انكفاء حاد لبطاقات الائتمان اللبنانية لصالح «الفريش دولار»

انخفض إجمالي عدد البطاقات من ذروة تعدت 3 ملايين بطاقة في نهاية 2019 إلى 2.75 مليون بطاقة بنهاية الفصل الأول من 2021 (رويترز)
انخفض إجمالي عدد البطاقات من ذروة تعدت 3 ملايين بطاقة في نهاية 2019 إلى 2.75 مليون بطاقة بنهاية الفصل الأول من 2021 (رويترز)
TT

انكفاء حاد لبطاقات الائتمان اللبنانية لصالح «الفريش دولار»

انخفض إجمالي عدد البطاقات من ذروة تعدت 3 ملايين بطاقة في نهاية 2019 إلى 2.75 مليون بطاقة بنهاية الفصل الأول من 2021 (رويترز)
انخفض إجمالي عدد البطاقات من ذروة تعدت 3 ملايين بطاقة في نهاية 2019 إلى 2.75 مليون بطاقة بنهاية الفصل الأول من 2021 (رويترز)

تقلصت أعداد بطاقات الدفع المصدرة من البنوك اللبنانية بإجمالي 250 ألف بطاقة متنوعة الفئة والعملة، مع رصد تمركز النقص العددي بنحو 230 ألف بطاقة، أي ما يتعدى 90 في المائة، ضمن فئة البطاقات الائتمانية التي كانت المصارف تروجها بكثافة قبل دخول البلاد في دوامة أزماتها المستمرة، دون هوادة، على مدى يتخطى العشرين شهراً.
وحسب أحدث الإحصاءات المجمعة لدى مصرف لبنان المركزي، انخفض إجمالي عدد البطاقات من كل الفئات من ذروة تعدت 3 ملايين بطاقة في نهاية عام 2019 إلى نحو 2.75 مليون بطاقة في نهاية الفصل الأول من العام الحالي.
بينما تقلص إجمالي فئة البطاقات الائتمانية وحدها من قمتها العددية البالغة نحو 580 ألف بطاقة قبل الأزمة (نهاية عام 2018) إلى حوالي 327 ألف بطاقة في نهاية شهر مارس (آذار) الماضي. فيما البطاقات «الصامدة» ليست بحال أفضل، حيث يتم تقييد تشغيل أغلبها بمبالغ محدودة للغاية، لا تتجاوز أيضاً 10 في المائة من رصيدها.
وبخلاف بطاقة الصرف المربوطة بوديعة تخص العميل، ويستخدمها لقاء عمولة محدودة يتقاضاها البنك المصدر، تشكل البطاقات التي يمولها البنك لصالح زبائنه بمعزل عن نوعية العملة، أساس الربحية في منظومة المدفوعات الإلكترونية المعتمدة. فهي نوع من الائتمان الجاري الذي يمكن حامل البطاقة من الصرف بتمويل محدد مسبقاً. ويتقاضى المصرف المصدر فوائد شهرية على المبالغ المستخدمة تتراوح بين 1.5 و2 في المائة.
ومع التطورات النقدية الدراماتيكية التي تتفاقم في لبنان منذ خريف عام 2019، وشح السيولة بالعملات الصعبة، سارعت البنوك إلى إعادة هيكلة مجمل عملياتها الائتمانية، بما يشمل مبالغ التمويل التي تضخها في البطاقات ضمن منتجاتها السابقة للتمويل بالتجزئة. وبذلك فقدت هذه البطاقات تدريجاً كامل ميزاتها، باستثناء مبالغ صغيرة شهرياً تتراوح بين 15 و50 دولاراً يمكن لحامليها استخدامها لسداد مشتريات خارجية أو تعبئة اشتراكات على منصات البث الرقمي. علماً بأن البنوك تعمد إلى عدم تجديد أغلب هذه البطاقات عند انتهاء صلاحيتها، مستثنية كبار العملاء وأصحاب الحسابات «المنتجة».
هي حقبة «الفريش دولار»، كما يؤكد مدير إدارة شبكة الدفع الإلكتروني في أحد المصارف لـ«الشرق الأوسط»، مفضلاً عدم الكشف عن اسمه. فمن يحوز تحويلات من الخارج أو دولارات نقدية من الداخل، يمكنه الحصول بسهولة على كامل الخدمات للدفع والتحويل بالعملات الصعبة داخل لبنان وخارجه تحت سقف السيولة التي يودعها.
أما المودعون الذين يديرون حسابات تناهز 105 مليارات دولار، فالخيار المتاح أمامهم السحب النقدي بالليرة حصراً (3900 ليرة لكل دولار) أو بالشيكات التي يبيعها في السوق أو يسدد بها مشتريات، بما يوازي فعلياً أقل من ثلث القيمة المسحوبة من حسابه بالدولار.
وتتنافس المصارف حالياً بمنح مزايا متعددة بهدف جذب «المحظيين» بالتحويلات من مؤسسات دولية ومحلية وأفراد، حيث تشير التقديرات الدولية إلى تأثيرات طفيفة لأزمات لبنان على نمطية التحويلات الخارجية البالغة نحو 7 مليارات دولار سنوياً. وهذه المبالغ الموثقة تشمل الذين يتلقون معونات مالية من ذويهم العاملين في الخارج والمغتربين، مع التنويه برصد نمو مطرد في الواردات النقدية لهذه الفئة عبر شركات تحويل الأموال، من نحو 90 إلى حوالي 150 مليون دولار شهرياً.
كما تعمل المصارف على إعادة هيكلة وابتكار منتجات مدعمة بإغراءات العوائد والبطاقات المميزة القابلة للاستخدام داخل لبنان وخارجه، بهدف استمالة المدخرين في المنازل، حيث تتباين التقديرات بتخزين ما بين 5 إلى 7 مليارات دولار نقداً، والبعض يرجح أرقاماً أعلى قد تصل إلى 10 مليارات دولار. وبالتوازي تتراكم كميات كبيرة من النقد الورقي بالعملة الوطنية، حيث تعدت السيولة النقدية مستوى 35 تريليون ليرة، نتيجة التحول المتنامي إلى الاقتصاد النقدي، واضطرار البنك المركزي إلى طباعة النقد لتلبية تمويل الدولة والرواتب والأسواق.



تعهدات ترمب بفرض تعريفات جمركية تدفع الدولار للارتفاع

أوراق نقدية بقيمة 100 دولار أميركي (رويترز)
أوراق نقدية بقيمة 100 دولار أميركي (رويترز)
TT

تعهدات ترمب بفرض تعريفات جمركية تدفع الدولار للارتفاع

أوراق نقدية بقيمة 100 دولار أميركي (رويترز)
أوراق نقدية بقيمة 100 دولار أميركي (رويترز)

ارتفع الدولار الأميركي يوم الثلاثاء بعد أن أعلن الرئيس المنتخب دونالد ترمب عن خطط لفرض تعريفات جمركية على المنتجات القادمة إلى الولايات المتحدة من المكسيك وكندا والصين، مما أثار مخاوف من سياسات قد تؤدي إلى حرب تجارية.

وفي رد فعل سريع على تصريحات ترمب، قفز الدولار أكثر من 2 في المائة مقابل البيزو المكسيكي، وسجل أعلى مستوى له في أربع سنوات ونصف مقابل نظيره الكندي. كما ارتفع الدولار إلى أعلى مستوى له منذ 30 يوليو (تموز) مقابل اليوان الصيني. في حين هبطت عملات أخرى مقابل الدولار، لكنها قلصت خسائرها بحلول منتصف الجلسة في آسيا، وفق «رويترز».

وكان الدولار قد شهد تراجعاً طفيفاً في الأيام الأخيرة، بعد أن رحبت سوق سندات الخزانة الأميركية بترشيح ترمب لمدير صندوق التحوط سكوت بيسنت لمنصب وزير الخزانة. ورغم أن المتداولين يعتبرون بيسنت من قدامى «وول ستريت» ومن مؤيدي السياسة المالية المحافظة، فإنه كان داعماً للدولار القوي وفرض التعريفات الجمركية. وقال المحللون إن رد فعل السوق تجاه هذا الاختيار من المحتمل أن يكون مؤقتاً.

وفي تعليق على تصريحات ترمب، قال كبير الاستراتيجيين في السوق، جيسون وونغ من بنك «بي إن زي»: «سوف تكون السوق متقلبة» بشأن تصريحات ترمب، وأضاف: «يمكنك التوصل إلى استنتاجات سريعة، ولكنني لا أستعجل ذلك الآن، لذا فإن السوق تحتاج فقط إلى الاستقرار».

وأكد ترمب أنه في اليوم الأول من توليه منصبه، سيفرض رسوماً جمركية بنسبة 25 في المائة على جميع المنتجات القادمة من المكسيك وكندا. وبخصوص الصين، قال الرئيس المنتخب إن بكين لا تتخذ إجراءات كافية لوقف تصدير المواد المستخدمة في تصنيع المخدرات غير المشروعة.

وأضاف: «حتى يتوقفوا عن ذلك، سنفرض على الصين تعريفة إضافية بنسبة 10 في المائة، بالإضافة إلى أي تعريفات أخرى على جميع منتجاتهم القادمة إلى الولايات المتحدة».

من جهتها، نفت الصين هذه الاتهامات، وقالت السفارة الصينية في واشنطن بعد تصريحات ترمب إن «كلاً من الولايات المتحدة والصين لن تستفيدا من حرب تجارية».

في هذه الأثناء، هبط الدولار الأسترالي إلى أدنى مستوى له في أكثر من ثلاثة أشهر عند 0.64335 دولار في الساعات الأولى من التداول في آسيا، وكان آخر تداول له بانخفاض 0.21 في المائة عند 0.6478 دولار. ويُباع الدولار الأسترالي في كثير من الأحيان بوصفه بديلاً سائلاً لليوان الصيني؛ نظراً لأن الصين هي أكبر شريك تجاري لأستراليا.

أما الدولار النيوزيلندي فقد وصل إلى أدنى مستوى له في عام عند 0.5797 دولار، لكنه محا معظم خسائره ليعود للتداول بالقرب من 0.58415 دولار.

وأوضح استراتيجي الاستثمار لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في شركة «ليغال آند جنرال لإدارة الاستثمارات»، بن بينيت، أن المستثمرين قد ركزوا حتى الآن على السياسات الاقتصادية الإيجابية التي أعلنها ترمب مثل خفض الضرائب وإلغاء القيود التنظيمية، لكن من المحتمل أن تكون سياساته الأكثر تحدياً مثل فرض التعريفات الجمركية أسهل في التنفيذ. وأضاف: «هذا الإعلان بمثابة تنبيه للمستثمرين».

وأشار إلى أن «التعريفات الجمركية ستكون مفيدة للدولار الأميركي وستضر بالعملات التي ستتعرض لهذه التعريفات مع تغير ميزان التجارة، ولكنني لست متأكداً من أن حكومة ترمب ستسمح بتسارع هذا الاتجاه».

وتوقع بعض المحللين أن تهديدات التعريفات الجمركية قد تكون مجرد تكتيك تفاوضي. وقالت كبيرة الاقتصاديين في منطقة الصين الكبرى في «آي إن جي»، لين سونغ: «الجانب المشرق من هذا هو أنه بدلاً من سيناريو التعريفات الجمركية المدفوع آيديولوجياً حيث لا يمكن فعل أي شيء لتجنب حرب تجارية شاملة، طالما كان هناك مجال للتفاوض، فهناك إمكانية لنتيجة أقل ضرراً».

وكان مؤشر الدولار، الذي يقيس قيمة الدولار الأميركي مقابل ست عملات رئيسية، عند 107.04. كما تراجع اليورو بنسبة 0.18 في المائة ليصل إلى 1.04785 دولار، في حين بلغ الجنيه الإسترليني 1.25525 دولار، منخفضاً بنسبة 0.14 في المائة على مدار اليوم.

وتلقى اليورو ضربة يوم الجمعة الماضي بعد أن أظهرت مسوحات التصنيع الأوروبية ضعفاً واسعاً، في حين فاجأت المسوحات الأميركية التوقعات بارتفاعها.

في المقابل، سجل الين الياباني زيادة بنسبة 0.4 في المائة ليصل إلى 153.55 ين مقابل الدولار.

أما بالنسبة للعملات الرقمية، تم تداول «البتكوين» عند 94.375 دولار، وهو أدنى بكثير من أعلى مستوى قياسي بلغ 99.830 دولار الذي سجله الأسبوع الماضي.

وشهدت «البتكوين» جني أرباح قبل الوصول إلى الحاجز الرمزي 100.000 دولار، بعد أن ارتفعت بأكثر من 40 في المائة منذ الانتخابات الأميركية وسط توقعات بأن يسمح ترمب بتخفيف البيئة التنظيمية للعملات المشفرة.