جهود مصرية مكثفة لاستيعاب عودة الفارين من ليبيا ذبحا

انتحار شاب بعد ساعات من وصوله يقرع «جرس إنذار»

جهود مصرية مكثفة لاستيعاب عودة الفارين من ليبيا ذبحا
TT

جهود مصرية مكثفة لاستيعاب عودة الفارين من ليبيا ذبحا

جهود مصرية مكثفة لاستيعاب عودة الفارين من ليبيا ذبحا

تسابق الحكومة المصرية الوقت من أجل إيجاد حلول عاجلة لاستيعاب المصريين العائدين من ليبيا في ظل محاذير استباقية من أزمة ربما تتضخم على أرض الواقع يوما بعد يوم، وبينما تسعى مختلف الوزارات المصرية للعمل على تلافي آثار المشكلة في ظل عودة الآلاف وتأزم وضع عشرات الآلاف غيرهم من العالقين، قرعت حادثة انتحار شاب مصري عاد لتوه من ليبيا «جرس إنذار» مبكر في مصر.
وأمس، وافقت الحكومة المصرية على تشكيل لجنة وزارية لدراسة آلية تعامل الدولة مع الوفيات الناتجة عن الحوادث الإجرامية على يد الجماعات الإرهابية في ليبيا، من حيث وضع معايير محددة للتعامل مع هذه الحالات، تتفق مع ظروف كل حادث.
وكان الإعلان عن مقتل 21 مصريا ذبحا على يد تنظيم داعش في مدينة سرت الليبية منتصف الشهر الحالي قد فجر الأزمة، التي ردت عليها مصر بضربة جوية قوية على معاقل التنظيم في درنة، ما عجل من التحركات الحكومية لإجلاء المصريين من ليبيا خشية تعرضهم لعمليات انتقامية، خاصة في ظل الانفلات الأمني الذي تشهده ليبيا أخيرا.
ومنذ ذلك الحين حتى يوم أمس، عاد نحو 20 ألف مصري من ليبيا إلى الأراضي المصرية، بحسب تأكيدات مسؤولين حكوميين لـ«الشرق الأوسط». ويستقبل منفذ السلوم الحدودي أكثر من ألفي مصري يوميا في المتوسط ممن ينجحون في المرور عبر الأراضي الليبية شرقا، بينما يغادر آخرون غربا إلى تونس، حيث تقيم القاهرة جسرا جويا لنقلهم إليها.
وبينما تعمل الجهات الأمنية على تسهيل الإجراءات على العائدين، برا وجوا، خاصة أن كثيرا منهم يغادر الأراضي الليبية من دون أوراق ثبوتية جراء الأوضاع المضطربة هناك، إلا أن السلطات تدقق في تلك الإجراءات في ذات الوقت. وأكد مصدر أمني بمطار القاهرة الجوي لـ«الشرق الأوسط» أنه جرى ضبط عدد من المطلوبين من بين العائدين من الهاربين من تنفيذ أحكام قضائية صدرت ضدهم، يقدر بنحو 10 أفراد حتى عصر أمس؛ كما «تشدد السلطات الأمنية لتلافي تسلل عناصر تمثل خطورة أمنية إلى داخل البلاد».
في غضون ذلك، فجر انتحار شاب مصري مساء أول من أمس حالة من الجدل الواسع في مصر بعد أن اكتشفت السلطات الأمنية أنه عاد لتوه من ليبيا. وكان الشاب المصري عاد إلى مصر ضمن العائدين يوم الاثنين الماضي، وعقب ساعات من وصوله إلى القاهرة، انتحر عبر إلقاء نفسه من فوق أحد الجسور بالعاصمة المصرية.
وبتفتيش الجثمان، كشفت تحريات النيابة عن وجود بطاقة خروج من مطار جربا الدولي التونسي بحوزة المنتحر، وتذكرة حجز قطار من القاهرة إلى محافظة المنيا في صعيد مصر. وأفادت مصادر قريبة من الشاب أنه عاد على عجالة من ليبيا من دون كامل مدخراته، ونظرا لغموض المستقبل في ظل حالة اقتصادية ضاغطة تعانيها مصر ومعدل بطالة مرتفع، فإنه على الأرجح دخل في حالة من الاكتئاب الحاد وانتحر.
ورغم أن حالة الشاب المنتحر هي «حالة فردية»، فإنها تكشف عن خطوط لأزمة تتشكل في الأفق. ويبدو أن الحكومة المصرية تسعى جاهدة لوضع حلول مبكرة لتلافيها قدر الإمكان.
وتتابع وزارة القوى العاملة والهجرة الموقف من جانبها بدءا من الحدود المصرية - الليبية، وشكلت الوزيرة ناهد عشري مجموعة عمل لاستقبال العائدين بمنفذ السلوم، لإجراء بحث عاجل لحالاتهم، وتوجيههم لفرص العمل المتوفرة بوزارة القوى العاملة والهجرة بالمشروعات المختلفة، خاصة أن أغلب العائدين يعملون في مهن يدوية وأعمال التشييد والبناء، مما يصعب معه إيجاد بدائل من جانبهم بصورة مستقلة.
كما تعمل الحكومة المصرية أيضا على توفير أماكن بالمدارس لأبناء العائدين، إضافة إلى تحديد الأضرار الواقعة على العائدين، للمطالبة بالتعويضات الخاصة بهم عندما تسمح الظروف بذلك وتستقر الأوضاع في ليبيا، حفاظا على حقوقهم.
وبينما تتابع الإدارة المصرية ملف العائدين بعين، تضع الأخرى على باقي المصريين الموجودين في داخل ليبيا، الذين لا تقل أعدادهم بحسب التقديرات عن 500 ألف مصري.
وتقول مصادر حكومية مسؤولة إن بعض المصريين لا يرغب في العودة بإرادته، وهو أمر لا يمكن إكراههم فيه.. بينما تؤكد عائلات عدد كبير من المصريين أنهم عالقون هناك نظرا للاضطرابات الأمنية، وخاصة في المناطق الغربية من ليبيا التي لا تخضع للحكومة الشرعية التي تنسق أمنيا مع نظيرتها المصرية. لكن المصادر الحكومية والأمنية المصرية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أنها تفعل «كل ما يمكن من أجل تأمين المصريين في ليبيا، والدولة لن تترك أبناءها في مأزق».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.