الأكراد يستعيدون {تل حميس} الاستراتيجية في شمال شرقي سوريا

المفاوضات لتحرير الآشوريين إيجابية وتعهد من التنظيم بأن نساءهم لن يلقين مصير الإيزيديات

مقاتلون من {وحدات حماية الشعب} الكردية في دورية مسلحة داخل مدينة القامشلي بشمال محافظة الحسكة السورية أمس (رويترز)
مقاتلون من {وحدات حماية الشعب} الكردية في دورية مسلحة داخل مدينة القامشلي بشمال محافظة الحسكة السورية أمس (رويترز)
TT

الأكراد يستعيدون {تل حميس} الاستراتيجية في شمال شرقي سوريا

مقاتلون من {وحدات حماية الشعب} الكردية في دورية مسلحة داخل مدينة القامشلي بشمال محافظة الحسكة السورية أمس (رويترز)
مقاتلون من {وحدات حماية الشعب} الكردية في دورية مسلحة داخل مدينة القامشلي بشمال محافظة الحسكة السورية أمس (رويترز)

استعاد المقاتلون الأكراد السيطرة على بلدة تل حميس، أحد أهم معاقل تنظيم «داعش» في محافظة الحسكة بشمال شرقي سوريا، وأكثر من مائة قرية محيطة بها على وقع ضربات طيران التحالف الدولي ضد الإرهاب، وفي ظل هدوء حذر يشهده محيط تل تمر. ومن جهة ثانية، أكّدت الشبكة الآشورية لحقوق الإنسان أن عملية التفاوض على إطلاق سراح الأسرى الآشوريين لدى «داعش» بدأت عبر وسطاء آشوريين ووجهاء عشائر عربية وبمبادرة من الأسقف أفرام أثنائيل راعي كنيسة المشرق في سوريا، ووصفت بوادرها بالإيجابية.
ريدود خليل الناطق الرسمي باسم «وحدات حماية الشعب» الكردية، أكد السيطرة الكاملة على بلدة تل حميس، إضافة إلى الريف الشرقي والشمالي والجنوبي، وقد بدأت عمليات تمشيط شاملة في ظل استمرار المعارك لتحرير الريف الغربي. وقال خليل لـ«الشرق الأوسط»، بعد نحو أسبوع، على بدء معركة تحرير المنطقة: «دخلنا عند الساعة 11 صباحا بلدة تل حميس، وتوسعت بعدها الدائرة لتشمل أكثر من مائة قرية». وأوضح أن «استراتيجية (تل حميس) تكمن في أنها أحد معاقل التنظيم في الحسكة، والذي يشكّل الجبهة الخلفية لشن هجمات على سنجار في العراق والعمليات في الموصل، وتهديدا على منطقة القامشلي ومعظم المناطق الكردية».
وأكد خليل أن «ضربات التحالف التي كانت تنفذ بالتنسيق مع وحدات حماية الشعب أسهمت إلى حد كبير في تنفيذ مهمة تحرير المنطقة الاستراتيجية».
من جهته، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان: «سيطرت وحدات حماية الشعب الكردية على الأطراف الشرقية والجنوبية الشرقية لبلدة تل حميس الواقعة شمال شرقي مدينة الحسكة عقب اشتباكات استمرت لستة أيام مع التنظيم». ووصف مدير المرصد رامي عبد الرحمن تل حميس بأنها «من أهم معاقل» التنظيم المتطرف في المنطقة، مشيرا إلى أن جثث المقاتلين لا تزال في حوزة المسلحين الأكراد.
ودخل المقاتلون الأكراد البلدة التي يسيطر عليها «داعش» منذ أكثر من سنة، بعدما نجحوا في انتزاع 103 قرى في محيطها. وكان قد قتل منذ 21 فبراير (شباط)، تاريخ بدء الهجوم الكردي على المنطقة 175 عنصرا من «داعش»، وذلك في المعارك على الأرض وفي الغارات الجوية التي ينفذها التحالف الدولي بقيادة أميركية بشكل يومي ومكثف، وتشكل سندا أساسيا للمقاتلين الأكراد. كما قتل نحو 30 مقاتلا من «وحدات حماية الشعب» الكردية والمقاتلين العرب الذين يساندونهم. وبين هؤلاء أيضا مقاتل أسترالي كان يقاتل ضمن وحدات حماية الشعب.
ويتقاسم الأكراد و«داعش» السيطرة على محافظة الحسكة، بينما لا يزال هناك وجود للنظام في مدينة الحسكة نفسها، وهي عاصمة المحافظة وإحدى مدينتيها الرئيسيتين مع القامشلي.
ويأتي دخول الأكراد إلى أطراف بلدة تل حميس في وقت يشهد فيه محيط بلدة تل تمر الواقعة شمال غربي مدينة الحسكة، التي يسيطر عليها الأكراد، هدوءا إثر الهجوم الذي شنه «داعش» على قرى في المنطقة، الاثنين الماضي، عمدوا إلى خطف نحو 255 شخصا من الآشوريين، وفق ما سبق أن أعلنته الشبكة الآشورية لحقوق الإنسان.
وأشارت الشبكة إلى أن عملية التفاوض تحاط بكثير من السرية حرصا على سيرها وضمانا لسلامة الرهائن الذين يتوقع أن عددهم قد تجاوز الـ250، معظمهم من النساء والأطفال والشيوخ.
ورفض أسامة إدوارد، مدير الشبكة إعطاء تفاصيل عن مجريات المفاوضات، مؤكدا في الوقت عينه أن الأجواء إيجابية، مشيرا إلى أن المعلومات التي لديهم تؤكد أن التنظيم نقل الأسرى من جبل عبد العزيز إلى منطقة الشدادة في ريف الحسكة الجنوبي.
وفي حين أشار إدوارد إلى أنه يوم أمس صباحا عُثر على جثتين تعودان لشخصين من المفقودين، لفتت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن «التنظيم تعهد بألا يكون مصير النساء السبي على غرار ما حصل مع النساء الإيزيديات في العراق».
واعتبر إدوارد أن هناك تخوفا من أن يكون التنظيم بصدد التحضير لهجوم معين يهدف خلاله إلى السيطرة على ما يعرف بـ«جسر تل تمر» الذي يبعد عن مواقع «داعش» في شاميران ما لا يزيد عن 3 كيلومترات، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن تعزيزات عسكرية يقوم بها كلا الطرفين «داعش» و«الأكراد» تحضيرا لمعركة مرتقبة، موضحا أن سيطرة التنظيم على الجسر ستؤدي إلى فتح الطريق أمامها باتجاه العراق شرقا، وتركيا شمالا، والحسكة جنوبا، وحلب غربا.
ولفت إدوارد إلى تسجيل عودة عدد من الرجال المسيحيين الذين كانوا قد غادروا منطقة تل نصري بمحافظة الحسكة باتجاه لبنان، إثر قصف النظام لها في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2012.
وذلك استجابة لدعوات كانت قد أطلقت منذ بدء الهجوم على مناطق الآشوريين بداية الأسبوع. وتسبب هجوم التنظيم بحركة نزوح كبيرة من القرى المستهدفة في ريف الحسكة، وقالت الشبكة الآشورية إن أعداد النازحين في ارتفاع مع تزايد مخاوف السكان المحليين من تمكن تنظيم داعش من السيطرة على السلسلة الشمالية للقرى الآشورية، البالغ عددها 24 بلدة، حيث وثقت الشبكة بالتعاون من مؤسسات كنيسة محلية نزوح أكثر من 1380 عائلة آشورية، باتجاه الحسكة والقامشلي، أي ما مجموعه قرابة 6000 نازح يتوزعون بين مدينتي الحسكة والقامشلي، حيث يجري إيواؤهم في كاتدرائية العذراء وكنيسة مار جرجس في الحسكة، بينما يتوزع آخرون على منازل المدنيين من سكان المدينة.
الجدير بالذكر أن عدد الآشوريين الإجمالي في سوريا يبلغ نحو 30 ألفا من 1.2 مليون مسيحي، ويتحدرون بمعظمهم من القرى المحيطة بنهر الخابور في الحسكة. وقال جان طولو المسؤول في «مؤسسة آشور للإغاثة والتنمية» ومقرها مدينة القامشلي في اتصال مع وكالة الصحافة الفرنسية: «توقفت حركة النزوح الكبيرة، ولم يعد يصل إلى المدينة سوى بعض الأشخاص بين الحين والآخر». وأضاف: «نقدم حاليا للنازحين الطعام وكل ما يحتاجون إليه. وهناك أطباء يعملون مجانا لمعالجة أي طارئ»، مشيرا إلى أن «حالة النازحين النفسية منهارة خصوصا أن أقرباء بعضهم تعرضوا للخطف»



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.