سفيرا السعودية وقطر يباشران مهامهما من عدن.. والزياني بحث مع هادي تطورات الأزمة

مستشار هادي لـ («الشرق الأوسط») : ندعو إلى نسخة جديدة من المبادرة الخليجية > بان كي مون أجرى اتصالات بالحوثيين لإطلاق بحاح والصايدي

سفيرا السعودية وقطر يباشران مهامهما من عدن.. والزياني بحث مع هادي تطورات الأزمة
TT

سفيرا السعودية وقطر يباشران مهامهما من عدن.. والزياني بحث مع هادي تطورات الأزمة

سفيرا السعودية وقطر يباشران مهامهما من عدن.. والزياني بحث مع هادي تطورات الأزمة

قال مصدر خليجي لـ«الشرق الأوسط» إن السفيرين السعودي والقطري في اليمن زاولا مهام أعمالهما من عدن أمس، حيث يقيم الرئيس الشرعي لليمن عبد ربه منصور هادي بعد الانقلاب الحوثي في العاصمة صنعاء.
وأضاف المصدر أن بقية السفراء الخليجيين سيزاولون العمل الدبلوماسي في عدن بعد إكمال المقار الخاصة بأعمالهم في أقرب وقت.
وأشار المصدر الذي رافق وفد مجلس التعاون الخليجي لدى زيارته للرئيس هادي في عدن، إلى أن دول الخليج أرادت أن تبعث برسالة تأييد ومساندة للشعب اليمني الرافض للانقلاب الحوثي وللرئيس هادي الذي يمارس أعماله الدستورية بصفته رئيسا للبلاد في عدن.
يأتي ذلك في وقت التقى فيه الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في القصر الجمهوري في عدن أمس، الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج والوفد المرافق الذي ضم سفراء دول مجلس التعاون لدى اليمن ومبعوث الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثة مجلس التعاون في صنعاء ووفدا رسميا.
وقالت مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط»: «إن المسؤول الخليجي أكد للرئيس هادي الدعم المطلق لدول مجلس التعاون الخليجي للرئيس ولليمن لتجاوز محنته الراهنة»، ووقوف دول المجلس «إلى جانب الشرعية المتمثلة في الرئيس وما يتخذه من قرارات والمؤسسات التي تتبع له وتأتمر بأمره»، وتناولت المباحثات موضوع فترة الإقامة الجبرية التي قضاها هادي في منزله بصنعاء وتمكنه من المغادرة إلى عدن، وما ستكون عليه الأوضاع في المرحلة المقبلة وما تحتاج إليه من قرارات ودعم إقليمي ودولي لبسط الشرعية على كل الأراضي اليمنية، وحسب المصادر، فقد جرى التطرق إلى موضوع إدارة شؤون الدولة من عدن في الفترة الراهنة والمقبلة والتعاطي الدبلوماسي الدولي مع الأمر من خلال عمل السفارات والقنصليات العربية والأجنبية من عدن «مؤقتا»، وقالت المصادر إن هادي أكد لضيفه الخليجي الكبير، التمسك بوحدة اليمن وبالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وبمخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي شاركت فيه كل ألوان الطيف السياسي اليمنية والمنظمات والمرأة والشباب وكان جامعا لليمنيين لأول مرة في تاريخهم».
وفي سياق متصل، كشف مصدر يمني أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أجرى اتصالات مباشرة مع المتمردين الحوثيين من أجل رفع الإقامة الجبرية في صنعاء عن رئيس الحكومة خالد بحاح، ووزير الخارجية عبد الله الصايدي، مؤكدا إمكانية رفع الحظر عنهما خلال الأيام القليلة المقبلة.
من جهة ثانية أصدر هادي قرارا جمهوريا بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة والأمن بتشكيل غرفة عمليات خاصة أطلق عليها تسمية «غرفة عمليات 22 مايو»، تيمنا بتاريخ قيام الوحدة اليمنية بين شطري البلاد، الشمالي والجنوبي، في 22 مايو (أيار) عام 1990، وتتبع غرفة العمليات مباشرة القائد الأعلى، وحسب الوثيقة، فإن القرار الموجه إلى قيادة وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة وإلى قادة القوى والمناطق وقيادة قوات الاحتياط والعمليات الخاصة والوحدات المستقلة «اعتماد غرفة عمليات 22 مايو التابعة للقائد الأعلى وبضرورة قيام هذه الأطراف بتنفيذ مهامها وواجباتها الروتينية لحفظ الأمن والاستقرار في القطاعات المسؤولة»، وتنص التوجيهات على منع «تنفيذ أي عمليات قتالية أو تحركات أو تنقلات أو استبدالات في الوحدات العسكرية، إلا بقرار رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، عبر غرفة العمليات الخاصة به».
وقال مصدر مقرب من هادي لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه الإجراءات والقرارات التي يتخذها الرئيس اليمني من مقر إقامته في عدن، في سياق إعادة ترتيب الأوراق والبيت الداخلي لمؤسسة الرئاسة والدولة اليمنية، بصورة كاملة، بعد أن تعرضت للتدمير على يد ميليشيا (أنصار الله) الحوثيين، خلال الأشهر الماضية، بصورة بربرية تفتقد للوطنية وحس الانتماء، حيث جرى تجزئة قوات الأمن والجيش وفرزها على أساس شطري ومناطقي وحزبي ومذهبي، الأمر الذي هدد وحدة النسيج الاجتماعي لليمن بصورة عامة، وقوات الجيش والأمن التي تعتبر الدرع المنيعة، بصورة خاصة، في حين كانت تلك القوات تعاني مشكلات، أصلا، بسبب طبيعة بناء القوات المسلحة التي لم تكن علمية وتعرضت لكثير من الأخطاء في ظل حكم الرئيس السابق علي عبد الله صالح الذي اعتمد في تعييناته على الولاءات القبلية، أكثر من الاعتماد على الكفاءات والتأهيل».
وأشار المصدر، الذي رفض الكشف عن هويته، إلى أن «الرئيس هادي أخذ على عاتقه مهمة قيادة اليمن في الظرف الحساس والصعب عقب أحداث ثورة 11 فبراير (شباط) 2011، والتنازع الذي كان قائما وطبول الحرب التي كانت تدق حينها، غير أن بعض القوى أبت له الاستمرار، ومع ذلك هو يحاول ومعه الشرفاء من أبناء الوطن، في ظل الظروف الراهنة واحتلال العاصمة صنعاء من قبل الحوثيين، تجنيب اليمن المزيد من الويلات»، وأكد المصدر المقرب من هادي أن «الشعب اليمني قاطبة يدرك حجم التآمر والملفات والأجندات التي ينفذها الحوثيون ولصالح من وأنها ليست لمصلحته وأين تكمن مصلحته بالضبط»، واستطرد أن «الظروف سوف تتغير للأفضل وأن غزاة صنعاء وبعض المحافظات الشمالية لن يستمروا في غيهم وعليهم مراجعة حساباتهم إن كانوا يضعون مصلحة اليمن أمام أعينهم، كما يدعون ويقولون».
ويعتبر الحوثيون الرئيس هادي، رئيسا فاقدا للشرعية وقد أحاولوا ملفه إلى النيابة العامة للتحقيق معه، وقال لـ«الشرق الأوسط» الدكتور فارس السقاف، مستشار الرئيس عبد ربه منصور هادي بشأن هذه الخطوة التي أقدم عليها الحوثيون إنها «استمرار لسلطة الأمر الواقع التي فرضها الحوثيون وهم يحاولون الآن تكريس سلطة الأمر الواقع وترسيمها عبر الانتقال مما يسمونه الشرعية الثورية إلى الشرعية الدستورية، لكن الدستور موجود والشرعية التي كانت قائمة، وهي مستمرة، هي شرعية الرئيس هادي، لأن استقالته جاءت في ظروف معينة وحتى ولو كانت في ظروف طبيعية وعادية، فهي لم تستكمل ولم تقبل من مجلس النواب».
وأضاف السقاف أن «جدل الشرعية يجب أن يحسم ولا نريد التأسيس لهاتين الشرعيتين وأن تتخذ كل واحدة منهما مركزا وعاصمة، ثم تحضر الأمور وتدفع إلى المواجهة»، وأعرب السقاف عن اعتقاده أن الأوضاع إذا استمرت على ما هي عليه الآن «فإن المواجهة حتمية»، مشيرا إلى أن المطلوب في الوقت الراهن من كل الأطراف هو «استمرارية الحوار القائم الآن برعاية جمال بنعمر، مع بعض التعديلات ودعمها من قبل المبعوث الخليجي بضمانات جديدة»، ويدعو الدكتور فارس السقاف عن رغبته في وجود «نسخة أو طبعة جديدة ومعدلة من المبادرة الخليجية وتحتضن المبادرة الجديدة أو عملية الحوار الجديدة المستأنفة سلطنة عمان التي أرشحها وأقترحها للمشاركة لكون علاقاتها طيبة مع كل الأطراف، سواء إيران أو المملكة العربية السعودية أو اليمن».
من جهة ثانية، وحسب مصادر في عدن لـ«الشرق الأوسط»، فقد جرى تغيير حراسة المصرف المركزي في عدن والتي كانت تتبع قوات الأمن الخاصة (الأمن المركزي - سابقا) واستبدالها بمسلحين من عناصر اللجان الشعبية، وقد تزامنت زيارة الزياني مع تخفيف في حجم وأعداد ميليشيات اللجان الشعبية المنتشرة في عدن، غير أنها لم تتلاشَ بصورة كاملة، وقال سياسي جنوبي بارز في عدن لـ«الشرق الأوسط» إنه يشعر بـ«مخاوف» جراء تصرفات الرئيس عبد ربه منصور هادي في بسط سيطرته على مدينة عدن، حيث يعتمد، بصورة رئيسية، على المسلحين الملتحقين باللجان الشعبية والذين ينتمي معظمهم إلى محافظة أبين التي ينتمي إليها الرئيس عبد ربه منصور نفسه، وقال السياسي الجنوبي الذي فضل عدم الكشف عن هويته، إن «اعتماد هادي على المسلحين القادمين من محافظته فقط وتسليمهم عدن على حساب أبناء المناطق الجنوبية الأخرى المقاتلة كالضالع وردفان ويافع، يحمل الكثير من الدلالات ويطرح الكثير من التساؤلات، حيث إن هذا الفرز يعيد إلى الأذهان الصراع الذي دار في عدن منتصف ثمانينات القرن الماضي بين أبناء تلك المناطق»، وفي هذا السياق، علمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة في عدن أن شخصيات قبلية بارزة تنتمي لمناطق الضالع ويافع وردفان في الجنوب، التقت بالرئيس هادي وطلبت إشراك أبناء تلك المناطق في اللجان الشعبية وتسلحيها أسوة بأبناء محافظتي أبين وشبوة، إلا أن هادي «لم يعطهم موقفا واضحا بالموافقة أو الرفض على طلبهم»، وفي هذا الإطار تؤكد المصادر أن «هذه واحدة من المعضلات التي يواجهها هادي وعليه حلها بعقلانية، قبل أن يستغلها خصومه من الحوثيين أو صالح وأنصاره أو غيرهم في ضرب مركز قوته وهي الجنوب وتحديدا عدن»، إضافة إلى «الاستفادة من الفجوة الواسعة والكبيرة بين هادي وتوجهاته السياسية والحراك الجنوبي ومطالبه السياسية والشعبية بعودة الجنوب دولة مستقلة، في عرقلة مساعي الرئيس هادي في المرحلة المقبلة».



المعارضة الصومالية تجتمع في غوبالاند وسط توترات مع الحكومة

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

المعارضة الصومالية تجتمع في غوبالاند وسط توترات مع الحكومة

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)

تجتمع المعارضة الصومالية في ولاية غوبالاند التي تشهد خلافات حادة مع الحكومة الفيدرالية بمقديشو، وسط توترات سياسية متصاعدة حول الانتخابات المباشرة واستكمال الدستور.

هذا الاجتماع، الذي يستمر من 17 إلى 20 ديسمبر (كانون الأول)، يراه خبير في الشأن الأفريقي والصومال تحدث لـ«الشرق الأوسط» أقرب إلى «محطة سياسية ذات تأثير محدود، ما لم يتمكن من تجاوز الانقسامات الداخلية والتوترات مع الحكومة وتقديم خطاب وطني جامع يستجيب لتطلعات الشارع الصومالي في الاستقرار والأمن والديمقراطية».

وتحتضن مدينة كيسمايو، العاصمة المؤقتة لولاية غوبالاند، الوفود المشاركة في مؤتمر المعارضة؛ فيما استقبل الأمين العام لمنتدى الإنقاذ الصومالي المعارض، محمد آدم كوفي، وزير الداخلية في غوبالاند، محمد إبراهيم أوغلي، وعدداً من المسؤولين بإدارة الولاية، بحسب ما نقله الموقع الإخباري «الصومال الجديد».

وأوضح أوغلي في تصريحات إعلامية، الثلاثاء، أن المؤتمر سيركز على وضع اللمسات الأخيرة على هيكل مجلس مستقبل الصومال وتحليل الوضع السياسي الذي تمر به البلاد.

وقال كوفي في تصريحات وقتها إن مؤتمر كيسمايو سيناقش قضايا مهمة في ظل المرحلة السياسية الصعبة التي تمر بها البلاد.

وتستضيف الولاية هذا المؤتمر، الذي لم تعلق عليه مقديشو، بعد نحو 10 أيام من إعلان رئيس برلمان غوبالاند، عبدي محمد عبد الرحمن، أن غوبالاند انتقلت من ولاية إقليمية إلى دولة، في تصعيد للتوتر السياسي القائم بينها وبين الحكومة الفيدرالية التي تصف الإدارة الحاكمة حالياً في غوبالاند بأنها غير شرعية بعد إجرائها انتخابات أحادية الجانب في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 أعادت رئيسها أحمد مدوبي الذي يحكم غوبالاند منذ عام 2012 إلى السلطة.

توتر واحتقان

ويرى الخبير في الشؤون الأفريقية، علي محمود كلني، أن المؤتمر ينعقد في توقيت بالغ الحساسية، وسط احتقان سياسي متصاعد وخلافات مزمنة بين الحكومة الفيدرالية في مقديشو وبعض الإدارات الإقليمية.

وتأتي أعمال المؤتمر، بحسب كلني، في ظل قطيعة طويلة بين إدارة غوبالاند والحكومة الفيدرالية؛ وهي قطيعة هيمنت على المشهد السياسي طوال معظم فترة رئاسة حسن شيخ محمود، مشيراً إلى أن العلاقة بين الرئيس الفيدرالي ورئيس غوبالاند أحمد محمد إسلام (مدوبي) اتسمت بتوتر حاد وصل في بعض المراحل إلى مستوى المواجهة السياسية المفتوحة، ما أفقد أي مسعى للتنسيق أو الشراكة معناها العملي.

وعن التحديات التي تواجه مخرجات المؤتمر، لفت كلني إلى التباين الواضح في مواقف القوى المشاركة في المؤتمر، سواء بشأن شكل نظام الحكم، أو آليات إدارة الدولة، أو مستقبل العملية الديمقراطية في البلاد، مشيراً إلى أن هذا التباين يقلّص فرص الخروج برؤية سياسية موحدة، ويجعل من الصعب تحويل المؤتمر إلى منصة ضغط فعالة في مواجهة الحكومة الفيدرالية.

وتأتي تلك التحركات المعارضة، بينما يشتد منذ عام الجدل بشأن الانتخابات الرئاسية المباشرة المرتقبة عام 2026، بعد 57 عاماً من آخر اقتراع أُجري عام 1968، بديلاً عن نظيرتها غير المباشرة في عام 2000، التي اعتمدت بشكل رئيسي على المحاصصة القبلية في ولايات البلاد الخمس، وجرى العمل بها بعد «انقلابات وحروب أهلية»، وفي ظل سيطرة أربع عشائر كبرى هي: هوية، ودارود، ورحنوين، ودِر.

وعلى مدى عام تقريباً، تصاعدت الأزمة السياسية على نحو لافت، وكانت العودة لاستكمال الدستور المؤقت الذي يعود إلى 2012 هي الشرارة الأبرز لتفاقم الخلافات بين الحكومة الفيدرالية وولايتي بونتلاند وغوبالاند من جانب، و«منتدى الإنقاذ الصومالي» من جانب آخر.

هل من مخرجات ملموسة؟

كانت الخلافات بين الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود والمعارضة قد اشتدت بعد تأسيسه حزب «العدالة والتضامن» في 13 مايو الماضي، وتسميته مرشحاً للحزب في الانتخابات المباشرة المقبلة، وسط تحركات للمعارضة وتشكيل تحالفات.

وفي ضوء هذه المعطيات والخلافات المتصاعدة، يرى خبير الشؤون الأفريقية كلني أن تأثير مؤتمر كيسمايو سيظل محدوداً على مشروع الانتخابات المباشرة الذي تعمل حكومة حسن شيخ محمود على الإعداد له.

وتبقى القيمة السياسية للمؤتمر مرهونة بما قد يصدر عنه من مخرجات ملموسة، وبمدى قدرة المشاركين على توحيد مواقفهم حيال القضايا الوطنية الكبرى، وفي مقدمتها استكمال جهود تحرير البلاد من الجماعات المسلحة، ومسار الانتخابات العامة وإعادة تصميمها على أسس توافقية، وإدارة الخلافات السياسية القائمة والسعي إلى مواءمتها ضمن إطار وطني جامع.

وفي النهاية، يؤكد كلني أن التحدي الحقيقي لا يكمن في عقد المؤتمرات بحد ذاتها، بل في القدرة على تحويلها إلى أدوات فاعلة لإنتاج حلول سياسية قابلة للحياة.


مصر تدعم «سلام الكونغو» وتبدي استعدادها لمساندة مسار التسوية

لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي في أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)
لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي في أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)
TT

مصر تدعم «سلام الكونغو» وتبدي استعدادها لمساندة مسار التسوية

لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي في أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)
لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي في أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي دعم بلاده لاستقرار جمهورية الكونغو الديمقراطية بعد التوقيع على اتفاقيات سلام تهدف إلى إنهاء التوتر القائم في منطقة «شرق الكونغو»، معرباً عن استعداد بلاده لبذل «كل جهد ممكن لمساندة مسار التسوية».

وتلقى السيسي اتصالاً هاتفياً، الأربعاء، من نظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي، تناول مجمل العلاقات الثنائية بين البلدين وتطرق إلى مستجدات الأوضاع في شرق الكونغو الديمقراطية، وفق بيان صادر عن المتحدث باسم الرئاسة المصرية.

ورحب السيسي خلال الاتصال بالتوقيع على اتفاق «الدوحة للسلام» الشامل بين حكومة الكونغو الديمقراطية وتحالف نهر الكونغو (حركة 23 مارس)، كما أعرب عن دعم مصر الكامل لاتفاق السلام الموقع في واشنطن ديسمبر (كانون الأول) الحالي، مؤكداً أنه يمثل خطوة بالغة الأهمية نحو إنهاء حالة التوتر وتعزيز الأمن والاستقرار في منطقة البحيرات العظمى.

وأكد الرئيس المصري «استعداد بلاده لبذل كل جهد ممكن، بما في ذلك توفير المحافل اللازمة للأطراف المعنية، دعماً لمسار تسوية النزاع»، وفقاً لبيان الرئاسة المصرية.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مراسم توقيع «اتفاق السلام» مع رئيسي رواندا بول كاغامي والكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)

من جانبه، نقل البيان المصري عن الرئيس الكونغولي «تقديره لمساندة مصر لجهود السلام والاستقرار في بلاده وفي المنطقة، واتفق الرئيسان على ضرورة تكثيف الجهود لتذليل أي عقبات قد تواجه تنفيذ اتفاقيات السلام».

ووقع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ورئيسا رواندا بول كاغامي، والكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي، في واشنطن مطلع الشهر الحالي، اتفاقاً يعزز فرص السلام والتعاون الاقتصادي بتلك المنطقة الأفريقية التي تخوض نزاعاً منذ عقود.

ويشهد شرق الكونغو، الغني بالموارد الطبيعية والمجاور لرواندا، نزاعات مسلحة متواصلة منذ نحو ثلاثة عقود. وتصاعدت حدة العنف بين يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين، بعدما سيطرت حركة «23 مارس»، بدعم من كيغالي، على مدينتَي غوما وبوكافو الرئيسيتين.

ويعد الاتفاق بين رواندا والكونغو الديمقراطية في واشنطن هو الأحدث ضمن سلسلة تفاهمات بإطار أُبرمت في يونيو (حزيران) الماضي بواشنطن، إضافة إلى إطار عمل الدوحة لاتفاقية سلام شاملة، الذي وقعته كينشاسا وحركة «23 مارس» في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) في قطر، استكمالاً لاتفاق في 19 يوليو (تموز) الماضي.

وأشار المتحدث باسم الرئاسة المصرية إلى أن الرئيسين اتفقا خلال اتصال، الأربعاء، على أهمية تعزيز التشاور والتعاون الثنائي في القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما يسهم في تحقيق الاستقرار والسلام والتنمية في جمهورية الكونغو الديمقراطية.

وأكد السيسي تطلعه لاستضافه نظيره الكونغولي لمواصلة تعزيز التعاون بين البلدين، فيما ثمَّن تشيسكيدي الزخم الذي تشهده العلاقات مع مصر، مُعبراً عن تقديره للدعم الذي تقدمه لبلاده في مختلف القطاعات.

وفي مطلع هذا الأسبوع، قالت الخارجية المصرية إنها «تتابع بقلق بالغ التطورات المتسارعة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، وما تشهده بعض المناطق من تدهور في الأوضاع الإنسانية الذي يفرض تحديات عاجلة على المدنيين»، مؤكدة دعمها المستمر لوحدة وسلامة وسيادة الأراضي الكونغولية.

وشددت مصر، وفق بيان للخارجية، السبت، على أهمية التهدئة ووقف أي تصعيد ميداني بما يسهم في خلق بيئة مواتية للحوار واستعادة الاستقرار؛ مؤكدة الالتزام باتفاق واشنطن للسلام بوصفه إطاراً أساسياً لبناء الثقة وتخفيف التوتر.

كما أكدت مصر ضرورة وقف الأعمال العدائية وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، مشددة على الحاجة إلى دعم الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى تحسين الوضع الإنساني ومنع مزيد من التدهور.


«الوحدة» الليبية تعد بتعديل وزاري قريب

صورة وزعتها البعثة الأممية لاختتام افتتاح الحوار المهيكل
صورة وزعتها البعثة الأممية لاختتام افتتاح الحوار المهيكل
TT

«الوحدة» الليبية تعد بتعديل وزاري قريب

صورة وزعتها البعثة الأممية لاختتام افتتاح الحوار المهيكل
صورة وزعتها البعثة الأممية لاختتام افتتاح الحوار المهيكل

استبقت حكومة الوحدة الليبية المؤقتة نتائج الحوار الأممي المهيكل بالتأكيد على «أولوية الاستفتاء على الدستور»، معلنة إجراء تعديلات وزارية قريبة، تزامناً مع تأكيد عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، دعم فرنسا للانتخابات.

وقالت حكومة الوحدة المؤقتة، التي رحبت بانطلاق الحوار المهيكل، إنها ستُعلن خلال الأيام القريبة المقبلة عن تعديلات حكومية إصلاحية، تشمل سدّ الشواغر الوزارية، وتهدف إلى رفع مستوى الكفاءة، وتعزيز الأداء المؤسسي، وتوسيع دائرة التوافق بما يدعم متطلبات المرحلة المقبلة.

وأكدت «الوحدة» في بيان لها، مساء الثلاثاء، أن جوهر المرحلة لا يرتبط بتعدد المسارات أو تسمياتها، بقدر ما ينصرف إلى تحقيق الهدف الوطني، المتمثل في إجراء الانتخابات، بوصفها الاستحقاق الذي ينتظره الليبيون لتجديد الشرعية، ووضع حد لحالة عدم اليقين السياسي، مشدّدةً على أن توجهها الأساسي يتمثل في الاستفتاء على مشروع الدستور أولاً، ومؤكدة أنها تتعاطى بإيجابية مع الاختراق، الذي طرأ على حالة الجمود السابقة، وعبّر عن ذلك شخصيات فاعلة، الأمر الذي يفضي إلى الذهاب المباشر نحو الانتخابات التي أصبحت اليوم محل إقرار من مختلف الأطراف، بعد أن ظلت لفترة موضع نقاش، بما يعكس تحولاً واضحاً في مقاربة الحل السياسي.

وعدّت «الوحدة» أن استمرار الخلاف حول القوانين الانتخابية، إن لم يُحسم، فإنه يكرّس الحاجة إلى الاحتكام إلى أسس دستورية واضحة، تُبنى عليها العملية الانتخابية، وتضمن قابليتها للتطبيق، وهو ما أكدت عليه المفوضية العليا للانتخابات بإعلان جاهزيتها متى توفرت هذه الأطر القانونية السليمة.

كما جدّدت الحكومة التزامها بدعم كل ما من شأنه الدفع نحو الانتخابات ضمن مسار وطني مسؤول، يحفظ وحدة الدولة، ويعكس الإرادة الشعبية، ويجنب البلاد الدخول في مراحل انتقالية إضافية.

في سياق ذلك، أوضح وزير الدولة للاتصال بحكومة الوحدة، وليد اللافي، أن التعديلات الوزارية المرتقبة ستركز على اختيار وزراء أكفاء، وتراعي المناطق الجغرافية دون استثناء، مشيراً إلى أنها ستشمل وزارات سيادية وخدمية، وتمثيلاً أكبر للشباب.

في غضون ذلك، أظهر تقرير أممي تفضيلاً واسعاً بين الليبيين لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة. وطبقاً للتقرير، الذي نشرته بعثة الأمم المتحدة في ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء، حول نتائج المشاورات العامة للحوار المهيكل، فقد أكد 86 في المائة ممن شاركوا في استطلاع عبر الإنترنت جاهزيتهم للتصويت فوراً، فيما أكد أكثر من 70في المائة أن مشاركتهم تؤثر فعلياً.

ووصف التقرير الأزمة الجوهرية في ليبيا، بأنها أزمة سياسية ناجمة، عما وصفه بانقسام مؤسسي وجهوي عميق، وسلطات متنافسة، وغياب سلطة تنفيذية واحدة ذات شرعية وطنية، ما ينعكس سلباً على الاقتصاد والأمن والحوكمة.

وعدّ انتشار السلاح عقبة أساسية أمام الانتخابات والسلام الدائم، وحدّد الأولويات الأساسية في القطاع الأمني بنزع سلاح التشكيلات المسلحة، وإعادة إدماجها، وإنشاء جيش ومؤسسات أمنية موحدة، مع تأكيد السيطرة المدنية، وتحقيق أمن مرتكز على الحقوق وفي خدمة المواطن.

كما تحدث التقرير عن «سلطة سياسية شرعية واحدة، تسيطر فعلياً على الجيش والأمن»، بالإضافة إلى «أطر قانونية ومعايير مهنية واضحة تُطبق بعدالة، وحوافز مالية وضوابط مشفوعة بعقوبات لتشجيع الاندماج والالتزام».

وكانت البعثة الأممية قد أصدرت وثيقة «الإطار المرجعي» الرسمي للحوار، الذي يحدد منصة شاملة تضم 120 إلى 124 مشاركاً ليبياً، يمثلون تنوعاً جغرافياً واجتماعياً، مع نسبة لا تقل عن 35 في المائة للنساء، بالإضافة إلى مشاركة الشباب وذوي الإعاقة.

ويركز الحوار على أربعة مسارات رئيسية هي: الحوكمة، والاقتصاد، والأمن، والمصالحة الوطنية وحقوق الإنسان، مع دمج حقوق المرأة بوصفه موضوعاً مشتركاً.

ويعتمد على مبادئ الملكية الليبية، والشمول، والشفافية، وبناء التوافق، ويستمر لمدة 4 إلى 6 أشهر، بهدف إصدار توصيات توافقية ملموسة لمعالجة جذور النزاع، وتهيئة الانتخابات.

اجتماع صالح ورئيسة الجمعية الوطنية الفرنسية (مجلس النواب)

وتعهد أعضاء الحوار المهيكل، وفقاً لمدونة قواعد السلوك، التي أصدرتها البعثة الأممية أيضاً بوضع المصلحة الوطنية أولاً، والنزاهة، ورفض الضغوط أو المزايا المادية، واحترام الآراء، وتجنب التمييز أو المضايقة، والحفاظ على سرية المداولات.

في المقابل، أكد رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، الذي بدأ زيارة مفاجئة إلى العاصمة الفرنسية باريس، لم يسبق الإعلان عنها، في لقائه، مساء الثلاثاء، مع رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية يائيل بيفيه، أن حل الأزمة الليبية يتطلب تضافر الجهود الدولية لمساعدة الشعب الليبي في التعبير عن إرادته الحرة في انتخابات رئاسية وبرلمانية نزيهة، وحذّر من أن قيام البعثة الأممية بفتح مسارات إضافية «سيعقد هذا المسار، ولن يكون لها أثر فعلي إيجابي على ملف التسوية السياسية».

ونقل صالح عن يائيل التزام فرنسا بدعم ومساندة الشعب الليبي في تحقيق رغبته في بناء دولة ديمقراطية مستقرة.

وكان صالح نقل عن رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي، جيرارد لاروشيه، في اجتماعهما تأييده لمقترحاته بشأن حل الأزمة الليبية من خلال الوقوف مع الشعب الليبي، وحقه في اختيار رئيسه وبرلمانه عن طريق الانتخابات المباشرة، لافتاً إلى قيام مجلس النواب بواجباته كاملة في إصدار قانوني انتخاب الرئيس ومجلس الأمة، وتقديم لجنة (6 + 6) المشتركة مع مجلس الدولة، نتائج أعمالها، التي قال وفقاً لعبد الله بليحق، الناطق باسم صالح، إنها نالت رضا مختلف الأطراف، ودعم مجلس الأمن الدولي.

كما أكد صالح، خلال لقائه مع بول سولير، المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي، دعم فرنسا لمجلس النواب الليبي ومساعيه لتنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المتزامنة، مشيداً بمخرجات لجنة (6 + 6) بوصفها خطوة توافقية مهمة بشأن القوانين الانتخابية، مشيراً إلى ضرورة استمرار اللجنة في مهامها.