تعديل وزاري في موريتانيا يشمل 16 حقيبة

الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني مع نظيره الفرنسي في باريس أواسط الشهر الحالي (أ.ف.ب)
الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني مع نظيره الفرنسي في باريس أواسط الشهر الحالي (أ.ف.ب)
TT

تعديل وزاري في موريتانيا يشمل 16 حقيبة

الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني مع نظيره الفرنسي في باريس أواسط الشهر الحالي (أ.ف.ب)
الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني مع نظيره الفرنسي في باريس أواسط الشهر الحالي (أ.ف.ب)

أجرى الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، ليلة أول من أمس، أكبر تعديل على حكومته، منذ أن تسلم حكم بلاده قبل قرابة عامين، وشمل التعديل 16 حقيبة وزارية من أصل 30، هي مجمل عدد الحقائب الوزارية، في حين خضعت الحكومة لتعديل كبير في هيكلتها.
وعقدت الحكومة الجديدة، أمس، أول اجتماع لها، بعد ساعات فقط من الإعلان عنها، وهو اجتماع بروتوكولي من أجل «التعارف»، وفق ما نشر الإعلام المحلي، في حين يعتقد الموريتانيون أن الحكومة الجديدة تنتظرها تحديات كبيرة، خاصة فيما يتعلق بتحسين الخدمات التي تلامس ظروف المواطن.
ومن أبرز المفاجآت التي حملها التعديل الحكومي خروج وزير الصحة محمد نذيرو ولد حامد، وهو الطبيب والخبير الدولي في الصحة العمومية، الذي كان يخوض منذ قرابة عامين حرباً قوية لإصلاح قطاع الصحة، ويعتقد العديد من الموريتانيين أن حصيلته كانت إيجابية في مواجهة جائحة «كورونا».
وخلف ولد حامد، الذي أعد خطة خمسية لإصلاح قطاع الصحة، في منصبه ذراعه اليمنى ورجل ثقته الدكتور سيدي ولد الزحاف، الذي سبق أن عمل معه في بعض المنظمات غير الحكومية، ووضع معه خطة إصلاح قطاع الصحة، بصفته المدير العام للصحة.
وغادر الحكومة أيضاً وزير التعليم العالي سيدي ولد سالم، وهو واحد من الوزراء الذين كانوا يعملون مع الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، واحتفظ بمنصبه بعد وصول ولد الغزواني إلى الحكم، وكان بالإضافة إلى حقيبة التعليم العالي هو الناطق الرسمي باسم الحكومة.
لكن ولد سالم أثار خلال الأسابيع الماضية الكثير من الجدل، خاصة حين أدلى بتصريحات حول التحقيق مع الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز في ملفات فساد، وقال في مقابلة مع إذاعة فرنسا الدولية، إنه طيلة عمله مع الرئيس السابق «لم يلاحظ منه ما يخالف القانون».
وتأتي إقالة ولد سالم بعد أن رشحته موريتانيا لمنصب المفوض المكلف التعليم العالي والتكنولوجيا والبحث العلمي في الاتحاد الأفريقي، وبالتالي خرج من الحكومة ليتفرغ لخوض غمار المنافسة داخل أروقة الاتحاد الأفريقي، وفق ما أكد مصدر رسمي لـ«الشرق الأوسط». كما خرجت من الحكومة وزيرة الإسكان والعمران، خديجة بنت بوكه.
وكان من أبرز الأسماء التي دخلت الحكومة آمال بنت الشيخ عبد الله، ابنة الرئيس الراحل سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، الذي حكم البلاد ما بين 2007 و2008، وكان الرئيس الموريتاني المدني المنتخب الوحيد في تاريخها. وتولت بنت الشيخ عبد الله منصب وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي، وهو اعتبر تعييناً كبيراً عليها، باعتبار أنها لا تملك خبرة في المجال، وبدأت مسارها المهني عام 2007 حين كانت مستشارة لوالدها خلال رئاسته، وكلفها العلاقات مع وسائل الإعلام. لكن بعد الانقلاب العسكري الذي أطاح والدها عام 2008، برزت بنت الشيخ عبد الله قيادية في اللجان الإعلامية للمعارضة، وكانت المتحدثة باسم مرشح المعارضة في انتخابات 2009، لكنها بعد ذلك ابتعدت عن السياسة.
وشمل التعديل الحكومي أيضاً تعديلات في هيكلة الحكومة، حيث أنشئت وزارة جديدة للبيطرة، بعد أن كانت تتبع وزارة التنمية الريفية. كما أنشئت وزارة جديدة للتحول الرقمي والابتكار وعصرنة الإدارة، ووزارة جديدة للتشغيل والتكوين المهني.
وتباينت مواقف الموريتانيين من التعديل الحكومي، الذي جرى باقتراح من الوزير الأول محمد ولد بلال، خاصة أن الحكومة تواجه انتقادات بسبب التأخر في تنفيذ تعهدات الرئيس الانتخابية، وهو ما تبرره الجهات الرسمية بالتداعيات الصعبة لجائحة «كورونا».
من جهة أخرى، تزامن التعديل الوزاري مع التحقيق مع الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز حول تهم فساد وغسل أموال، وجهت إليه من طرف النيابة العامة في شهر مارس (آذار) الماضي، ويخضع للإقامة الجبرية منذ منتصف مايو (أيار) الحالي في بيته بنواكشوط.
ومثُل ولد عبد العزيز أمام النيابة العامة بمحكمة نواكشوط الغربية، أمس، وفق ما أكد أحد محاميه لـ«الشرق الأوسط»، لكنه رفض إعطاء أي تفاصيل حول الاستدعاء الأول من نوعه، منذ وضع الرئيس السابق تحت الإقامة الجبرية.
ويرفض ولد عبد العزيز التهم الموجهة إليه، ويرى فيها نوعاً من «الاستهداف السياسي»، بينما تقول الحكومة إنها لا تتدخل في الملف المعروض أمام العدالة.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.