قيادات إخوانية منشقة تقدم مشروعًا قوميًا للرئيس المصري لمحاربة التطرف

الخرباوي لـ«الشرق الأوسط» بعد لقاء السيسي: مفهوم الإرهاب أوسع من «الإخوان»

المحامي ثروت الخرباوي
المحامي ثروت الخرباوي
TT

قيادات إخوانية منشقة تقدم مشروعًا قوميًا للرئيس المصري لمحاربة التطرف

المحامي ثروت الخرباوي
المحامي ثروت الخرباوي

كشف القيادي المنشق عن جماعة الإخوان المسلمين في مصر، المحامي ثروت الخرباوي، عن تفاصيل لقاء جمعه هو وقياديين آخرين منشقين عن جماعة الإخوان هما: الدكتور كمال الهلباوي، والمحامي مختار نوح، مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مساء أول من أمس في قصر الاتحادية الرئاسي (شرق القاهرة).
وقال الخرباوي في تصريحات مع «الشرق الأوسط» أمس، إن «الرئيس السيسي التقى بنا لأننا عشنا مشروع الإسلام السياسي والتطرف.. وكنا قد قمنا بإعداد الكثير من الدراسات والأبحاث من واقع التجربة لمواجهة التطرف والإرهاب فكريا.. وهذا ما عرضناه على الرئيس»، نافيا ما تردد عن أن لقاءهم مع الرئيس كان بخصوص جماعة الإخوان المسلمين، قائلا: «مفهوم الإرهاب أوسع من الإخوان».
ولفت القيادي المنشق عن جماعة الإخوان إلى أن «الرئيس السيسي حريص على أن يلتقي مع كل أصحاب الأفكار الذين يحملون أفكارا لمواجهة هذا المشروع أي مشروع التطرف.. جلس معنا ليسمع منا».
وكان الخرباوي قد نشر على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» أمس، أن «الرئيس السيسي تحاور معنا في عدة قضايا وموضوعات ذات أهمية»، مستطردا: «استمر اللقاء ثلاث ساعات تناقشنا خلالها في موضوعات غاية في الأهمية، وملخص اللقاء أنه كان غير عادي مع رجل غير عادي، غاية ما أستطيع قوله إنك يجب أن تطمئن على مصر مع هذا الرجل، ولكن يجب أن نعمل جميعا حتى لا نتركه وحده يواجه المستحيل».
ونفى ثروت الخرباوي، ما تردد عن أن لقاءهم مع الرئيس كان بخصوص جماعة الإخوان، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «جماعة الإخوان المسلمين لم تكن ضمن موضوع اللقاء مع الرئيس السيسي».
وذكرت تقارير مصرية أمس نقلا عن مصادر منشقة عن جماعة الإخوان المسلمين، إن القيادات الثلاثة المنشقة عن الجماعة، التقوا الرئيس وطالبوه بالعفو عن التائبين من الجماعة داخل السجون.. وأن القيادات المنشقة قدموا تصورا لاحتواء أبناء التيار الإسلامي لإبعادهم عن الفكر التكفيري وحمايتهم من الانضمام إلى الكيانات الإرهابية والمتشددة، وأنهم طلبوا الرئيس السيسي الإفراج عن الموقعين على إقرارات التوبة ضمن الشباب المعفو عنهم بقرارات رئاسية.
لكن المحامي الخرباوي نفى ذلك كليا، قائلا: إن «لقاء السيسي لم يتطرق لموضوع السجون والمراجعات والتوبة على الإطلاق». وصدرت أحكام بالإعدام بحق قادة جماعة الإخوان وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع. وتتوزع أغلب قيادات الإخوان وفي مقدمتهم الرئيس الأسبق محمد مرسي حاليا بين السجون، ويختفي بعضهم الآخر عن الأنظار. وأعلنت الحكومة المصرية رسميا الإخوان المسلمين «جماعة إرهابية» بعد أن اتهمتها بتنفيذ تفجيرات وأعمال عنف مسلحة، عقب عزل مرسي في يوليو (تموز) من العام قبل الماضي، قتل خلالها المئات من الأشخاص بينهم عناصر تابعة للجيش والشرطة.
وتردد مؤخرا أن «قيادات من الجماعة وشبابها عرضوا على الدولة التصالح معها كنوع من المراجعات الفكرية، في مقابل التوقيع على إقرارات بالتوبة وعدم اللجوء للعنف من جديد».
وقال ثروت الخرباوي إن «الشخصيات الثلاثة التي جلست مع الرئيس ضد مسألة الصلح مع جماعة الإخوان باعتبار أن الإخوان عصابة إجرامية لا يقبل أن يتصالح معها، ولا يصح أن دولة تتصالح مع جماعة إجرامية»، مؤكدا أن موضوع ومشروع الإرهاب أوسع من جماعة الإخوان، والإرهاب ليس كله إخوان.. ومن حقنا أن ندافع عن الإسلام في مصر والعالم كله، بمحاربة مشروع التطرف الذي تقوم به الجماعات المسلحة الإرهابية.
في ذات السياق، قال عمرو عمارة، منسق حركة الشباب المنشقين عن جماعة الإخوان، إنهم «قاموا منذ شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، بحملة للمراجعات الفكرية لإنقاذ شباب الجماعة داخل السجون وخارجها»، لافتا إلى أنهم جمعوا بالفعل 1800 إقرار توبة، 300 للشباب خارج السجون و1500 داخلها.
وقال عمارة لـ«الشرق الأوسط» إن من يتحدثون الآن عن وجود إقرارات معهم بأرقام كبيرة مجرد «شو إعلامي»، لافتا إلى أنه «لا بد أن يؤخذ موضوع توبة شباب الإخوان بشكل أكثر جدية من الدولة»، محذرا من أنه «إذا لم يتم احتواء هؤلاء الشباب الذين وقعوا على إقرارات التوبة في أسرع وقت، سوف يعودون للعنف من جديد»، موضحا أن «هذه الإقرارات تأتي بمثابة الندم على التحاقهم بالجماعة، واعتذارهم للشعب المصري، نتيجة التغرير بهم على ما بدر منهم تجاهه خلال الفترة الماضية».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».