اشتباكات متنقلة في لبنان على خلفيّة رفع صور وشعارات مؤيدة للأسد

إقبال على التصويت في السفارة السورية ببيروت

سوريون يقترعون في سفارة بلادهم ببيروت أمس (إ.ب.أ)
سوريون يقترعون في سفارة بلادهم ببيروت أمس (إ.ب.أ)
TT

اشتباكات متنقلة في لبنان على خلفيّة رفع صور وشعارات مؤيدة للأسد

سوريون يقترعون في سفارة بلادهم ببيروت أمس (إ.ب.أ)
سوريون يقترعون في سفارة بلادهم ببيروت أمس (إ.ب.أ)

شارك آلاف اللاجئين السوريين في لبنان في الانتخابات الرئاسية السورية للمقيمين في الخارج، وسط إجراءات أمنيّة مشدّدة في محيط السفارة السورية التي حدّدت كمركز انتخابي وحيد ضّم 17 غرفة للاقتراع و15 صندوقا انتخابيا.
وبدأ منذ ساعات الصباح الأولى وصول حافلات تقل سوريين إلى مقر السفارة في الليرزة قضاء بعبدا (شمال شرقي العاصمة بيروت) آتية من الشمال والجنوب والبقاع وبيروت، إذ شهدت جميع الطرقات المؤدية إلى السفارة زحمة سير خانقة، فيما اكتظ الشارع المحيط بالسفارة بسوريين رفعوا أعلام بلادهم وصور الرئيس بشار الأسد ووالده الرئيس الراحل حافظ الأسد، مرددين هتافات وأناشيد وطنية.
وقام الجيش اللبناني بالتفتيش الدقيق بالتنسيق مع المعنيين في السفارة السورية، لإدخال الناخبين ضمن مجموعات لا تتعدى 50 شخصا، حرصا على إجراءات الوقاية من وباء «كورونا»، وتحقيقا للتباعد الاجتماعي، فيما وزّع القيمون في السفارة الكمامات على المشاركين.
وقال محمد (39 عاما) وهو لاجئ من ريف حلب انتقل إلى لبنان في العام 2012 أنّه جاء من بيروت الساعة الثامنة صباحا لينتخب الأسد «لأنّه هو من أعاد السلام إلى بلاده وهو الذي حفظ سوريا»، مضيفا في حديث لـ«الشرق الأوسط» أنّ قريته باتت آمنة وهي تحت سيطرة النظام وأنّه أرسل زوجته وولديه لزيارتها ولكنّه لا يفكّر بالعودة القريبة، وذلك لأسباب مادية إذ إنّه يعمل في لبنان كعامل دهان ولا توجد لديه فرصة عمل في سوريا.
وكما محمد ـ تقول شعاع (44 عاما) وهي لاجئة سورية من محافظة الرقة انتقلت إلى لبنان أواخر العام 2011 إنّها انتخبت الأسد لأنّه يمثّل الأمان لها، وإنّها كانت لتعود مع زوجها إلى سوريا لو أنّ منزلها لا يزال موجودا، مضيفة في حديث مع «الشرق الأوسط»: «بعد إعادة الإعمار سنعود حتما، لا منزل لنا في سوريا بينما هنا في لبنان الأمور تسير بشكل مقبول».
أمّا فادي (35 عاما) وهو مقيم في لبنان منذ العام 2016 وليس لاجئا فيؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنّه جاء ليقوم بواجبه كمواطن وينتخب، وأنّه لم يلجأ إلى لبنان بسبب الحرب، إذ إنّ منطقته في السويداء بقيت آمنة، مشيرا إلى أنّه يعمل كمدرس خصوصي.
وتقدّر الحكومة اللبنانية وجود 1.5 مليون سوري أي ثلث سكان لبنان، ولا يتجاوز عدد المسجلين منهم لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون النازحين الـ885 ألفاً. وتوافد عدد من اللبنانيين الذين يحملون الجنسية السورية إلى السفارة آتين من عدة مناطق ولا سيما من منطقة جبل محسن (شمال لبنان) تماما كما حيدر معلّا (42 عاما) وهو من مواليد لبنان.
ويقول معلّا، وهو من محافظة طرطوس لـ«الشرق الأوسط» إنّه تماما كما يحرص على المشاركة في الانتخابات النيابية اللبنانية يحرص على الاقتراع في الانتخابات الرئاسية السورية ليصوّت للخطّ نفسه الذي يمثله الأسد.
ويُشار إلى أنّ السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي أعلن تمديد فترة الانتخابات الرئاسية حتى الساعة الثانية عشرة من منتصف ليل اليوم، نتيجة التوافد الكبير للسوريين المقيمين في لبنان للمشاركة في عملية الاقتراع التي يتنافس فيها 3 مرشحين هم الرئيس السوري الحالي بشار الأسد والمحامي محمود مرعي وعبد الله سلوم سلوم.
وتحدث عدد من السوريين الذين التقتهم «الشرق الأوسط» عن تعرضهم للمضايقات ليل اليوم المحدد للتصويت، إذ تمّ تهديدهم بهدف منعهم من التوجه إلى السفارة والانتخاب، كما تعرّض عدد منهم للضرب إذ قام عدد من الشبّان بالهجوم على الحافلات التي تقلّهم في غير منطقة.
وكان وقع إشكال كبير صباح أمس على أوتوستراد جونية - نهر الكلب (شمال بيروت)، حيث أقدم شبان لبنانيون على الهجوم على حافلات تقلّ سوريين ونزعوا الصور والأعلام واللافتات المؤيدة للأسد. وأظهرت مقاطع فيديو تضاربا وتدافعا وتكسير زجاج سيارات ما أدى إلى سقوط جرحى قبل حضور الجيش اللبناني الذي طوّق المكان.
وفي ساحة ساسين في الأشرفية (شرق بيروت)، سجّل توتّر بين عدد من الشبان ومواطنين سوريين متوجّهين إلى السفارة للمشاركة في الانتخابات، وجرى الاعتداء على عدد من السيارات التي تحمل العلم السوري وصور الأسد.
ونفذ الجيش فجرا انتشارا أمنيا واسعا على الطرق الدولية، وعند التقاطعات ومداخل القرى تلافيا لعدم حصول أي احتكاك.
وفي البقاع، تعرضت حافلة تنقل ناخبين سوريين لرشق بالحجارة وأصيب أحد الأشخاص داخلها بنوبة قلبية ما استدعى نقله إلى المستشفى لكنه ما لبث أن فارق الحياة، وفتحت الأجهزة المختّصة تحقيقاً بالحادثة.
وتمّ تداول مقطع فيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي يظهر طفلا من الجنسية السورية يبكي والده المتوفي جراء إصابة بليغة تعرض لها أثناء توجه الضحية إلى السفارة، لتعود المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي وتوضح أنه لا صحة لهذا الخبر، وأن هذه الحادثة حصلت في سوريا منذ عدة سنوات.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.