بعد أيام من إعلان عدد من الفصائل المسلحة في العراق عن انتهاء الهدنة التي عقدت بوساطة من قبل سياسيين عراقيين، مما يمهد لاستئناف العمليات ضد القوات الأميركية، تعرضت قاعدة عين الأسد في محافظة الأنبار (غرب العراق) إلى قصف صاروخي. وطبقاً لخلية الإعلام الأمني، فإن القاعدة «تعرضت لإطلاق صاروخي دون حدوث خسائر».
ومن جهته، أعلن التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة، عن إجراء تحقيق في القصف الصاروخي للقاعدة التي تضم قوات أميركية. وقال المتحدث باسم التحالف، واين ماروتو، في تغريدة له على موقع «تويتر»، إن «قاعدة عين الأسد الجوية تعرضت لقصف صاروخي، ولم يبلغ عن وقوع إصابات». وأضاف أن «كل هجوم على حكومة العراق، وعلى حكومة كردستان والتحالف، يقوض سلطة المؤسسات العراقية، وسيادة القانون، والسيادة الوطنية العراقية».
يذكر أن الحكومة العراقية كانت قد أعلنت أن الجهد الاستخباري الخاص في مجال التعرف على الجهات المسؤولة عن إطلاق الصواريخ اقترب من النهاية. وقال الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة، اللواء يحيى رسول، في تصريح له أمس (الاثنين)، إن «هناك جهداً استخبارياً كبيراً»، مؤكداً أن «الأجهزة الاستخباراتية توصلت إلى كثير من النقاط المهمة. وبعد إكمال التحقيق، فهي من تقرر إعلان نتائج التحقيق».
وتعد هذه هي المرة الأولى التي تعلن فيها جهة رسمية عراقية أنها بدأت تقترب من إعلان النتائج في هذا الخصوص، وهو أمر في حال إعلانه سيكون مرحلة مهمة في مواجهة الفصائل المسلحة.
ويأتي الإعلان عن قرب التوصل إلى هويات الجهات التي تطلق الصواريخ بعد أيام من الإعلان عن قيام إيران بتشكيل فصائل نوعية جديدة، طبقاً لما أوردته وكالة «رويترز»، ولم تؤكده الجهات المقصودة أو تنفه.
ومن جهته، أكد الدكتور حسين علاوي، مستشار رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لشؤون إصلاح القطاع الأمني، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «العلاقة بين العراق والتحالف الدولي علاقة فاعلة، في ضوء الحرب على فلول (داعش)، والتعاون في مجال المعلومات الاستخبارية للقضاء على حركة فلول التنظيم في الأراضي العراقية، وبناء قدرات القوات المسلحة العراقية».
وأضاف علاوي أن «الحكومة العراقية استطاعت، من خلال الحوار الاستراتيجي العراقي - الأميركي في مرحلته الثالثة التي قادها رئيس الوزراء بنفسه، بعد مرحلتين من الحوار قبلها، التوصل إلى تخفيض عدد المستشارين من 5200 إلى 2500»، مبيناً أنه «تم التوصل إلى صيغة من العمل على شراكة استراتيجية لوضع جدول زمني لخفض عدد المستشارين، والعودة بالعلاقات العراقية - الأميركية إلى مرحلة ما قبل سقوط الموصل في 2014، حيث لا وجود لقوات قتالية في العراق كما يروج له، ولكن هنالك بعثة غير قتالية تعمل تحت أمرة قيادة العمليات المشتركة، بإشراف القائد العام للقوات المسلحة».
وأوضح أن «اتفاقية الإطار الاستراتيجي بين جمهورية العراق والولايات المتحدة ستكون الحاكمة باللجان الست في مجال السياسة والاقتصاد والطاقة والأمن والتعليم والصحة والتبادل الثقافي»، مبيناً أن «حكومة الكاظمي استطاعت نقل العلاقات العراقية - الأميركية من فضاء الأمن إلى التعاون الشامل، مع وضع أولوية لدعم الاقتصاد العراقي، عبر مساندة إجراءات الورقة البيضاء من خلال لجنة الاتصال الدولي وصندوق النقد الدولي، بالإضافة إلى دعم الانتخابات المقبلة من خلال تقديم الدعم الفني عبر الأمم المتحدة وممثليتها في العراق». كان رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، قد التقى الأسبوع الماضي قائد القيادة الأميركية المركزية، الجنرال كينيث ماكينزي، وبحث معه مستقبل العلاقة بين العراق والولايات المتحدة الأميركية، في ضوء نتائج الجولة الثالثة من الحوار الاستراتيجي بين الطرفين. وتم خلال اللقاء الاتفاق على عقد الجلسة الأولى للجنة الفنية المتخصصة، وذلك لوضع آليات تطبيق مخرجات الجولة الثالثة من الحوار الاستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة، والمضي بسحب القوات المقاتلة للتحالف الدولي من العراق. كما جرت مناقشة الأطر الأخرى للعلاقة الأمنية بين البلدين، في مجالات التدريب والدعم اللوجيستي وتبادل المعلومات، بالشكل الذي يدعم قدرات المؤسسة العسكرية العراقية، بما يمكنها من الوصول إلى الاعتماد على نفسها في مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية. لكن يبدو أن هذا الاتفاق بين الكاظمي وماكينزي قد أثار حفيظة الأطراف المعارضة للوجود الأميركي في العراق من الفصائل المسلحة، سواء التي لها عناوين معروفة مثل «كتائب حزب الله» أو غيرها ممن توقع بياناتها بعناوين مختلفة، مثل «تنسيقية المقاومة العراقية»، وهو آخر العناوين التي أعلنت رفضها لما عدته تسويفاً على صعيد إمكانية انسحاب الأميركيين من العراق. وقالت «كتائب حزب الله»، في بيان لها، إنها سوف تقوم بتصعيد عملياتها ضد القوات الأميركية خلال الفترة المقبلة، وأضافت أن «المقاومة منحت الحكومة العراقية أكثر من فرصة في مفاوضاتها مع الأميركيين»، مبينة أن «ما نتج عن جولتي التفاوض بخصوص مصير القوات الأجنبية كان سيئاً مؤسفاً».
وفي موازاة ذلك، توعدت أطراف أخرى صنفت نفسها على أنها «تنسيقية المقاومة العراقية» بتصعيد عملياتها، مشيرة في بيان لها إلى أنه «بعد وساطات عدة من بعض السياسيين العراقيين، منحت المقاومة أكثر من فرصة للحكومة العراقية التي تجري مفاوضات مع الجانب الأميركي بخصوص مصير القوات الأجنبية، لكن ما نتج عن جولتيها، لا سيما في مهزلة الجولة الثانية، كان سيئاً مؤسفاً للغاية». وتابعت أن «استمرار وجود قوات الاحتلال الأميركي بقواعدها على الأرض، وسيطرتها على السماء، هو انتهاك مستمر للدستور العراقي الذي يمنع ذلك صراحة، وهو عدم احترام لإرادة الملايين من أبناء هذا البلد، ومخالفة صريحة لقرار مجلس النواب العراقي». وأوضحت أن «الإدارة الأميركية، برفضها خروج قواتها، قد أرسلت لنا الرسالة الواضحة بأنهم لا يفهمون غير لغة القوة».
يذكر أنه على الرغم من تكرار الهجمات الصاروخية المستمرة منذ أكثر من سنتين ضد السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء، قبل أن تتوقف منذ شهور، مع استمرار قصف مواقع أخرى يشك في وجود أميركيين فيها، في مطار بغداد أو قاعدة بلد، فإن أي جهة مسلحة لم تعلن مسؤوليتها عنها.
قصف صاروخي جديد لقاعدة «عين الأسد» غرب العراق
قصف صاروخي جديد لقاعدة «عين الأسد» غرب العراق
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة