محادثات فيينا لإحياء الاتفاق النووي تبدأ جولتها الخامسة

كبير المفاوضين الإيرانيين عباس عراقجي عقب انتهاء جلسة مفاوضات حول الاتفاق النووي الإيراني في فيينا (أ.ف.ب)
كبير المفاوضين الإيرانيين عباس عراقجي عقب انتهاء جلسة مفاوضات حول الاتفاق النووي الإيراني في فيينا (أ.ف.ب)
TT

محادثات فيينا لإحياء الاتفاق النووي تبدأ جولتها الخامسة

كبير المفاوضين الإيرانيين عباس عراقجي عقب انتهاء جلسة مفاوضات حول الاتفاق النووي الإيراني في فيينا (أ.ف.ب)
كبير المفاوضين الإيرانيين عباس عراقجي عقب انتهاء جلسة مفاوضات حول الاتفاق النووي الإيراني في فيينا (أ.ف.ب)

غداة تمديد الاتفاق الموقت بين طهران والوكالة الدولية، بدأت الجولة الخامسة من المحادثات الرامية لإحياء الاتفاق النووي أعمالها في فيينا اليوم (الثلاثاء)، وحذر كبير المفاوضين الإيرانيين عباس عراقجي من أنه ما زالت هناك قضايا خطيرة لم تُحل.
وتتفاوض إيران والدول الكبرى منذ أبريل (نيسان) للاتفاق على الخطوات التي يتعين على طهران وواشنطن اتخاذها بشأن العقوبات والأنشطة النووية للعودة إلى الالتزام الكامل بالاتفاق النووي.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن «واشنطن ما زالت لا تعرف ما إذا كانت إيران مستعدة وقادرة على اتخاذ قرارات للعودة للالتزام الكامل بالاتفاق النووي»، حسب وكالة رويترز للأنباء.
وأجرى عراقجي، مشاورات مع كل من المدير السياسي للاتحاد الأوروبي منسق المحادثات إنريكي مورا، وسفير روسيا لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية ميخائيل أوليانوف.
وفور وصوله إلى فيينا، قال عراقجي في نبرة حذرة للتلفزيون الإيراني إنه «ما زالت هناك قضايا خطيرة ومهمة تحتاج إلى حل». وأضاف: «اليوم سنبدأ المفاوضات من جديد ونأمل أن نتمكن خلال الأيام القليلة من المحادثات من التوصل إلى حلول نهائية».
وكتب أوليانوف عبر «تويتر» أن «اللجنة المشتركة للاتفاق النووي، بدأت الجولة الخامسة، وربما الأخيرة من مفاوضات فيينا بشأن إحياء الاتفاق النووي»، واضاف: «أعرب المشاركون عن استعدادهم لبذل قصارى جهدهم لحل القضايا العالقة المتبقية واستكمال المفاوضات بنجاح في أسرع وقت ممكن».
في طهران، عبر المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي ربيعي عن تفاؤله بتوصل طهران إلى اتفاق قريباً في محادثات مع الدول الكبرى لإحياء الاتفاق النووي.
ونقلت وكالة «رويترز» للأنباء عن ربيعي قوله في مؤتمر صحافي بثه موقع إلكتروني تديره الدولة: «تم التوصل إلى توافقات عامة بشأن أوجه الخلاف الكبرى. والقضايا المتبقية في ما يتعلق برفع العقوبات بسيطة للغاية. وبالنظر إلى عملية التفاوض، فإننا متفائلون بشأن حل القضايا الصغيرة والعملية المتبقية».
وقال رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية علي أكبر صالحي إن «أيدي إيران ممتلئة في مفاوضات فيينا، من الجانب التقني»، مشيراً إلى امتلاك بلاده أنشطة تخصيب يورانيوم تتراوح نسبها بين 60 في المائة و20 في المائة و5 في المائة، إضافة إلى تشغيل أجهزة الطرد المركزي من الجيل السادس «IR - 6» والقدرة على إنتاج معدن اليورانيوم، حسب ما نقلت عنه وكالة «أرنا» الرسمية.
وقال صالحي إن المفاوضات «تسير بشكل جيد»، لافتاً إلى تمديد مذكرة التفاهم مع المدير العام للوكالة الدولية رافائيل غروسي، بعدما انتهت في وقت سابق من هذا الأسبوع.



تحقيقات جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي: أحداث 7 أكتوبر كان ممكناً منعها

قوات الأمن الإسرائيلية تقف في موقع هجوم طعن بالقدس (رويترز)
قوات الأمن الإسرائيلية تقف في موقع هجوم طعن بالقدس (رويترز)
TT

تحقيقات جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي: أحداث 7 أكتوبر كان ممكناً منعها

قوات الأمن الإسرائيلية تقف في موقع هجوم طعن بالقدس (رويترز)
قوات الأمن الإسرائيلية تقف في موقع هجوم طعن بالقدس (رويترز)

نشر جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) ملخصاً لتحقيقاته في إخفاقاته خلال الفترة التي سبقت هجوم جماعة «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وخلص إلى وجود إخفاقات داخل المنظمة، لكنه أشار في الغالب إلى عناصر خارجية مثل التقسيم غير الواضح للمسؤوليات مع الجيش الإسرائيلي، وسياسة حكومية دفاعية مفرطة فيما يتعلق بغزة على مرِّ السنين، وعدم ملاءمة جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي لمواجهة عدو يشبه في طريقة قتاله «حماس»، وفق ما نقلته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل».

ويقول جهاز الأمن إن هناك حاجة إلى تحقيق أوسع نطاقاً، وهو تلميح محتمل إلى الحاجة المتصورة إلى لجنة تحقيق حكومية، التي رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تأسيسها.

ويقول الجهاز إن كثيراً من نتائج التحقيق لا يزال سرِّياً، لأنها ستكشف عن أدوات وأساليب استخباراتية سرية لدى «شين بيت».

وقد توصَّل التحقيق إلى أن «شين بيت» فشل في توفير تنبيه للهجوم الواسع النطاق الذي شنَّته «حماس» في السابع من أكتوبر. ولم تسفر إشارات التحذير التي تلقاها «شين بيت» في ليلة السادس من أكتوبر عن اتخاذ إجراءات كبرى من الأجهزة الإسرائيلية.

وبينما تمكَّن فريق صغير من ضباط النخبة من «شين بيت»، والشرطة الإسرائيلية الذين تم نشرهم على حدود غزة قبل الهجوم من المساهمة في القتال، فإنهم لم يتمكَّنوا من منع الهجوم الضخم الذي شنَّته «حماس».

رونين بار رئيس جهاز الأمن الداخلي (شين بيت) يشارك في حفل أُقيم في متحف ياد فاشيم للهولوكوست في القدس يوم ذكرى الهولوكوست... 5 مايو 2024 (متداولة)

أسباب الفشل

يشير التحقيق إلى أسباب عدة، تتعلق بالاحتراف والإدارة لدى الأجهزة الإسرائيلية، التي أسهمت في الفشل في صدِّ هجوم 7 أكتوبر. ويقول «شين بيت»: «تم فحص الفشل التنظيمي بدقة، وتم تعلم الدروس، وما زال يتم تعلمها».

بالإضافة إلى ذلك، وجد التحقيق أن «شين بيت» لم يقلل من شأن «حماس»، بل على العكس من ذلك، حيث كان لدى الجهاز «فهم عميق للتهديد، وكانت لديه مبادرات ورغبة في إحباط التهديد، خصوصاً (القضاء) على قادة (حماس)».

وبحسب التحقيقات، فإن هناك أسباباً عدة وراء عدم قيام جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) بإعطاء أي إنذار مسبق للهجوم الشامل الذي شنَّته «حماس»:

- خطط «حماس» للغزو البري، التي حصل عليها الجيش الإسرائيلي في وثيقة تُعرَف باسم «أسوار أريحا»، لم يتم التعامل معها بشكل صحيح على مدى سنوات عدة، ولم يتم تحويل الخطط إلى سيناريو يتدرب عليه الجيش وجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي.

- عدم وضوح تقسيم المسؤولية بين الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي فيما يتعلق بالمنظمة التي ينبغي لها أن تقدم إنذاراً للحرب، وسط تحوّل «حماس» من جماعة عسكرية صغيرة إلى قوة عسكرية كاملة.

- وفق التحقيق، كان تركيز جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) على إحباط الهجمات الإرهابية، ولم تكن أساليبه قابلةً للتطبيق على عدو يتصرف كجيش.

- خلال الليل بين السادس والسابع من أكتوبر، كانت هناك فجوات في «التعامل مع المعلومات ودمج الاستخبارات»، فضلاً عن العمليات التي لم تتبع البروتوكول المعتاد، ونقص «الاندماج» مع استخبارات الجيش الإسرائيلي.

- كانت هناك فجوات في عمل آليات الإشراف الاستخباراتي.

- كان التقييم هو أن «حماس» كانت تحاول تسخين الوضع بالضفة الغربية، ولم تكن مهتمةً بفعل ذلك في قطاع غزة.

- كان لدى «شين بيت» «فهم غير صحيح» لقوة الحاجز الحدودي الإسرائيلي مع غزة وقدرة الجيش الإسرائيلي على الرد.

- لم يتم التشكيك في نوايا «حماس» المزعومة بشكل كافٍ في أثناء التقييمات.

- كانت المعلومات الاستخباراتية قليلة نسبياً، بما في ذلك نتيجة لحرية العمل المحدودة في قطاع غزة، خصوصاً من قبل «شين بيت» بشكل مستقل.

بناء قوة «حماس»

كما توصَّل تحقيق «شين بيت» إلى أسباب عدة مكَّنت «حماس» من بناء قواتها لهجوم السابع من أكتوبر، واتخاذ القرار بتنفيذ الهجوم وفق تحقيقات جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي:

- كانت سياسة إسرائيل تجاه غزة تتمثل في الحفاظ على فترات من الهدوء، الأمر الذي مكَّن «حماس» من بناء قوة هائلة.

- تدفق الأموال إلى غزة وتسليمها إلى الجناح العسكري لحركة «حماس».

- التآكل المستمر لردع إسرائيل.

- وبحسب التحقيق، محاولة التعامل مع منظمة «إرهابية» على أساس الاستخبارات والتدابير الدفاعية، مع تجنب المبادرات الهجومية.

- ومن بين العوامل المُحفِّزة لقرار «حماس» بتنفيذ الهجوم، الانتهاكات الإسرائيلية على الحرم القدسي، والموقف تجاه السجناء الفلسطينيين، والإدراك بأن المجتمع الإسرائيلي أصبح ضعيفاً.

رئيس «شين بيت» الإسرائيلي رونين بار (يمين) ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي حينها الفريق أول هرتسي هاليفي (يسار) يجريان تقييماً مع كبار الضباط في خان يونس جنوب قطاع غزة... 11 ديسمبر 2023 (الجيش الإسرائيلي)

رئيس «شين بيت»: أتحمّل المسؤولية

وفي بيان مصاحب، قال رئيس «شين بيت»، رونين بار، إن الوكالة «لم تمنع مذبحة السابع من أكتوبر... وبصفتي رئيساً للمنظمة، سأتحمل هذا العبء الثقيل على كتفي لبقية حياتي».

وأضاف: «كشف التحقيق أنه لو تصرف جهاز (شين بيت) بشكل مختلف، في السنوات التي سبقت الهجوم وخلال ليلة الهجوم - سواء على المستوى المهني أو المستوى الإداري - لكان من الممكن تجنب المذبحة. هذا ليس المعيار الذي توقَّعناه من أنفسنا، أو الذي توقَّعه الجمهور منا».

وتابع: «يظهر التحقيق أن جهاز (شين بيت) لم يقلل من شأن منافسنا، بل على العكس من ذلك، فقد أخذ زمام المبادرة، وذهب إلى الهجوم وحاول قطع التهديد في مهده ، ولكن على الرغم من كل هذا، فشلنا».

ويضيف بار أن التحقيق الحقيقي في الإخفاقات يتطلب تحقيقاً أوسع نطاقاً يجسد أيضاً الاتصال والتعاون بين العناصر الأمنية والسياسية.

ويقول: «إن الطريق إلى الإصلاح، كما أكد التقرير، يتطلب عملية واسعة من الوضوح والحقيقة». وأضاف: «لذلك طلبت من لجنة التحقيق والقيادة العليا للوكالة التحقيق ومناقشة، ليس فقط الأسباب التي أدت إلى فشل الخدمة، بل أيضاً إلقاء نظرة واسعة على جميع عمليات العمل ذات الصلة في المنظمة، بوصفها جزءاً من الدروس المستفادة وفرصةً للتغيير الشامل. لكن هذا يتطلب أيضاً الاستعداد للتغيير في الواجهة السياسية والأمنية، وإلا فإن الفشل قد يعود في المستقبل».

وأضاف: «أعتقد أن هذه المنظمة قوية، ومستقرة، ومتواضعة، وقيمها أكثر احترافية مما كانت عليه عشية المذبحة».