أزمة جديدة بين تركيا وأوروبا حول عضويتها في الاتحاد

أرمينيا تقيم دعوى ضدها وتتهمها بانتهاك في قره باغ

TT

أزمة جديدة بين تركيا وأوروبا حول عضويتها في الاتحاد

ظهرت بوادر أزمة جديدة بين تركيا والاتحاد الأوروبي على خلفية توصية البرلمان الأوروبي بتعليق مفاوضات انضمامها إلى التكتل إذا لم تغير سياستها الداخلية والخارجية. وقالت وزارة الخارجية التركية إنه لا يمكن قبول توصية البرلمان الأوروبي التي وصفتها بـ«البعيدة عن الموضوعية» حول ملف عضوية تركيا، في فترة تُبذل فيها الجهود لإنعاش العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي. وذكرت الخارجية التركية، في بيان أمس (الخميس)، أن البرلمان الأوروبي صادق على التقرير المتعلق بالتقدم في المفاوضات مع تركيا للعام 2019 – 2020، الذي حمل صفة «التوصية»، والذي أوصى المفوضية الأوروبية بتعليق مفاوضات انضمام تركيا إلى عضوية الاتحاد الأوروبي «إذا لم تغير أنقرة سياساتها الداخلية والخارجية».
ووصف البيان صياغة التقرير بأنها متحيزة وتتضمن «ادعاءات كاذبة» بشأن حقوق الإنسان والديمقراطية وسيادة القانون والهيكل الإداري والأحزاب السياسية، وتهدد سياسة تركيا الخارجية الفعالة والإنسانية والموجهة نحو الحلول. وأضاف أن مؤسسات الاتحاد الأوروبي وأعضاء البرلمان الأوروبي يعلمون أن الركود الحاصل في عملية مفاوضات الانضمام لا يرجع إلى افتقار تركيا إلى إرادة الإصلاح أو عدم قدرتها على الاضطلاع بمكتسبات الاتحاد الأوروبي، وإنما تعود لاستغلال بعض الأوساط منذ البداية مفاوضات العضوية سياسياً.
وأشار البيان، في الوقت ذاته، إلى أن الاتحاد الأوروبي يقدر جهود تركيا بخصوص الهجرة ضمن إطار اتفاق 18 مارس (آذار) 2016، قائلا: «يجب أن يخرج الاتحاد الأوروبي من الحلقة المفرغة المتمثلة في عدم اتخاذ خطوة ملموسة للوفاء بالتزاماته، من عملية الانضمام وصولاً إلى التعاون في مجال الهجرة، التي تعهد بها في ذلك الاتفاق».
وتابع البيان أن تركيا، بصفتها دولة مرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، تتوقع من البرلمان الأوروبي إجراء دراسات بناءة حول كيفية تحسين العلاقات مع تركيا وكيفية المساهمة في عملية الاندماج في الاتحاد الأوروبي، عوضاً عن أن يكون منصة ترتكز عليها مزاعم لا أساس لها واتهامات موجهة جزافاً ضد تركيا. وصادق البرلمان الأوروبي، مساء أول من أمس على التقرير، الذي لا يعد إلزامياً بالنسبة لتركيا، بأغلبية 480 نائباً أوروبياً مقابل رفض 64، وامتناع 150 عن التصويت. وأكد التقرير، الذي أعده النائب الإسباني ناتشو سانشيز أمور، أن تركيا «ابتعدت عن قيم الاتحاد الأوروبي»، وأن المستجدات شرق البحر المتوسط، خفضت علاقات أنقرة وبروكسل إلى أدنى مستوياتها، لافتاً إلى إعادة تفعيل الحوار بين الجانبين، وتعميق العلاقات من أجل حل الأزمات القائمة بينهما.
وأوصى التقرير، المفوضية الأوروبية بتعليق مفاوضات العضوية التركية في الاتحاد، إذا لم تغير أنقرة سياساتها الداخلية والخارجية، وأكد في الوقت ذاته، أهمية تركيا باعتبارها شريكاً استراتيجياً للاتحاد الأوروبي، وحلف شمال الأطلسي (ناتو)، واعتبر أنها محقة في مخاوفها الأمنية، مندداً بهجمات حزب العمال الكردستاني ضدها. ونوه التقرير باستضافة تركيا 4 ملايين لاجئ، وبالخدمات التي تقدمها لهم. ورفض البرلمانيون الأوروبيون، مقترحاً بإنهاء المفاوضات مع تركيا، مع تقديم المساعدات المالية لها بشكل كامل. وتخضع تركيا لمراقبة الاتحاد الأوروبي حتى موعد قمته المقبلة في يونيو (حزيران) المقبل، حيث سيُجري تقييماً للعلاقات معها، ولمدى التزامها بإنهاء التوتر مع اليونان حول موارد الطاقة في شرق البحر المتوسط.
وزار رئيسا المجلس الأوروبي شارل ميشيل والمفوضية الأوروبية أرسولا فون دير لاين، أنقرة في مارس الماضي، وأجريا مباحثات مع الرئيس رجب طيب إردوغان، في إطار مساعي أنقرة لطي صفحة التوتر في علاقاتها مع التكتل الأوروبي، حيث أكدت أنقرة أن الانضمام إلى عضوية الاتحاد الأوروبي هو هدف استراتيجي لها.
في الوقت ذاته، رفعت أرمينيا دعوى قضائية أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ضد تركيا تتهمها بانتهاك فيها حقوق الإنسان خلال المواجهات العسكرية في إقليم ناغورني قره باغ المتنازع عليه مع أذربيجان، التي تحظى بدعم أنقرة. وقالت المحكمة الأوروبية، أمس، إنها دعوى قضائية قدمتها أرمينيا ضد تركيا في التاسع من مايو (أيار) الحالي، تتعلق بالدور الذي لعبته تركيا خلال المواجهات التي وقعت في الفترة بين 27 سبتمبر (أيلول) و9 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020 بمنطقة قره باغ، حيث تتهم أرمينيا تركيا بدعم القوات المسلحة لأذربيجان خلال المواجهات. وقالت المحكمة إنها ستبحث أولاً ما إن كان بالإمكان قبول الطلب أم لا. ومن شأن قبول المحكمة الطلب المقدم من أرمينيا أن يجعل تركيا تخضع للتقييم من حيث إذا كانت قد انتهكت الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان أم لا.
وسبق أن تبادلت أرمينيا وأذربيجان تقديم دعاوى إلى المحكمة ضد بعضهما اتهمت كل منهما الأخرى بانتهاك حقوق الإنسان.
وخلال المواجهات التي اندلعت العام الماضي بمنطقة قره باغ تمكن الجيش الأذربيجاني من استرداد الأراضي التي فقدها مطلع تسعينات القرن الماضي، وتوصلت الدولتان إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بوساطة روسية دخل حيز التنفيذ في 10 نوفمبر الماضي.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».