ماكنزي يزور شمال شرقي سوريا ويحذّر روسيا من «العبث مع الأميركيين»

إدارة بايدن لن تمدد الإعفاء الممنوح لشركة أميركية نفطية تعمل في المنطقة

قائد القوات الأميركية المركزية (سينتكوم) الجنرال كينيث ماكينزي في شمال شرقي سوريا أول من أمس (أ.ب)
قائد القوات الأميركية المركزية (سينتكوم) الجنرال كينيث ماكينزي في شمال شرقي سوريا أول من أمس (أ.ب)
TT

ماكنزي يزور شمال شرقي سوريا ويحذّر روسيا من «العبث مع الأميركيين»

قائد القوات الأميركية المركزية (سينتكوم) الجنرال كينيث ماكينزي في شمال شرقي سوريا أول من أمس (أ.ب)
قائد القوات الأميركية المركزية (سينتكوم) الجنرال كينيث ماكينزي في شمال شرقي سوريا أول من أمس (أ.ب)

أعلن قائد القوات الأميركية المركزية «سينتكوم» الجنرال كينيث ماكينزي أنه يشعر بالتفاؤل بأن إعادة مائة عائلة عراقية المقررة الأسبوع المقبل من مخيم كبير للاجئين في سوريا يمكن أن تكون الخطوة الأولى نحو الحد من خطر عودة ظهور تنظيم «داعش». وأضاف أن نشر عربات «برادلي» شرق سوريا رسالة لروسيا، مفادها: «هذا ليس الوقت المناسب للعبث مع الأميركيين في المنطقة».
جاء ذلك خلال زيارة خاطفة له إلى منطقة شمال شرقي سوريا، حيث التقى الجنرال مظلوم عبدي، القائد الأعلى لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وزار قواعد أميركية للقوات الخاصة المنشرة في المناطق التي يسيطر عليها الأكراد، حلفاء واشنطن.
ونقلت وكالة «أسوشييتدبرس» عن ماكينزي قوله: «أعتقد أن هذا سيكون المفتاح لخفض عدد السكان في مخيم الهول وفي الواقع مخيمات أخرى في جميع أنحاء المنطقة». وأضاف: «الدول بحاجة إلى إعادة مواطنيها، وإعادة دمجهم، ونزع التطرف عنهم إذا لزم الأمر، وجعلهم عناصر منتجة في المجتمع».
ويضم المخيم نحو 65 ألفاً، معظمهم من النساء والأطفال، بما في ذلك العديد من أنصار «داعش». لكنه تحول في الآونة الأخيرة مركزاً لعمليات تنظيم «داعش» ومكاناً سيئ السمعة حيث يفرض فيه أنصار «داعش» آيديولوجيتهم المتشددة على سكان المخيم. وقال ماكينزي: «ما يقلقني هو قدرة (داعش) على الوصول إلى هؤلاء الشباب بطريقة تجعلنا ندفع ثمناً باهظاً في المستقبل ما لم نتمكن من إيجاد طريقة لاستعادتهم». وقال: «إنهم يتطرفون كل يوم من قبل (داعش) حتى عندما يقدمون الخدمات الأساسية لإبقاء المخيم يعمل». «من الصعب للغاية كسر هذه الحلقة حيث من المحتمل أن يصبحوا مقاتلين لـ(داعش) خلال عقد من الزمن».
ويرى ماكينزي أن إعادة العائلات إلى أوطانها هي حل لهذا السيناريو المرعب، رغم أنه يشعر أن هذه العملية تتحرك ببطء شديد. وقال إن وزارة الخارجية الأميركية «تعمل بقوة لتحقيق هذا الهدف في الوقت الحالي. في الواقع، المجتمع الدولي بأسره، لكن الوتيرة بطيئة للغاية في الوقت الحالي».
وفي رده على التحرشات التي تعرضت لها القوات الأميركية من القوات الروسية، أصدر ماكينزي أوامره بنشر مركبات «برادلي» القتالية المدرعة في سوريا. ويوم الجمعة قال إن نشرها أرسل رسالة مفادها «هذا ليس الوقت المناسب للعبث مع الأميركيين في المنطقة». لكن الولايات المتحدة وفي محاولة لتهدئة التوترات مع القوات الروسية، قامت بإرسال وحدة خاصة من اللغويين الروس لتجنب سوء الفهم «حتى لا يضيع شيء في الترجمة»، بحسب ماكينزي.
وزار ماكينزي يوم الخميس العراق حيث التقى برئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي لبحث مستقبل القوات الأميركية البالغ عددها 2500 في ذلك البلد. وكما هو الحال في سوريا، تقدم القوات الأميركية المساعدة للجيش العراقي في القضاء على فلول تنظيم «داعش».
إلى ذلك، نقلت وسائل إعلام أميركية عن مصادر أن إدارة الرئيس جو بايدن قررت عدم تمديد الإعفاء الممنوح لشركة «دلتا كريسنت إنيرجي» التي تقوم باستثمار النفط في حقول شمال شرقي سوريا.
وأفاد تقرير لصحيفة «المونيتور» بأن الإعفاء الذي حصلت عليه الشركة في أبريل (نيسان) 2020 من إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب لن يتم تمديده، بعدما انتهى أجله، نهاية الشهر الماضي. وأضاف أن الشركة طلبت تمديد المهلة لشهر واحد لإنهاء أنشطتها في شمال شرقي سوريا، في المنطقة التي تخضع لسيطرة قوات سوريا للديمقراطية (قسد) المتحالفة مع واشنطن، حيث لا تزال الولايات المتحدة تحتفظ بوجود عسكري فيها. وأضاف التقرير أن مسؤولي الإدارة الأميركية قدموا توصية بسحب الإعفاء الممنوح، الذي سمح للشركة بعدم التعرض للعقوبات الأميركية المفروضة على إنتاج النفط السوري، الذي لا يزال يخضع للعقوبات المفروضة بموجب «قانون قيصر».
وقال المسؤولون إن قرار سحب الإعفاء هو تصحيح للسياسة وليس تحولاً فيها، وبأنه من غير المتوقع منح أي شركة أخرى إعفاء جديداً.
وكانت الشركة قد شنت حملة ضغط نشطة لتجديد الإعفاء، لكن من غير المتوقع أن تكلل بالنجاح. وأضاف تقرير الصحيفة أن المبعوث الأميركي الخاص السابق إلى سوريا جيمس جيفري شارك في هذه الضغوط بشكل غير رسمي. وقالت الصحيفة إنها تبادلت مع جيفري رسائل نصية عبر تطبيق «واتساب»، حيث وصف سوريا بأنها «ثقب أسود في هذه الإدارة». وقال: «معظم السياسات التي ورثتها من إدارة ترمب تستمر بشكل سطحي، إبقاء القوات في شمال شرقي سوريا والتنف، ودعم قرار الأمم المتحدة 2254. والعقوبات تبقى سارية». وكان يشير إلى مجموعة صغيرة من القوات الأميركية بالقرب من الحدود السورية مع الأردن وإلى قرار الأمم المتحدة الذي تم تبنيه في ديسمبر (كانون الأول) 2015 لحل سياسي للصراع السوري. وتابع جيفري: «لكن لا توجد استراتيجية إرشادية واضحة ولا مبعوث لتنفيذها وتوقفت المحادثات مع الروس. لماذا؟ لا أستطيع شرح ذلك».
وكان ترمب قد صرح في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) 2019 بأن القوات الأميركية ستبقى في شمال شرقي سوريا «من أجل النفط فقط»، وأنه قد «يتعين عليها القتال من أجل النفط»، مما أثار ردود فعل غاضبة من دمشق وأنقرة وروسيا وإيران. لكن مسؤولي إدارة بايدن يقولون إنهم في سوريا «من أجل الشعب» وليس «من أجل النفط». وخلال زيارة للقائم بأعمال مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى جوي هود إلى شمال شرقي سوريا، أكد أن واشنطن ستواصل دعم الأكراد السوريين، مع الحفاظ على مستويات القوات الأميركية الحالية عند نحو 900 جندي أميركي من الوحدات الخاصة. كما تم الإفراج عن نحو 50 مليون دولار من «مساعدات الاستقرار» التي جمدها ترمب، ومساعدة جهود الوساطة في اتفاق لتقاسم السلطة بين الحكومة المحلية وخصومها السياسيين في المجلس الوطني الكردستاني. وقالت وزارة الخارجية في بيان إن هود «شدد على التزام الولايات المتحدة بالتعاون والتنسيق في التحالف لهزيمة (داعش)، واستمرار الاستقرار في شمال شرقي سوريا، وإيصال مساعدات الاستقرار إلى المناطق المحررة لضمان الهزيمة الدائمة لـ(داعش)».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.