في ثالث أيام تسجيل المرشحين للانتخابات الرئاسية الإيرانية المقررة 18 يونيو (حزيران)، تراجعت الحكومة نسبياً عن موقفها الرافض لشروط الترشح المعلنة من مجلس صيانة الدستور، لكنها دعت إلى «عدم إحباط الناس من صناديق الاقتراع»، وتجنُّب إقصاء المرشحين لتحقيق أقصى درجات الإقبال على الانتخابات.
وقال وزير الداخلية، عبد الرضا رحماني فضلي، للصحافيين، أمس: «لا توجد أي مشكلة لدينا مع صيانة الدستور، ونقوم بالتنسيق الكامل، من لا يملكون الشروط المطلوبة من صيانة الدستور سنقوم بفرز ملفاتهم إلى مجموعات ونسلمها لصيانة الدستور»، منوهاً بأن الوزارة ستقوم بتسجيل جميع المتقدمين لكنها تترك عملية النظر في أهلية المرشحين لمجلس صيانة الدستور. تأتي تصريحات الوزير بعدما ساد الغموض عملية التسجيل، في أعقاب أوامر وجهها الرئيس حسن روحاني بالعمل وفق القانون السابق للانتخابات، في خطوة مضادة لشروط حددها «صيانة الدستور» الأسبوع الماضي.
وسيبدأ «صيانة الدستور» عملية النظر في أهلية المرشحين بين 16 و20 مايو (أيار)، وقد تمدد الفترة إلى 25 مايو، على أن تعلق التشكيلة النهائية لخوض لسباق الرئاسي بين 26 و27 مايو وتبدأ حملة الانتخابات في 28 مايو، وتمتد لغاية 16 يونيو.
ويسمي «المرشد» علي خامنئي نصف أعضاء «صيانة الدستور» من «الفقهاء»، ويختار نصفهم من الخبراء الحقوقيين رئيس القضاء الذي بدوره ينصّبه «المرشد».
وأعرب الرئيس حسن روحاني عن أمله في أن تشهد انتخابات «مناسبة»، وقال: «نحدث دائماً عن إقامة انتخابات مهيبة، لكننا لا نتحدث عن الانتخابات الأخلاقية»، معتبراً أن الانتخابات المهيبة هي ظاهرة «عالمية وليس من اختصاص إيران»، وألقى باللوم على من يلجأون إلى «توجيه التهم والأكاذيب لتسول الأصوات الانتخابية». وأضاف: «الرئاسة مسؤولية صعبة وثقيلة، وفي كل لحظة لديها آلاف المشكلات خاصة إذا كان المنافسون والمعارضون أصحاب قوة ولديهم إمكانيات في قبضتهم»، لافتاً إلى أن السنوات الثلاث والنصف الأخيرة من ولايته الثانية «كانت ظروفاً أصعب من ظروف الحربين العالميتين الأولى والثانية». ودعا روحاني إلى حضور جميع التيارات والأحزاب المعترف بها لدى المؤسسة الحاكمة في الانتخابات، وقال: «يجب أن يكون التنوع بين المرشحين جذاباً؛ أن نقول ليأتي ويشارك الناس في الانتخابات، يبقى رهن سعينا بتنوع المرشحين، إذا سلبنا التنوع ستسلب المشاركة والحضور المهيب في الانتخابات».
قبل ساعات من خطاب روحاني، أصدرت الحكومة الإيرانية بياناً ثانياً حول الاستحقاق الرئاسي، وطالبت «صيانة الدستور» وجميع الأجهزة المعنية بالانتخابات بتجنب إقصاء المرشحين لرفع نسبة المشاركين في الانتخابات. ودعا البيان الحكومي إلى السماح بمشاركة مختلف المرشحين دون تمييز، لتحقيق «أقصى المشاركة» بناء على توصيات «المرشد الإيراني»، عشية فتح أبواب التسجيل، معتبراً شرط المشاركة الواسعة «ثقة الناس من الالتزام الكامل ودون تمييز والأمل بدور مؤثر لمشاركة المواطنين في تقرير مستقبل البلاد». وأضاف في جزء آخر: «الحكومة تؤمن بأن الوحدة تتجلى في الحضور، وليس الإقصاء».
ودعا البيان الذي نشره الموقع الرسمي للحكومة، «جميع من يريدون اعتلاء إيران وتحقق مبادئ الاستقلال والحرية، يتعين عليهم أن يحرسوا حق الانتخاب الحر والواعي للمواطنين أن يساعدوا على حل مشكلات البلاد بالمساعدة على المشاركة الواسعة».
وتأتي انتخابات هذا العام بعدما سجلت إيران أدنى أقبال على الانتخابات خلال 41 عاماً، في الانتخابات التشريعية العام الماضي. كما أنها الأولى بعد أربع سنوات عاصفة من الاحتجاجات والإضرابات، بسبب تدهور الوضع المعيشي، وكان أبرزها احتجاجات ديسمبر (كانون الأول) 2017 ونوفمبر (تشرين الثاني) 2019. الأمر الذي يجعل من هذه الانتخابات برأي بعض الأطراف في إيران بمثابة الاستفتاء الشعبي على النظام.
وبعيد تقديم طلبه لخوض الانتخابات، حذر الرئيس السابق، محمد أحمدي نجاد، أول من أمس، من رفض طلبه على غرار انتخابات 2017. وهدد بمقاطعة الانتخابات وعدم تأييد أي من المرشحين هذه المرة. ورد عضو لجنة «صيانة الدستور» وخطيب جمعة طهران، أحمد خاتمي، أمس ضمناً على تهديد أحمدي نجاد، دون أن يذكر اسمه، بقوله: «البعض يقول إنه سيقاطع الانتخابات، ليسوا جديرين بالترشح، إذا كنتم ترفضون الدستور فلماذا تترشحون؟».
وقال: «هؤلاء يجلسون على مائدة النظام ويتولون المناصب بالدستور وينخبون عبر هذا الطريق، لكن عندما يرفضهم القانون يقولون إنهم سيقاطعون الانتخابات، هذا يعني أنهم لا يعترفون بالنظام والدستور».
- لا مفاجآت في اليوم الثالث
لم تسجل عملية تسجيل المرشحين في يومها الثالث أي حضور لشخصيات يمكن أن تكون رقماً صعباً في المعادلات الانتخابية للتيارات التي تتقاسم الصلاحيات في إيران. وكان أبرز المرشحين أمس، رامين مهمانبرست، الناطق السابق باسم الوزارة الخارجية في زمن الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، ومحسن مهرعليزاده، مساعد الرئيس الأسبق، محمد خاتمي، ورئيس منـظمة الرياضة.
وتقدم نائبان من البرلمان السابق، الإصلاحي محمود صادقي، والمعتدل، علي مطهري، نائب رئيس البرلمان. وذلك بعدما استبعدهما مجلس صيانة الدستور العام الماضي، من خوض الانتخابات التشريعية.
وقال مطهري إنه لا ينوي الانسحاب لصالح أحد في الانتخابات وإنه يسجل في الانتخابات بصورة مستقلة، منوهاً بالقول: «آلية الإصلاحيين للإجماع لا تشملني». وعن احتمال رفض أهليته للانتخابات، قال: «تحدثنا مع بعض الأطراف، ونأمل أن يوافقوا». وأضاف: «لن يرفضوا الأهلية في حال عدم المبالغة». وأضاف: «نقترب من انتخابات خاصة، نسبة المشاركة ستحمل رسالة مهمة إلى العالم، وتساعد على رفع العقوبات وإحياء الاتفاق النووي، إذا يجب إلا يعتقد الناس إنه لا اختلاف بحال المشاركة من عدم المشاركة». وأضاف: «ربما لا نصل إلى جميع مطالبنا لكن يمكننا أن نحصل على 70 إلى 80 في المائة».
وعن احتمال ترشح صهره، رئيس البرلمان السابق، علي لاريجاني، قال مطهري إنهما لم يتحدثا خلال 20 يوماً الماضية، وقال: «لا علم لي بقرار دخول الانتخابات، وأنا دخلت الانتخابات من دون عمله، دخوله من عدم دخوله لن يؤثر علي»، حسب ما نقلت وكالة إيسنا الحكومية. ووعد مطهري بمواجهة حجب مواقع الإنترنت ومنع شبكات التواصل في إيران، وقال: «يحق للجميع أن يتحدث حتى أعداء الثورة وأنصار النظام السابق و(مجاهدي خلق) ومراسلو (بي بي سي). خطنا الأحمر هو إثارة الفوضى، لكن التعبير عن الرأي، فإنه مسموح به إلى ما لا نهاية».
أما النائب السابق، محمود صادقي فقد أبلغ الصحافيين بأن المرشح النهائي للإصلاحيين «سيكون إصلاحياً قُحّاً»، الأمر الذي يتعارض مع التقارير عن احتمال الاتفاق على لاريجاني، مشدداً على أنه يتبع القرار «الجماعي» للإصلاحيين. وقال صادقي: «بلادنا تواجه تحديات فائقة على المستويين الداخلي والدولي»، محذراً من أن استمرار هذا المسار «يضر المصالح العليا وأهداف النظام». وقال: «هذا الوضع يقلق كثيراً من المحرومين».
- استنفار إصلاحي
استنفر التيار الإصلاحي، أمس، قواه لدفع بمرشحين بارزين في مواجهة التيار المحافظ الأوفر حظاً للفوز بالانتخابات الرئاسية، وسط تراجع الإقبال الشعبي.
وأبلغ محمد رضا جلاي بور عضو «جبهة الإصلاحيات» أن ترشح إسحاق جهانغيري، نائب الرئيس الإيراني «أصبح مؤكداً» بعد اتصالات ورسائل مكثفة من زعماء وكبار التيار الإصلاحي». وكان جهانغيري احتل الرتبة الثانية، بعد وزير الخارجية، محمد جواد ظريف، بين 14 مرشحاً محتملاً أعلنت أسماءهم جبهة الإصلاحات الأسبوع الماضي. وقرر ظريف، أول من أمس، عدم خوض الانتخابات الرئاسية، بعد يوم من مشاوراته مع الرئيس الأسبق محمد خاتمي، الذي فشل في إقناعه.
ومن جهة ثانية، أصدر مكتب الإصلاحي، محمد رضا عارف، نائب الرئيس محمد خاتمي، بياناً طلب فيه من وسائل الإعلام تجاهل تقرير زعم تراجعه من فكرة الترشح للانتخابات، مؤكداً أنه سيتخذ القرار النهائي، السبت، في آخر أيام تسجيل المرشحين. ولا يبدو أن عارف الوحيد الذي يحسم قراره، في اليوم الأخير؛ فمن جهته أعلن، محسن هاشمي، رئيس مجلس بلدية طهران، ونجل الرئيس الأسبق على أكبر هاشمي رفسنجاني، أنه سيتخذ قراره النهائي، السبت، بحسب مواقع إصلاحية.
في غضون ذلك، أفادت موقع «انتخاب» المقرب من الحكومة، بأن رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية، علي أكبر صالحي، يفكر بالترشح للانتخابات الرئاسية، بعد تلقيه اتصالات عديدة من شخصيات بارزة ومجموعات مختلفة خلال الأيام الأخيرة.
روحاني يحذر من «إحباط الناس» عبر صناديق الاقتراع
نائب الرئيس الإيراني يقرر الترشح... وانتقادات ضمنية من «صيانة الدستور» لأحمدي نجاد
روحاني يحذر من «إحباط الناس» عبر صناديق الاقتراع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة