مصر اقترحت تشكيل هيئة دولية للمشروعات في غزة

شاحنات مصرية تحمل مساعدات إنسانية تعبر من معبر كرم سلوم في رفح أمس (أ.ف.ب)
شاحنات مصرية تحمل مساعدات إنسانية تعبر من معبر كرم سلوم في رفح أمس (أ.ف.ب)
TT

مصر اقترحت تشكيل هيئة دولية للمشروعات في غزة

شاحنات مصرية تحمل مساعدات إنسانية تعبر من معبر كرم سلوم في رفح أمس (أ.ف.ب)
شاحنات مصرية تحمل مساعدات إنسانية تعبر من معبر كرم سلوم في رفح أمس (أ.ف.ب)

بإعلان سريان «وقف إطلاق النار» بين الفلسطينيين والإسرائيليين، الجمعة الماضي، بدأت الاستحقاقات المترتبة على التهدئة في البزوغ على أجندة أولويات الأطراف المعنية بالقضية، وكان من أوضحها الخطوات المصرية بإعلان تخصيص 500 مليون دولار لإعادة الإعمار في قطاع غزة عبر مشاركة شركات مصرية، وكذلك التحركات المنُسقة مع الأردن لإعادة إطلاق المفاوضات بهدف «إعادة الانخراط في عملية السلام».
وتواكبت مساعي القاهرة مع توجهات واشنطن التي عبّر عنها اتصال هاتفي أجراه الرئيس الأميركي جو بايدن، مع نظيره المصري عبد الفتاح السيسي، مساء أول من أمس، وأفاد بيان مصري بأنه «تم التباحث (خلال الاتصال) حول مستجدات القضية الفلسطينية وسبل إحياء عملية السلام في أعقاب التطورات الأخيرة، وإعادة إعمار غزة وتقديم المساعدات الإنسانية الملحة». وعلى مستوى المسار الأقرب والأكثر ضغطاً، فإن «قضية إعادة الإعمار، وتثبيت الهدنة» بدت مدخلاً مهماً للأطراف كافة، غير أنها واجهت في وقت مبكر إشكالية تتعلق بـ«الجهة التي تتولى الأمر أو تمر من خلالها المخصصات». وبينما كانت المسألة أسهل نسبياً في حالة المخصصات التي أعلنتها مصر لأنها ستكون «عبر شركات» تابعة للقاهرة؛ فإن تقديم الشركاء الدوليين خصوصاً الولايات المتحدة، يضع شرطاً يتضمن «دعم جهود إعادة الإعمار بطريقة تفيد الناس هناك (في غزة) وليس حركة حماس»، على ما جاء في بيان سفارة واشنطن بالقاهرة بشأن الاتصال بين بايدن والسيسي.
وقال مصدر مصري مطلع على الملف، لـ«الشرق الأوسط»، إن «القاهرة اقترحت فكرة إنشاء هيئة دولية، تكون مصر مسؤولة عنها مع أطراف عربية أخرى، وإن تدخل الأموال من المؤسسات المانحة إلى الهيئة التي سيكون لها مراقب مالي يحدد أوجه الصرف، وبالتالي يتم تلافي أوجه الاعتراضات الأميركية والأوروبية على (حماس)». واستكمل: «سيكون هناك بالتأكيد دور للسلطة الفلسطينية، كما يمكن تقديم تطمينات لـ(حماس) بمراعاة رغباتهم في المشروعات، وفي إطار (الهيئة المقترحة) يمكن التنسيق بين القاهرة والدوحة باعتبار أن علاقاتهما أصبحت جيدة، وكذلك فإنه من المطروح بشدة تعزيز دور الأمم المتحدة حتى يمكن الحصول على مساهمات من المؤسسات الأوروبية لإعمار القطاع».
من جهته، قال المتحدث باسم حركة «حماس» عبد اللطيف القانوع، لـ«الشرق الأوسط»: «نحن على تواصل دائم مع الأشقاء في مصر لضمان إعادة إعمار ما دمره الاحتلال الصهيوني، وعدم المماطلة والتسويف كما حدث في الحرب الأخيرة عام 2014»، ويضيف: «لا يزال هناك 40 ألف وحدة متضررة لم يتم ترميمها، وبالتالي نتوافق بما يخدم مصلحة شعبنا ويُسرع وتيرة الإعمار». وبشأن ما إذا كانت «حماس» تمانع وصول مخصصات إعادة الإعمار عبر السلطة، قال القانوع: «طالما أن الأمر يخدم مصلحة الفلسطينيين، بالتأكيد لا نمانع، مع ضمان السرعة وعدم التسويف».
وبشأن الملف الثاني والمتعلق بما يعرف بـ«إعادة إحياء عملية السلام»، فإن أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور طارق فهمي يقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «الهدف الإقليمي والدولي الآن مرتبط بتثبيت الهدنة عبر تقديم تسهيلات داخل القطاع وخارجه، وهذه أمور تحتاج للوقت مع تنفيذ بعض المشروعات الأولية لتغيير المشهد داخل القطاع، مع التحسب لحدوث خروقات من أي طرف»، ويضيف: «مسارا الإعمار وإطلاق التفاوض سيمضيان بشكل منسق بما يخدم كل منهما للآخر».
ويشير فهمي إلى أن «زيارة وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، ينتظر منها أن تكشف أفكار واشنطن بشأن شكل الاتصالات وآلياتها، وذلك في غضون مدة قد لا تزيد على أسبوعين، حتى تتمكن إدارة بايدن من الحديث عن اختراق في الملفات الخارجية قبل مضي مائتي يوم على تنصيبه».
وبشأن ما إذا كان اعتراف الإدارة الأميركية السابقة بالقدس عاصمة لإسرائيل سيمثل عقبة أمام إطلاق التفاوض، عبّر فهمي عن اعتقاده بأن «التفاوض سينطلق من الأمر الواقع، وبمرجعية أميركية تتضمن وضع أولوية لأمن إسرائيل الذي تعرض للخطر خلال المواجهات الأخيرة».
وبحسب المصدر المصري، فإن «القاهرة عرضت استضافة مؤتمر في مدينة شرم الشيخ، بينما طرح الأردن عقد مؤتمر في مدينة العقبة، ويجري التنسيق بين الجانبين للدمج بين المقترحين أو اختيار أيهما، مع التأكيد على انفتاحهما على كل الخيارات في إطار التنسيق رفيع المستوى والثقة المتبادلة».



خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.