المغرب: إيران تعمل على زعزعة استقرار شمال أفريقيا وغربها

وزير خارجية المغرب مستقبلاً رئيس «فيفا» جياني إينفانتينو في الرباط في فبراير الماضي (أ.ف.ب)
وزير خارجية المغرب مستقبلاً رئيس «فيفا» جياني إينفانتينو في الرباط في فبراير الماضي (أ.ف.ب)
TT

المغرب: إيران تعمل على زعزعة استقرار شمال أفريقيا وغربها

وزير خارجية المغرب مستقبلاً رئيس «فيفا» جياني إينفانتينو في الرباط في فبراير الماضي (أ.ف.ب)
وزير خارجية المغرب مستقبلاً رئيس «فيفا» جياني إينفانتينو في الرباط في فبراير الماضي (أ.ف.ب)

قال ناصر بوريطة، وزير الخارجية المغربي، إن إيران تعمل «عبر وكلاء» على زعزعة الاستقرار في القارة السمراء. وأضاف، في حوار أجراه، الخميس، مع قناة لجنة الشؤون العامة الأميركية - الإسرائيلية (إيباك) على هامش اجتماعها السنوي، أن العالم يعرف الكثير عن أنشطة إيران النووية، «لكنها تعمل أيضاً من خلال وكلاء على زعزعة استقرار شمال أفريقيا وغربها». وشدد على أن «إيران تهدد الوحدة الترابية للمغرب وأمنه بدعمها لـ(البوليساريو) من خلال تزويدها بالسلاح، وتدريب ميليشياتها على مهاجمة المغرب»، مذكراً بأن إيران توسع مجال نفوذها أيضاً من خلال «حزب الله»، حيث إن «أنشطتها في غرب أفريقيا تضر بالإسلام المعتدل الذي كان المغرب يعززه منذ قرون في هذه المنطقة، كما تتواصل مع وكلاء معينين، بما في ذلك بعض الفاعلين المتشددين» في هذه المنطقة. وخلص إلى القول: «نحن اليوم يقظون دوماً في مواجهة التهديدات التي تمثلها إيران لأمننا وأمن الشعب المغربي»، مشيراً إلى أن قضية الصحراء المغربية «حاسمة بالنسبة للمغرب»، وأن وحدة ترابه هي «مفتاح استقراره».
وقال إن استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الرباط وتل أبيب يشكل استجابة لنداء مزدوج: «نداء الجالية اليهودية المغربية، التي ترغب في تعميق علاقتها مع المغرب، وكذلك نداء السلام وتطوير الدينامية الأصيلة التي تشكل مجالاً ملائماً لسلام دائم في الشرق الأوسط». وأضاف أنه بالنسبة للمغرب الذي يعد «رائداً في عملية السلام في الشرق الأوسط منذ عهد الملك الراحل الحسن الثاني، فإن الأمر يتعلق بـمحطة طبيعية، وخطوة تمت عن اقتناع، وهي، أيضاً، استثمار في السلام ووسيلة لتعميق علاقة قوية بين المغرب والجالية اليهودية».
وأشار بوريطة إلى أن الملك محمد السادس صرح بأن القرار الذي اتخذه المغرب في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ليس انتهازياً. بل هو قرار مبني على قناعة وقرار طبيعي نظراً لروابطه بجاليته اليهودية والانخراط التاريخي للمغرب في السلام. وأضاف أن «الدينامية الإقليمية مهمة جداً. الاستقرار الإقليمي مهم للغاية لتعزيز السلام بين إسرائيل وفلسطين. والمغرب اضطلع بدور رائد في عملية السلام في الشرق الأوسط، وهو مستعد اليوم أيضاً للمساهمة فيها». وعبّر بوريطة عن أمله في أن تبذل كل الجهود من كل الجهات، بما في ذلك من الجانب الإسرائيلي، لتعزيز سلام حقيقي «يحافظ على أمن إسرائيل وسلامة شعبها واستقراره، ولكن يسمح أيضاً للفلسطينيين بالمطالبة بحقوقهم». وأشار بوريطة إلى أن «العلاقة عريقة جداً والصلة بين المغرب والجالية اليهودية عميقة الجذور. وأتساءل ما إذا كان بإمكاننا التحدث عن المغرب والجالية اليهودية باعتبارهما كيانين منفصلين لأنهما يشكلان مجتمعاً واحداً»، مذكراً بأن «السكان اليهود يعيشون في المغرب منذ قرون، وهم جزء من سكان المغرب، وأن ذلك أثرى الهوية المغربية. ولهذا ربما يكون دستورنا هو الوحيد في العالم العربي والإسلامي الذي يذكر اليهود كجزء من الروافد المهمة للهوية المغربية». وذكر بوريطة أن الأمر يتعلق أيضاً بـ«علاقة بين الجالية اليهودية وملوك المغرب يعود تاريخها إلى القرن الخامس عشر عندما جرى طرد الجالية اليهودية من الأندلس، ليتم الترحيب بها في المغرب»، مشيراً إلى أن الملك الراحل محمد الخامس كان قد رفض القوانين المعادية للسامية لنظام فيشي ورفض تسليم الجالية اليهودية المغربية للنظام النازي».
وبشأن علاقة الشراكة القوية بين المغرب والولايات المتحدة، قال بوريطة إنها «علاقة طويلة الأمد للغاية. إنها مرتبطة حتى بتاريخ الولايات المتحدة»، مشيراً إلى أن المغرب هو أول بلد يعترف بالولايات المتحدة. وأوضح أن الاتفاق المغربي - الأميركي «يعد أقدم اتفاق سارٍ وقعته الولايات المتحدة. واليوم سنحتفل بمرور 200 سنة على أقدم ملكية أميركية خارج الولايات المتحدة، التي توجد في طنجة»، مشيراً إلى أن هذه العلاقة «تكيفت مع عصور مختلفة».
واستطرد قائلاً: «كنا حلفاء خلال الحرب الباردة، وكنا حلفاء عندما انقسم الشرق والغرب، ونحن حلفاء في التعامل مع التحديات الناشئة، كما أننا حلفاء في مواجهة التهديدات التي تستهدف أمننا وأمن شعبينا».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».