الحالة الهندية تزيد هواجس الطفرات الجديدة

بسبب مقاومتها المناعة الطبيعية

الحالة الهندية تزيد هواجس الطفرات الجديدة
TT

الحالة الهندية تزيد هواجس الطفرات الجديدة

الحالة الهندية تزيد هواجس الطفرات الجديدة

رفعت السلالة الهندية من فيروس «كورونا» من درجة التوجس لدى الجهات الصحية بشأن الطفرات الجديدة، ومدى قدرتها على مقاومة المناعة الطبيعية التي تتولد بفعل الإصابة بالفيروس أو تلقي اللقاحات. أفادت دراسة علمية، أجراها خبراء المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض السارية والوقاية منها، بأن الطفرات الثلاث الأوسع انتشاراً في أوروبا لـ«كوفيد – 19»، البريطانية والجنوب أفريقية والبرازيلية، تزيد من خطر العلاج في المستشفى ووحدات العناية الفائقة، بصفة عامة وبين الفئات العمرية الشابة، خصوصاً تلك التي تتراوح بين 20 و30 عاماً وبين 40 و59 عاماً، لكنها لا تزيد من خطر الوفاة.
وأجريت هذه الدراسة على 23 ألف مصاب بـ«كوفيد» في سبع دول أوروبية؛ هي إيطاليا والبرتغال وفنلندا وآيرلندا وإستونيا ولوكسمبورغ وقبرص، وتنشرها المجلة العلمية الصادرة عن المركز في عددها الأخير. ويستفاد من النتائج المقارنة لهذه الدراسة أن الإصابات الناجمة عن طفرات غير هذه الثلاث تحمل خطراً للعلاج في المستشفى مضاعفاً ثلاث مرات وضعف خطر الحاجة للعناية الفائقة للفئات العمرية الشابة. ويقول خبراء المركز إن هذه النتائج هي دعوة موجهة إلى السلطات الصحية والسياسية والمواطنين بعدم الإفراط في التفاؤل والمواظبة على تدابير الوقاية والاحتواء، ويضيفون أن هذه الطفرات الثلاث التي تتميز بسرعة سريان أكبر من الطفرات الأخرى، يرجح أيضاً أنها أكثر مقاومة للمناعة الطبيعية التي تتولد بفعل الإصابة بالفيروس وتلك التي تنشأ عن تناول اللقاح.
وتؤكد الدراسة أن الطفرات الثلاث المذكورة التي ظهرت بين أواخر العام الفائت ومطلع العام الجاري تحمل قدرة سريعة على السريان يصعب تحديدها بدقة في الوقت الراهن، لكنها في كل الحالات ناشئة عن تحور في المادة البروتينية يمد الفيروس بقدرة أكبر على اقتحام الخلايا ورفع شحنة الالتهاب ومعدل التكاثر. كما يتبين من الدراسة أن الطفرتين البرازيلية والجنوب أفريقية تضعفان قدرة مضادات الأجسام على التصدي للفيروس ومنعه من التكاثر بسرعة في القصبات الهوائية، ما يؤدي إلى زيادة العوارض الخطرة للإصابة والحاجة للعلاج في المستشفى، حتى بالنسبة للشباب الذين يتمتعون بجهاز فعال للمناعة.
وتخلص الدراسة إلى القول إن حملات التلقيح الجارية، التي تركز في المراحل الأولى على الفئات الأكثر تعرضاً للإصابات الخطرة، سوف تؤدي قريباً إلى انخفاض ملحوظ في المتوسط العمري للإصابات والحالات التي تستدعي العلاج في المستشفى. ويشدد خبراء المركز في توصياتهم على أهمية مواصلة إجراء التسلسل الوراثي للفيروس، لمراقبة التحور الطبيعي للفيروس وتأثره باللقاحات. وينكب خبراء المركز الأوروبي منذ أيام، بالتعاون الوثيق مع منظمة الصحة العالمية، على دراسة الطفرة الجديدة التي ظـهرت مؤخراً في الهند وتأكد انتشارها حتى الآن فيما يزيد على 40 دولة، كانت آخرها المكسيك التي أعلنت، أمس (الاثنين)، أنها رصدت ثلاث حالات في العاصمة مكسيكو.
وبينما تتسارع إمدادات الإغاثة الدولية لمساعدة الهند على مواجهة التسونامي الوبائي الذي يعصف بها بسبب الطفرة الجديدة، وفيما يسعى الخبراء إلى تحديد مصادر هذه الكارثة من ضعف المنظومة الصحية إلى التسرع في تخفيف تدابير الوقاية والاحتواء ورفعها بعد أن أعلن وزير الصحة الهندي أواخر فبراير (شباط) «نهاية المباراة» ضد الفيروس، كشفت معلومات، أمس، أن الحكومة الهندية تجاهلت تحذيراً علمياً في مطلع مارس (آذار) من طفرة جديدة للفيروس يمكن أن تنتشر بسرعة في البلاد، وتوصية بعدم التراخي في تدابير العزل والوقاية.
وكشفت المعلومات أن اللجنة العلمية التي شكلتها الحكومة في بداية الجائحة لمراقبة الوباء والاسترشاد بتوجيهاتها، رفعت تقريراً إلى رئيس الحكومة ناريندرا مودي تنبه فيه من طفرة جديدة سريعة السريان على وشك أن تهب على البلاد، وأن المنظومة الصحية ليست مجهزة لمواجهتها. لكن مودي، الذي كان قد أعلن التعبئة العامة في صفوف حزبه، استعداداً لانتخابات حاسمة في إقليم البنغال الغربي، تجاهل التنبيه وفتح الأبواب على مصاريعها لتنظيم المهرجانات السياسية والاحتفالات الدينية الحاشدة والمباريات الرياضية والتجمعات، التي توّجها الاحتفال السنوي التقليدي بالاغتسال في مياه «الغانج» المقدس، الذي توافد إليه عشرات الملايين من كل أنحاء البلاد، ثم عادوا إلى مناطقهم ينشرون فيها الطفرة الجديدة.
وفيما يراقب العالم بقلق عميق تطورات المشهد الوبائي في الهند، ويتوجس من تكراره في مناطق أخرى مثل أميركا اللاتينية، تتعالى أصوات المنددين بسياسة الحكومة في إدارة الأزمة، والمطالبين بإحالة رئيسها ناريندرا مودي إلى المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جريمة ضد الإنسانية. ومن بين المطالبين بمحاسبة الحكومة الهندية، إضافة إلى زعماء الأحزاب المعارضة والعديد من العلماء والشخصيات الفكرية البارزة، الكاتبة الهندية الشهيرة آرونداتي روي، الناشطة أيضا في الدفاع عن البيئة وحقوق الإنسان، التي ذكرت أمس، كيف أنه عندما كانت الولايات المتحدة وأوروبا تواجهان أصعب مراحل الأزمة في ذروة الموجة الوبائية الثانية، كان مودي يتباهى بإنجازاته وقدرات الهند وجهوزيتها لمواجهة الجائحة، من غير أن تصدر عنه كلمة عزاء أو تعاطف تجاه الدول الأخرى.
وتستحضر روي، في مقالة طويلة لها، المقطع التالي من الخطاب الذي ألقاه مودي يومها «أحمل إليكم رسالة أمل وتفاؤل 1.3 مليار هندي، فيما الخوف يتملك جوارح العالم. قالوا لنا إن الهند ستكون الدول الأكثر تضرراً بكوفيد، وإن تسونامي الوباء قد يؤدي إلى إصابة أكثر من نصف سكانها، وإن عدد الضحايا قد يزيد على المليونين. ونصيحتي اليوم أنه لا نقارن بين نجاح الهند وما نشهده في الدول الأخرى. نحن نشكل 18 في المائة من سكان العالم، وتمكنا من السيطرة على الفيروس وأنقذنا البشرية من كارثة ضخمة».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».