استطلاع للرأي: المغاربة «لا يأتمنون» إسبانيا و«لا يثقون» في مستقبل العلاقات معها

على خلفية استقبالها لزعيم «البوليساريو»

إبراهيم غالي زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية (أ.ف.ب)
إبراهيم غالي زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية (أ.ف.ب)
TT

استطلاع للرأي: المغاربة «لا يأتمنون» إسبانيا و«لا يثقون» في مستقبل العلاقات معها

إبراهيم غالي زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية (أ.ف.ب)
إبراهيم غالي زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية (أ.ف.ب)

خلص استبيان للرأي تناول واقع ومستقبل العلاقات المغربية - الإسبانية، على خلفية استقبال مدريد لإبراهيم غالي، زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية، إلى أن المغاربة «لا يأتمنون» إسبانيا و«لا ثقة» لديهم في مستقبل العلاقات معها، ورأوا أن «عليها أن تراجع نفسها»، وأن «تتعامل بحكمة ونضج» لأن «معطيات اليوم تختلف عن تلك التي كانت بالأمس».
وطرح الاستبيان، الذي أعده مختبر حكومة الشباب الموازية للدراسات والأبحاث والتدريب، وشارك فيه 4224 شخصا، 20 سؤالا موزعة على ثلاثة أقطاب، تربط بينها علاقة تأثير من منطلق أن «الأزمة تؤثر في الثقة، والثقة تؤثر على المستقبل، والمستقبل رهين بالماضي والحاضر».
ومن بين الأسئلة التي تمحور حولها الاستبيان: «كيف تنظر لمستقبل العلاقات بين المغرب وإسبانيا؟»، و«هل لديك ثقة في الحكومة الإسبانية الحالية؟»، و«من الخاسر من هذا التوتر؟»، و«من المستفيد من التعاون الأمني بين إسبانيا والمغرب؟»، و«هل ستقبل إسبانيا بأن يستقبل المغرب أحد زعماء الانفصاليين بها؟»، و«هل استرجاع سبتة ومليلية والجزر الجعفرية إلى السيادة المغربية أصبح مطلبا راهنا؟»، و«هل ستقبل إسبانيا التخلي عن عقليتها الاستعمارية والجلاء عن تلك المناطق؟»، و«هل تثق في الشراكة التي تجمع بين المغرب وإسبانيا؟»، و«هل تعتقد إسبانيا أن مغرب القرن 21 هو مغرب 1912؟»، و«هل هناك ازدواجية سكيزوفرينية في الممارسة السياسية الإسبانية؟».
أصل الأزمة
أظهرت نتائج الاستبيان أن 93 في المائة من المستجوبين يرون أن «إسبانيا ارتكبت خيانة عظمى في حق المغرب، عندما استقبلت غالي وأدخلته إلى ترابها بوثائق مزورة».
وفي سؤال يقلب المعادلة وفعل التموقع، حول إن قام المغرب باستقبال أحد زعماء الانفصال بها في التراب المغربي، كان رأي المستجوبين بنسبة 59.5 في المائة، أن «إسبانيا ستحتج بقوة على المغرب»، ولربما «تذهب إلى أبعد من ذلك من خلال قطع العلاقات معه»، حسب تقدير 33.5 في المائة من المستجوبين، مما يعكس دون أدنى شك، حسب التقرير التركيبي للاستبيان، «حالة السكيزوفرينيا السياسية التي تتخبط فيها عن وعي أو دونه».
وحسب رأي نسبة 67.3 في المائة من المستجوبين، فإسبانيا «لا تزال تتعامل مع المغرب بمنطق القرن الماضي، متناسية أن موازين الضغط تغيرت، وأن المغرب أصبح قوة وازنة إقليميا ودوليا».
وبخصوص توتر العلاقات بين البلدين الجارين، طالبت فئة واسعة من المستجوبين، تقدر بـ89.8 في المائة، بـ«تقديم إسبانيا لاعتذار رسمي للمغرب على ما أقدمت عليه من غدر، حينما استقبلت الانفصالي غالي بوثائق مزورة، وبذلك تكون هي الخاسر الأكبر من هذا التوتر»، برأي 38.3 في المائة، لأنها «الرابح الأكبر» من استمرار العلاقات الجيدة بين البلدين، خاصة على مستوى التنسيق الأمني، بتعبير 64.9 في المائة، وهو التنسيق الذي «قد يؤدي انقطاعه إلى غرقها بآلاف المهاجرين السريين من جنسيات مختلفة، الشيء الذي سيعري وضعها الحقوقي تجاه المهاجرين في عدم احترامها للمواثيق الدولية ذات الصلة، أو تعاملها بمنطق تمييزي مع المهاجرين، تبعا لجنسياتهم»، وذلك حسب 56 في المائة من المشاركين في الاستجواب.
ثقة في الميزان
بين الاستبيان أن 87.4 في المائة من المغاربة «فقدوا الثقة في الحكومة الإسبانية الحالية»، وأن 86.9 في المائة منهم «لا يثقون في الشراكة مع إسبانيا».
وأوضح أن «الأزمات بطبيعتها تؤدي إلى فقدان الثقة حتى بين الأفراد، فما بالك بين الدول»، وهو الأمر الذي استشعره المغاربة بعد أزمة «الانفصالي غالي»، وقبل ذلك مع أزمات سابقة، إذ «فقدوا الثقة في الحكومة الإسبانية الحالية» بمنسوب مرتفع بلغ 87.4 في المائة، بل «امتد الشك حتى فيما يتعلق بمختلف الشراكات التي تجمع البلدين»، حسب ما ذهب إليه 59.5 في المائة؛ ومنها الجانب الاقتصادي بنسبة 49.4 في المائة، الشيء الذي يعني أن «الأزمة السياسية لها تداعيات على ما هو اقتصادي»، وبالتالي «قد يتأثر» حجم الاستثمارات الإسبانية بالمغرب «إذا ما تشبثت» مدريد بـ«مواقفها العدائية».
سؤال المستقبل
أكدت نسبة 74.3 في المائة من المستجوبين أن «الاقتصاد الإسباني لا يستطيع إحداث قطيعة مع الاقتصاد المغربي»، فيما اعتبر 61.9 في المائة أن «مستقبل العلاقات بين المغرب وإسبانيا سيعرف تراجعا وتوترا كبيرا». وفي هذا الصدد، سجلت نسبة 61.9 في المائة أن «مستقبل العلاقات بين المغرب وإسبانيا سيتراجع وسيعرف توترا كبيرا، أمام تفاؤل بهدوء مستقبلي بنسبة 25 في المائة، مقابل نسبة ضعيفة في حدود 13.1 في المائة ذهبت إلى «رجوع الهدوء» إلى علاقة البلدين، فيما تبقى «إسبانيا مطالبة بتصحيح أخطائها، عبر تجردها من عقليتها الاستعمارية عوض أسلوب المناورة، الذي أصبح مكشوفا»، حسب ما ذهب إليه 57.7 في المائة من المشاركين في الاستبيان، وأن «يُمكن المغرب من باقي أراضيه المحتلة، سبتة ومليلية والجزر الجعفرية، التي أصبح استرجاعها أمرا بديهيا»، حسب رأي 84.7 في المائة، و«أن يسعى بكل السبل إلى كسب ود أهم شريك اقتصادي لها بالقارة الأفريقية، لأن اقتصادها لا ولن يقوى على إحداث القطيعة مع الاقتصاد المغربي»، حسب 74.3 في المائة.
ورغم كل ما سبق، يضيف التقرير التركيبي، فقد «عبر المغاربة عن حسن نواياهم وأبدوا رغبتهم في زيارة إسبانيا مستقبلا تكريسا لمبادئ حسن الجوار وتعبيرا عن قيمهم الإنسانية العالية»، وهو ما أكدته نسبة 45 في المائة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».