الحملة الانتخابية تظهر الخريطة الجديدة لـ«اقتصاد الظل» في سوريا

مقتل شاب وإصابة سيدة في حفلات شعبية تأييداً للأسد

صورة في حمص رفعها حزب «البعث» الحاكم تأييداً للرئيس الأسد
صورة في حمص رفعها حزب «البعث» الحاكم تأييداً للرئيس الأسد
TT

الحملة الانتخابية تظهر الخريطة الجديدة لـ«اقتصاد الظل» في سوريا

صورة في حمص رفعها حزب «البعث» الحاكم تأييداً للرئيس الأسد
صورة في حمص رفعها حزب «البعث» الحاكم تأييداً للرئيس الأسد

أظهرت حملات الانتخابات الرئاسية السورية، التي انطلقت في دمشق وسائر المحافظات والمناطق الواقعة تحت سيطرة النظام تنافساً محموماً بين الموالين للرئيس بشار الأسد على إظهار الولاء، حيث امتلأت الشوارع والساحات والحواجز بصوره الممهورة بأسماء مقدمي الصور واللافتات، أثرياء حرب وقبائل وعشائر وعائلات أثرت، وظهر خلال الحرب.
في دمشق، لفتت الانتباه اللافتات والصور التي قدمتها «عشائر بني خالد»، وفي ريف حمص قبيلة النعيم وآل الناصر وآل جعفر وآل نصور، وغيرهم ممن يتزعمون مناطقهم أثرياء حرب. وفي حماه كانت اللوحات والصور الأكبر والأكثر كثافة منهم الحاج أبو الخير، الذي يتداول اسمه في محافظة حماة كأحد القادرين، مقابل دفع المعلوم، ومؤخراً أولم في الملعب البلدي بحماة لأكثر من 1300 شخص. وبحسب مصادر في حماة، بلغت تكلفة الوليمة نحو مليار ليرة سورية (الدولار الأميركي يعادل 3100 ليرة). وفي حلب والساحل كان الحضور الأقوى خلال الأيام القليلة الماضية للفرقة 25 للمهام الخاصة، فوج طه، وفوج حيدر... وغيرها، وفرقة الصاعقة وأمراء حرب وقادة ميليشيات رديفة.
وقالت مصادر متابعة لـ«الشرق الأوسط» إن «قراءة لأسماء داعمي الحملة الانتخابية للأسد توضح الخارطة الجديدة لسوريا بعد الحرب، فمعظمهم قادة ميليشيات وأثرياء حرب وعائلات صعدت خلال الحرب، ومعظمهم ينشط في التهريب، ما يؤكد التحولات في سوريا، وفي المقابل انحسر حضور للشركات الخاصة التي سبق ودعمت الأسد في الولايتين الثانية والثالثة، أبرزها شركتا الاتصالات (سيرتيل) و(إم تي إن) وشركات رجل الأعمال محمد حمشو وجميع الشركات التي ظهرت مع تسلم بشار الأسد السلطة عام 2000».
وتابعت المصادر: «إن الحملة الانتخابية توضح توازنات اقتصاد الظل الجديدة التي يقوم عليها نظام الأسد في المرحلة الحالية، التي تنتظم بقوة دفع الكسب غير المشروع، بعد أن كانت تقوم على شركات خدمية مرخص لها (مثل الاتصالات والعقارات والنفط)، التي أفقرت البلاد وأنهكت الاقتصاد». ورأت المصادر في «تنافس أثرياء الحرب وزعماء المناطق على إظهار الدعم والولاء هو في حقيقته ترسيخ لزعامتهم على مناطقهم، خاصة أن بعضهم أصبح من أهل الحل والربط، بمعنى تقاضي إتاوات لحل النزاعات بين أصحاب المصالح والسلطات والأجهزة الأمنية».
وضمن الحملة الانتخابية التي يقوم بها حزب البعث الحاكم، انخرطت فروع الحزب و«كتائب البعث» في مناطق سيطرة النظام بنصب «خيمة وطن»، حيث تقام احتفالات شعبية راقصة ومهرجانات خطابية ومسيرات تعلن «الولاء» المطلق لبشار الأسد، وعلمت «الشرق الأوسط»، أن ورشة خياطة واحدة في المنطقة الوسطى أنتجت أكثر من ثلاثة ملايين عَلَم في شهر فبراير (شباط) الماضي استعداداً للحملة الانتخابية، بكلفة ألف ليرة للعلم الواحد أي ثلاثة مليارات ليرة (نحو مليون دولار) ولم يعلن عن الجهة التي مولت خياطة تلك الأعلام.
في الاحتفالات التي أقيمت خلال الأيام القليلة الماضية في ريف حمص، ألقى هلال الهلال الأمين العام المساعد للحزب خطبة شرح فيها الشعار الذي اختاره الأسد لحملته، وهو «الأمل بالعمل» يعني الأمل بسوريا الأفضل والأمل بـ«التحرير من كل قوى الإرهاب»، منوهاً بأن سوريا أصبحت بعهد بشار الأسد وبفضله «تأكل مما تزرع، وتلبس مما تصنع».
يُشار إلى أنه مع بدء الحملة الانتخابية شهد برنامج تقنين الكهرباء تحسناً، حيث زادت ساعات وصل الكهرباء في بعض المناطق، لتصل إلى ساعتَيْ وصل وخمس ساعات قطع، وفي العاصمة السورية تقلص القطع إلى ساعتين مقابل ثلاث ساعات وصل، كما شهدت كميات ضخ المياه تحسناً في المناطق التي تعاني من قطع عدة أيام، مثل ريف دمشق الذي يصل فيه ضخ المياه ليومين فقط كل أسبوع، ومحافظتي حمص وحماة. أما أزمات ارتفاع الأسعار وشح الخبز والغاز والبنزين فما زالت على حالها، لكنها سحبت من التداول الإعلامي بعد اعتماد طريقة التبليغ بالرسائل الهاتفية لتسلم المخصصات وانحسار الطوابير في الشارع. وقالت مصادر أهلية في مدينة حمص لـ«الشرق الأوسط»: «من المتوقع بعد الانتخابات أن نعود إلى الحياة الطبيعية. طبيعية بمعنى قطع دائم للكهرباء والماء وعودة مظفرة لطوابير الغاز والبنزين والخبز... الآن نعيش عرس الانتخابات بعدها كل شيء يعود مثل قبل وأسوأ».
وفي أول ضحايا احتفالات حملة الانتخابات الرئاسية في سوريا، شيعت مدينة حمص، أمس (الأربعاء)، الشاب مهندس الصوت عمار فوزي تلاوي، الذي قُتل برصاص أطلقه مجهولون في منطقة الفرحانية بريف حمص الشمالي، أثناء حفل ضمن الحملة الانتخابية، وقالت صفحات موالية للنظام إن الرصاص أطلقه إرهابيان يقودان دراجة نارية على «الخيمة الوطنية» في قرية الفرحانية التابعة لبلدة تلبيسة. وتعد بلدة تلبيسة في منطقة الحولة بريف حمص الشمالي أول منطقة في المحافظة التي خرجت فيها مظاهرات مناهضة لنظام الأسد عام 2011، ودفعت ثمناً باهظاً من أرواح أبنائها قتلاً وتشريداً وحصاراً.
مصادر محلية رجحت مقتل الشاب مهندس الصوت في «خيمة وطن» بمنطقة الريحانية برصاص أطلقه محتفلون بـ«العرس الانتخابي»، مشيرة إلى أن سيدة في حماة أُصيبت قبل أيام برصاص مشابه انطلق من حفل انتخابي للرئيس الأسد في أحد أحياء حماة. وأوضحت ألمصادر أن «السيدة كانت على شرفة منزلها حين اخترقت رصاصة طائشة ساقها وفتتت عظام الركبة»
يشار إلى أن الاتحاد العام الرياضي واتحاد نقابات العمال بدآ بتنظيم احتفالات شعبية داعمة للأسد للأندية الرياضية وللعاملين في شركات القطاع العام في مناطق سيطرة النظام شملت جميع المحافظات والبلدات والقرى، ما يجعل حضور المرشحين الآخرين لرئاسة الجمهورية عبد لله السلوم ومحمود مرعي حضوراً بائساً، بل يثير غضب الموالين، أحد أبناء اللاذقية كتب على حسابه في «فيسبوك»: «يجب كسر يد من علَّق صورة المرشح محمود مرعي عند مدخل جامعة تشرين، ألا يعلمون أن شعارنا (لا مرعي ولا عبد الله... بشار بعد الله)».
وكان المرشحان المنافسان للرئيس السوري بشار الأسد قد أطلقا حملتيهما الانتخابيتين قبل أيام، واختار المرشح عبد الله سلوم عبد الله، العضو في المكتب السياسي في «حزب الوحدويين الاشتراكيين» شعار حملته عبارة «قوتنا بوحدتنا»، وحملت لوحاته الإعلانية الطرقية عناوين فرعية مثل: «لا للإرهاب» و«نعم لدحر المحتلين». فيما اختار محمود مرعي كلمة «معاً» عنواناً لحملته، وقدم نفسه للناخب السوري بوصفه «المعارض الوطني السوري»، وحملت لافتاته الإعلانية عبارات مثل: «معاً... لأن رأينا مختلف لكن بشرف»، و«معاً للإفراج عن معتقلي الرأي». وتستمر الحملات الانتخابية حتى يوم 25 من الحالي، وهو يوم «الصمت الانتخابي» استعداداً ليوم الاقتراع المحدد في الـ26 منه للسوريين في الداخل، على أن تجري اليوم الخميس للسوريين في الخارج.
أعلنت وزارة الخارجية السورية أن كلاً من تركيا وألمانيا رفضتا إجراء التصويت في الانتخابات الرئاسية السورية على أراضيهما، وسط توقعات بأن تجري في دول أجنبية قريبة من دمشق، وعدم حصولها في معظم الدول الغربية والعربية، باعتبار أن اليوم هو موعد تصويت السوريين في الخارج.
وقال معاون وزير الخارجية السوري، أيمن سوسان، لقناة «السورية» الرسمية، إن الانتخابات ستجري في القسم الأعظم من السفارات السورية في الخارج، باستثناء تركيا وألمانيا، إضافة إلى الدول التي سبق أن أغلقت البعثات الدبلوماسية السورية فيها.



الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
TT

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)

رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، بتبني الجمعية العامة بأغلبية ساحقة خمسة قرارات لصالح الشعب الفلسطيني، من بينها تجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».

وقالت الوزارة، في بيان، إن هذه القرارات «تعكس تضامناً واسعاً من جميع أنحاء العالم مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتمثل إقراراً بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات السياسية والإنسانية، بما فيها حق لاجئي فلسطين».

وأضافت أن هذا التضامن يؤكد دعم العالم لوكالة «الأونروا» سياسياً ومالياً، ولحماية حقوق اللاجئين وممتلكاتهم وإدانة الاستيطان الإسرائيلي.

وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن هذا التصويت «تعبير إضافي عن رفض المجتمع الدولي للضم والاستيطان والتهجير القسري والعقاب الجماعي والتدمير الواسع للبنية التحتية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والإبادة في قطاع غزة».


حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات بشأن تنفيذ ذلك.

هذا الحديث الغامض من ترمب، يفسره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيكون تغييراً في تنفيذ بنود الاتفاق، فبدلاً من الذهاب لانسحاب إسرائيلي من القطاع الذي يسيطر فيه على نسبة 55 في المائة، ونزع سلاح «حماس»، سيتم الذهاب إلى «البند 17» المعني بتطبيق منفرد لخطة السلام دون النظر لترتيباتها، وتوقعوا أن «المرحلة الثانية لن يتم الوصول إليها بسهولة في ظل عدم إنهاء ملفات عديدة أهمها تشكيل مجلس السلام ولجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار».

و«البند 17» في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ينص على أنه «في حال أخّرت (حماس) أو رفضت هذا المقترح، فإنّ العناصر المذكورة أعلاه، بما في ذلك عملية المساعدات الموسّعة، ستنفّذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي يسلّمها الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية».

و«وثيقة السلام» التي وُقعت في أكتوبر الماضي بين «حماس» وإسرائيل تناولت فقط النقاط المتعلقة بما يسمى «المرحلة الأولى»، وتشمل الهدنة الأولية وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وشروط تبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن «المرحلة الثانية» المتعلقة بإدارة غزة بعد الحرب.

وأعلن ترمب في تصريحات نقلت، الخميس، أن المرحلة الثانية من خطته للسلام في غزة «ستخضع للتعديل قريباً جداً»، وسط تصاعد القلق من تعثرها وعدم إحرازها تقدماً ملموساً في التنفيذ، دون توضيح ماهية تلك التعديلات.

المحلل في الشأن الإسرائيلي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن التعديل الذي يمكن أن يرتكز عليه ترمب للحيلولة دون انهيار الاتفاق كما يعتقد هو اللجوء لـ«البند 17» الذي يرسخ لتقسيم غزة، لغزة قديمة وجديدة، وهذا ما كان يطرحه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف الشهر الماضي في عدد من لقاءاته.

وأشار إلى أن هذا التعديل هو المتاح خاصة أن الاتفاق أقر في مجلس الأمن الشهر الماضي، ويمكن أن يعاد تفعيل ذلك البند تحت ذرائع عدم استجابة «حماس» لنزع السلاح أو ما شابه، متوقعاً أن يقود هذا الوضع لحالة لا سلم ولا حرب حال تم ذلك التعديل.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية بخان يونس (أ.ف.ب)

ويرجح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه في ظل عدم توضيح ماهية تعديلات ترمب بشأن المرحلة الثانية، فإن «هناك مخاوف من ترسيخ تقسيم غزة يمكن أن نراها في التعديل مع رغبة إسرائيلية في استمرار بقائها في القطاع، تطبيقاً لما يتداول بأن هذا غزة جديدة وأخرى قديمة».

ووسط ذلك الغموض بشأن التعديل، أفاد موقع «أكسيوس» بأن ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ونقل الموقع، الخميس، عن مسؤولَين أميركيين قولهما إن «تشكيل القوة الدولية وهيكل الحكم الجديد لغزة في مراحله الأخيرة»، متوقعين أن يعقد الرئيس الأميركي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل نهاية ديسمبر الجاري لمناقشة هذه الخطوات.

غير أن الرقب يرى أن المرحلة الثانية أمامها عقبات تتمثل في «عدم تشكيل مجلس السلام وحكومة التكنوقراط، وعدم تشكيل الشرطة التي ستتولى مهامها وقوة الاستقرار، وأن أي تحركات لن ترى النور قبل يناير (كانون الثاني) المقبل».

ولا يرى عكاشة في المستقبل القريب سوى اتساع احتلال إسرائيل للمناطق التي تقع تحت سيطرتها في القطاع لتصل إلى 60 في المائة مع استمرار تعثر تنفيذ الاتفاق دون تصعيد كبير على نحو ما يحدث في جنوب لبنان من جانب إسرائيل.

فلسطينيون يسيرون أمام الخيام الممتدة على طول الشوارع وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا (أ.ف.ب)

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليوني فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً. كما نقلت صحيفة «تلغراف» البريطانية، عن دبلوماسيين غربيين أن الخطة الأميركية بشأن غزة تنطوي على خطر تقسيم القطاع إلى جزأين للأبد، ما يؤسّس لوجود قوات الاحتلال بشكل دائم في القطاع المنكوب.

وقبل نحو أسبوع، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء ببرشلونة مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على وحدة الأراضي الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة ورفض مصر أي إجراءات من شأنها تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وغزة أو تقويض فرص حل الدولتين على الأرض.

وأعاد عبد العاطي، التأكيد على ذلك في تصريحات، الأربعاء، قائلاً إنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة، فغزة هي وحدة إقليمية متكاملة، وجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية القادمة، جنباً إلى جنب مع الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذه هي قرارات الشرعية الدولية وبالتأكيد يتعين الالتزام بذلك»، مؤكداً أنه إلى الآن يجرى التشاور بشأن لجنة إدارة قطاع غزة مع الأطراف المعنية، حتى تتولى هذه اللجنة الإدارية من التكنوقراط مهام العمل على الأرض. وأشار عكاشة إلى أن الجهود المصرية ستتواصل لمنع حدوث تقسيم في قطاع غزة أو حدوث تعديل يؤثر على الاتفاق، لافتاً إلى أن السيناريوهات مفتوحة بشأن التطورات المرتبطة بخطة ترمب.


«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
TT

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد المخصصة لهذه الفئة إلى قنوات تخدم مشروعها العسكري والآيديولوجي.

ومع استمرار انقطاع البرامج الحكومية والدعم الدولي، يجد المعاقون أنفسهم أمام واقع قاسٍ تتضاعف فيه الاحتياجات وتتراجع فيه فرص العلاج والرعاية.

مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من ممارساتها التي تستهدف ذوي الإعاقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، سواء عبر استغلالهم في فعاليات ومناسبات سياسية، أو من خلال إجبار عشرات الأطفال على حضور دورات تعبئة فكرية تستند إلى خطاب طائفي، في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية.

وتشير المصادر إلى أن ما تبقى من المراكز والمنشآت المتخصصة التي كانت تقدم خدمات طبية وتأهيلية للمعاقين، تحوّل إلى أماكن شبه مهجورة بعد إغلاقات تعسفية ووقف شبه تام للبرامج الفنية والدعم الخارجي، نتيجة استحواذ الجماعة على المخصصات والموارد المالية.

مبنى «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وكشف سكان في صنعاء أن مئات المعاقين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة. ومع غياب برامج الدعم، اضطرت كثير من الأسر إلى إرسال أبنائها من ذوي الإعاقة إلى شوارع المدينة، بحثاً عن أي مساعدة تساهم في تغطية احتياجاتهم الغذائية أو تكاليف العلاج باهظة الثمن.

وتؤكد أسرة تقيم في ضواحي صنعاء أن اثنين من أبنائها من ذوي الإعاقة لم يعودا قادرين على تلقي جلسات العلاج الطبيعي أو الحصول على أجهزة طبية مساعدة، مثل الأطراف الصناعية أو السماعات، بعد ارتفاع أسعارها وغياب الدعم المخصص لهم من «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وتضيف الأسرة أن الصندوق ـ الذي كان يعد المتنفس الوحيد لهذه الفئة ـ توقف عن تقديم معظم خدماته التعليمية والتأهيلية، مما أدى إلى حرمان مئات الأطفال من ذوي الإعاقة من حقهم في التعليم المتخصص.

ضحايا بلا رعاية

تقدّر مصادر يمنية حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين يتجاوز 4.5 مليون معاق، بينهم مصابون بإعاقات خلقية، وآخرون نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ انقلابها. وتؤكد التقديرات أن أكثر من 70 في المائة منهم محرومون من الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الكراسي المتحركة، والأجهزة التعويضية، وجلسات العلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل المهني.

جانب من زيارة قيادات حوثية لـ«صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» في صنعاء (إعلام حوثي)

وأكد عاملون في «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً حاداً في الخدمات المقدمة، مشيرين إلى أن الصندوق يستقبل شهرياً نحو 800 حالة جديدة، معظمها تحتاج إلى رعاية طويلة المدى لا يستطيع الصندوق تلبيتها حالياً. وقالوا إن سيطرة الحوثيين على موارد الصندوق وقراراته أدت إلى إيقاف عشرات المراكز وتجميد برامج التأهيل، إضافة إلى تحويل جزء كبير من الدعم لصالح الجرحى والمقاتلين العائدين من الجبهات.

وأشار العاملون إلى أن المساعدات النقدية والأجهزة التعويضية تُمنح بشكل شبه حصري لعناصر الجماعة وجرحاها، في الوقت الذي يُترك فيه آلاف المعاقين المدنيين لمواجهة مصيرهم دون أي دعم.

تعبئة فكرية

وسط هذا الانهيار الإنساني، تواصل الجماعة الحوثية إخضاع عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة في صنعاء لدورات فكرية وتعبوية تحت اسم «دورات توعوية»؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة جمعت خلال الأيام الماضية أطفالاً ومراهقين من تسعة مراكز وجمعيات متخصصة، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وأخضعتهم لمحاضرات تهدف إلى غرس أفكارها العقائدية.

وتقول المصادر إن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام التي يتم فيها إخضاع قاصرين معاقين لمثل هذه الأنشطة، في خطوة أثارت سخطاً واسعاً بين أسر الضحايا، الذين اعتبروا ذلك استغلالاً فجاً لفئة يُفترض حمايتها وتمكينها بدلاً من تجييرها لصالح مشروع سياسي.

ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة للقيادي الحوثي محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس حكومة الانقلاب، إلى مقر الصندوق، وهي زيارة رأى فيها مراقبون محاولة لشرعنة ممارسات الجماعة لا أكثر.

فتيات معاقات لدى مشاركتهن في برنامج تعبوي نظمه الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ويحذر مختصون اجتماعيون في صنعاء من أن استمرار الإهمال وغياب برامج الدعم قد يدفعان بمزيد من ذوي الإعاقة إلى دوامة الفقر المدقع، ويعمق من معاناتهم الصحية والإنسانية. ويتهمون الجماعة الحوثية بأنها حولت هذه الفئة من مواطنين يحتاجون إلى رعاية إلى وسيلة للابتزاز السياسي والاستغلال الإعلامي.

ويطالب المختصون المؤسسات الدولية والمانحين بضرورة إعادة تفعيل برامج الدعم والتأهيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن تدخّلات الحوثيين، داعين إلى وضع آلية رقابة مستقلة على البرامج الموجهة لذوي الإعاقة.

ويؤكد المختصون أن إنقاذ هذه الفئة يتطلب جهوداً عاجلة، خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل للخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوقف التمويل المحلي والدولي عن معظم المراكز.