أن رئيس الجبهة الثورية مالك عقار، ورئيس حزب الأمة الصادق المهدي سيمثلان قوى «نداء السودان» في المؤتمر التحضيري للحوار المرتقب.
وأنهت قوى «نداء السودان» اجتماعاتها، التي عقدت في برلين، مساء أول من أمس، واستمرت 4 أيام بدعوة من الحكومة الألمانية، لتدارس مسألة إعادة الحوار القومي إلى مساره بهدف تحقيق الحل السلمي الشامل. وأكد البيان الختامي الذي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، الذي وقعه كل من مالك عقار، رئيس الجبهة الثورية، والصادق المهدي، رئيس حزب الأمة، ومحمد مختار الخطيب، عن قوى الإجماع السكرتير السياسي للحزب الشيوعي، والدكتور بابكر محمد الحسن، عن المجتمع المدني، أن «فشل الحوار بين السودانيين سيقود إلى سيناريوهات ستكلف البلاد كثيرا»، مشيرًا إلى أن «قوى (نداء السودان) ستعمل مع المجتمع الدولي من أجل الدولة المدنية الديمقراطية، التي يتحقق فيها سيادة حكم القانون، والمواطنة المتساوية، والحكم الراشد لتحقيق الأمن والتنمية الاقتصادية».
ووجهت قوى المعارضة انتقادات شديدة للحكومة السودانية، ووصفتها بعدم الجدية في عملية الحوار القومي الدستوري، وقالت في بيانها إن الحكومة «تسعى لإقامة انتخابات تكرس لهيمنة الحزب الواحد، وترفض فتح الممرات لتقديم العون الإنساني، وتستمر في اعتقال الناشطين من قيادات المعارضة، والتضييق على الصحافة والإعلام». كما أكدت قوى «نداء السودان» استعدادها التام للمشاركة في المؤتمر التحضيري للحوار الذي سينعقد في مقر الاتحاد الأفريقي بالعاصمة الإثيوبية لاحقا، في حال تمت الدعوة من الآلية الأفريقية رفيعة المستوى لبناء أسس سليمة للحوار القومي الشامل، والاتفاق على متطلبات تهيئة المناخ قبل بدء الحوار مع الحكومة.
وبخصوص الانتخابات، طالبت قوى «نداء السودان» في بيانها وقف كل الترتيبات الحالية للانتخابات، خصوصا الانتخابات الرئاسية، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين والمحكومين بسبب الحرب، وتبادل أسرى الحرب بين الحكومة والحركات التي تحمل السلاح ضدها، ودعت إلى وقف فوري لمحاكمة المعارضين، مشددة على إجراء تحقيق شفاف حول أحداث اغتصاب أكثر من 200 سيدة وفتاة في قرية تابت، شمال دارفور، وحول تظاهرات سبتمبر (أيلول) عام 2013، التي قتل فيها، حسب تصريحات المعارضة، نحو مائتي مواطن من طرف القوات الحكومية، كما طالبت المعارضة في قوى «نداء السودان» وقف العمليات العسكرية، واستهداف المدنيين والناشطين، واحترام حقوق الإنسان، وإلغاء القوانين المقيدة للحريات والتعديلات الدستورية الأخيرة.
وجددت قوى «نداء السودان» مطالبتها بقبول الترتيبات الانتقالية، بما فيها قبول حكومة قومية انتقالية، وأكدت أن أولويات المؤتمر التحضيري للحوار القومي الدستوري يتطلب تسليط الضوء على الأوضاع الإنسانية في مناطق الحرب ووقفها، وتحقيق السلام عبر مساري دارفور ومنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، إضافة إلى ترتيب أجندة الحوار القومي عبر المؤتمر التحضيري، كما شددت على أنها لن تدخل الحوار في حال استمرار اعتقال رئيس هيئة قوى الإجماع الوطني، فاروق أبو عيسى، وأمين مكي مدني، اللذين تم اعتقالهما مع الدكتور فرح العقار.
من جهتها، كشفت وزارة الخارجية الألمانية أن قوى المعارضة التي أجرت مشاورات في برلين، أصدرت «إعلان برلين»، الذي أقر إرسال وفد إلى أديس أبابا للمشاركة في اجتماع تحضيري للحوار الوطني، والتفاوض مع الحكومة تحت رعاية الوساطة الأفريقية، وقد عقدت هذه الاجتماعات برعاية حكومة ألمانيا.
ونقلت مصادر غربية أن دعوة الحكومة الألمانية لم تشمل كل أطراف المعارضة، وإنما قوى «نداء السودان»، وقالت المصادر إن «الغرض من الاجتماعات حث هذه القوى لتبني موقف إيجابي من الحوار القومي، وتقريب وجهات النظر بينها وبين الحكومة السودانية في إطار خارطة الطريق المقترحة من الاتحاد الأفريقي». وقد أكدت الحكومة الألمانية، وفق بيان خارجيتها، بمواصلة الحوار مع الحكومة السودانية من أجل دعم عملية السلام وتحقيق المصالحة، وجددت دعمها لمهمة البعثة المشتركة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في دارفور (يوناميد).



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.