رئيس مجلس الأمة الجزائري يتهم المعارضة بالتحريض على الفوضى

تنسيقية الانتقال الديمقراطي تنظم مظاهرات ضد مشروع استغلال الغاز الصخري

رئيس مجلس الأمة الجزائري يتهم المعارضة بالتحريض على الفوضى
TT

رئيس مجلس الأمة الجزائري يتهم المعارضة بالتحريض على الفوضى

رئيس مجلس الأمة الجزائري يتهم المعارضة بالتحريض على الفوضى

هاجم عبد القادر بن صالح، رئيس «مجلس الأمة» الجزائري (الغرفة البرلمانية الثانية)، بشدة المعارضة بسبب إعلانها تنظيم مظاهرات الثلاثاء المقبل، تضامنا مع سكان جنوب البلاد، الذين يرفضون أعمال البحث عن الغاز الصخري، بينما تمارس «تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي» المعارضة ضغطا كبيرا على الحكومة لحملها على تغيير خياراتها الاقتصادية بعد انهيار أسعار النفط.
وقال بن صالح، في اجتماع مع مناضلي حزب «التجمع الوطني الديمقراطي» الذي يرأسه، بولاية معسكر (400 كلم غرب العاصمة)، أمس، إن «محاولة المعارضة الاستثمار في مطالب سكان الجنوب، واستغلال الظرف الاقتصادي الحالي، لن يفيد، لأن الجزائريات والجزائريين تحصّنوا بفضل التجارب المرة التي عرفتها البلاد، وهم يعرفون أين تكمن مصلحتهم ومصلحة البلاد، ولن تنطلي عليهم النيات الحقيقية لأصحاب دعوات الفوضى، وهم جاهزون للدفاع عن الجزائر واستقرارها».
وذكر بن صالح، وهو الرجل الثاني في الدولة بحسب الدستور، أن حزبه «حث المعارضة، التي تعيش حالة ارتباك، أكثر من مرة على توخي الحيطة والحذر في تصريحاتها، التي تمضي في كل مرة من انزلاق إلى آخر، بحيث باتت اللغة المستعملة تنفصل أكثر فأكثر عن الواقع السياسي المعيش»، كما حذر بن صالح مما سماه «مخاطر لعبة التحريض والدعوة إلى النزول إلى الشارع، التي من شأنها أن تؤدي إلى الفوضى وتهديد الاستقرار»، في إشارة إلى عزم المعارضة تنظيم ما سمته «وقفات احتجاجية»، بغد غد الثلاثاء، في الولايات الـ48، تعبيرا عن تضامنها مع سكان مناطق جنوبية، يرفضون أعمال التنقيب عن الغاز الصخري التي أطلقتها الحكومة في ولايات صحراوية.
ودعا بن صالح، وهو من أشدّ الموالين للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، إلى «فتح حوار فني وعلمي حول استغلال الغاز الصخري في الجزائر، بين الحكومة ومن لديهم رأي مخالف في الموضوع حتى يتم الإقناع والاقتناع». ويفهم من كلام بن صالح أن المعارضة لا تفقه في موضوع الغاز الصخري حتى تبدي موقفا معارضا منه.
يشار إلى أن الاجتماع، الذي عقده أمين عام «التجمع»، كان بمناسبة مرور 18 سنة على تأسيس الحزب الذي يوصف بأنه «أحد أهم أحزاب السلطة»، ومن بينها «جبهة التحرير الوطني» (أغلبية).
وأفاد بن صالح بأن حزبه وإن كان يتفهم بعض التخوفات التي يعبر عنها البعض من سكان الجنوب فإنه «يعتقد أن الحكومة كانت واضحة في حججها، حينما قالت إن استغلال الغاز الصخري ليس خيارا نهائيا، وإنما هو توجه موجود ضمن خيارات الحكومة، وهو يتطلب قبل اعتماده بشكل نهائي إعداد دراسات وأبحاث علمية دقيقة تستند إليها الحكومة في تحديد الموقف واتخاذ القرار النهائي». وأضاف موضحا بأنه «لا يعقل أن تقدم الحكومة على تنفيذ مشروع يلحق الأذى بشعبها»، مؤكدا أن حزبه الذي يشارك في الحكومة بخمسة وزراء «يدعم توجهاتها في موضوع الغاز الصخري، خصوصا أنها أعطت كل الضمانات، وقدمت كل الحجج السياسية والفنية الواضحة كل الوضوح، وعبرت عن نيتها في إبقاء باب الحوار مفتوحا».
وفي موضوع «ندوة التوافق الوطني»، التي تسعى «جبهة القوى الاشتراكية» (أقدم حزب معارض)، إلى عقدها، قال بن صالح إن «المبادرة رغم نبل مسعاها لا توفر شروط نجاحها»، مشيرا إلى أن «أي مبادرة لا يمكنها أن تتحقق وتنجح، بعيدا عن رعاية المؤسسات الشرعية للدولة، وما لم تتولَّ هي الإشراف عليها بنفسها». وأضاف أن «التجمع الوطني الديمقراطي انخرط في مبادرة رئيس الجمهورية الداعية إلى مراجعة الدستور، باعتباره الخيار الأنسب لمعالجة مشكلات البلاد، ونحن نرى أن جميع المبادرات المطروحة في الساحة لا تأتي بجديد، ولا تقدم الإضافة أكثر من تلك التي تقدمها المراجعة الدستورية المرتقبة»، مضيفا أنه جرى استقبال قيادة جبهة القوى الاشتراكية مرتين، وتم طرح كثير من الأسئلة على الضيوف دون أن تتوضح الرؤية بما فيه الكفاية من ردود قيادة الجبهة. وهناك أسئلة أخرى كثيرة تطرح الآن، وستطرح مستقبلا وتبقى دون إجابة بالنظر إلى التعقيدات التي تبرز تناقضات الطبقة السياسية، الأمر الذي يرهن مستقبل المبادرة، حسب قول بن صالح.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.