قبل أن تحل الساعة السابعة من مساء أمس، جلس الشعب المصري أمام التلفزيون منتظرا خطاب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، راسما صورة بعقله لشكل هذا الخطاب وأنه سيأتي كما عهده في خطابات الرؤساء السابقة، حيث كان الرؤساء دائما يقفون على منبر، يتحدثون بلغة عربية فصحى، ويقرأون خطاباتهم من ورق موضوع أمامهم، ويتحدثون بلغة جدية سياسية عن القضايا الراهنة.
إلا أن الشعب فوجئ بأن خطاب السيسي بالأمس جاء كاسرا للمعهود وللتقاليد المعروفة عن الخطابات الرئاسية للرؤساء السابقين، حيث كان السيسي جالسا على كرسي، بعيدا عن المكتب، ويتحدث بلغة عامية غير رسمية، وبدا كلامه ارتجاليا لا يقرأه من ورق أمامه، كما أن استخدام فواصل موسيقية للفصل بين الموضوعات المختلفة كانت فكرة جديدة من نوعها ولم يعرفها المصريون من قبل.
وقد بدأ السيسي خطابة بتأكيده أنه سوف يقوم بهذا اللقاء مع الشعب شهريا على الأقل، وأنه حريص على أن يقدم لهم كشف حساب شهري عن كل ما يحدث من أوضاع على أرض الواقع.
وقد أثار خطاب السيسي دهشة وإعجاب الكثيرين الذين اعتبروه خطوة للتقرب إلى الشعب، وأوضحت الدكتورة منى أبو طيرة، أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس لـ«الشرق الأوسط» أن الخطاب كان «من القلب للقلب»، حيث إنه نجح بأسلوب سهل وبسيط أن يصل لكل فئات الشعب، وليس للنخبة المثقفة فقط، واستطاع أن يبعث رسالته بشكل دقيق وسهل.
وأضافت أبو طيرة قائلة: «الرئيس السيسي يعتبر أول رئيس يضع الشعب معه في الصورة ويتحدث معه عن أفكاره ومشاريعه المستقبلية بلغة سهلة وبسيطة، وكأنه يتحدث مع عائلته ويشاركهم في قراراته».
أما المحلل السياسي عبد الغفار شكر، فأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن خطاب السيسي جاء غير تقليدي بالمرة، وأراد أن يخلق صلة بينه وبين الناس عن طريق التحدث باللغة العامية لكي يصل كلامه لكل فئات الشعب بسهولة، وهو أول رئيس يقوم بخطاب «ودي» مع الشعب يعرض فيه رأيه في القضايا الملحة.
وأوضح شكر أن هذا الخطاب يختلف عن خطابات الرؤساء السابقين، حيث أكد السيسي أن هذا الخطاب سوف يكون شهريا؛ وهو ما لم يكن معهودا من قبل، حيث كانت خطابات الرؤساء تلقى في مناسبة بعينها، أو لبحث قضية بعينها ولم تكن خطابات منتظمة كل فترة، مشيرا إلى أن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر كان يلقي خطاباته في وسط الجماهير، أما الرئيس أنور السادات فكان يلقي خطابات تاريخية رسمية، بينما كانت خطابات الرئيس محمد حسني مبارك للشعب قليلة جدا تعد على أصابع اليد، وتتسم بالرسمية والحديث باللغة العربية الفصحى، فيما اتسمت خطابات الرئيس المعزول محمد مرسي بأنها كانت طويلة جدا وانفعالية في أحيان كثيرة.
أما عن اختلاف التوجه الإعلامي للرئيس السيسي عن الرؤساء السابقين، فقد أوضح الخبير الإعلامي الدكتور ياسر عبد العزيز، أن هناك عناصر رئيسية في توجهات الرئيس الإعلامية، أهمها أنه يعول على الاتصال والتسويق الإعلامي للسياسات ويحرص على وجود قناة مباشرة بينه وبين القطاعات المختلفة من الجمهور، بالإضافة إلى ذلك فإنه يدرك جيدا أن الكلام البسيط التلقائي يجد طريقة أسهل للنفاذ والتأثير على الشعب.
وتابع عبد العزيز قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «الرئيس يدرك جيدا أن مخزن الدعم الرئيسي له موجود لدى الطبقات الوسطى وما دونها، ويحرص على فتح الأبواب المغلقة بينه وبين الشعب ويسهل عليهم تلقي رسائله، وأعتقد أن الرئيس هو من يقوم بإخراج كل خطاباته حيث إنه اختبر أدواته الاتصالية كثيرا؛ وحتى هذه اللحظة يبدو أن اليقين قد تعزز لديه في فاعلية هذه الأدوات».
السيسي يعيد تشكيل خريطة الخطابات الرئاسية المصرية
خبراء: الخطاب كسر المعهود وجاء «من القلب للقلب»
السيسي يعيد تشكيل خريطة الخطابات الرئاسية المصرية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة