لبنان: «الكابيتال كونترول» أمام لجنة المال النيابية

TT

لبنان: «الكابيتال كونترول» أمام لجنة المال النيابية

بعد أكثر من عام على طرح موضوع قانون تقييد الرساميل أو ما يعرف بـالـ«كابيتال كونترول»، تدرس لجنة المال والموازنة في البرلمان اللبناني حالياً مسودة مشروع حوّلته إليها اللجنة الفرعية التي كانت تعمل على المشروع منذ أشهر، حسبما يؤكّد مقرر اللجنة النائب نقولا نحاس.
ويشير نحاس في حديث مع «الشرق الأوسط»، إلى أن العمل على مشروع القانون مستمر منذ أكثر من سبعة أشهر، وأنه حالياً وصل إلى «نوع من النضج في مفاصل عدة» وتم التوصل إلى هيكلة واضحة ستتبلور مع المناقشات النيابية، لافتاً إلى أن اللجنة الفرعية التي تبحث في مشروع القانون توصلت إلى نوع من تقارب وجهات النظر بين مختلف الفرقاء السياسيين وأن الصيغة التي توصلت إليها باتت عند لجنة المال والموازنة وبعدها ستتحول إلى لجنة الإدارة والعدل وبعدها إلى الهيئة العامة للمجلس النيابي.
وكانت قد سرّبت الأسبوع الماضي مسودة مشروع القانون التي حددت سقف السحوبات للمودع بمبلغ 20 مليون ليرة لبنانية شهرياً من مجمل حساباته في المصرف، وسمحت لأصحاب الودائع بالعملة الأجنبية، باستثناء التي تكونت من تحويلات من الليرة اللبنانية بعد 2016، أن يؤمن لها سحوبات نقدية شهرية بالعملة الأجنبية لا تتعدى قيمتها 50 في المائة من قيمة السحوبات بالليرة اللبنانية.
وأثارت مسودة المشروع التي سرّبت تساؤلات حول الجهة التي ستموّل الاستثناءات أو السحوبات بالدولار. وفي الإطار نفسه يشير الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان إلى رد جمعية المصارف الذي يوحي بأن المصارف شبه متعثرة؛ إذ إن المطلوبات تفوق الموجودات عند المصارف المراسلة في الخارج، وفي الداخل تؤكد المصارف أنها لا تستطيع إعطاء الدولار للمودع، ومن هنا طلبت جمعية المصارف من مصرف لبنان تمويل الاستثناءات مما تبقى من احتياطي قابل للاستخدام عبر إعطائها للمصارف لتعطيها بدورها للمودع.
ويلفت أبو سليمان إلى نقاط وردت في مسودة المشروع ستسهم في ارتفاع نسبة التضخّم وفي تسريع انهيار قيمة الليرة اللبنانية منها السماح بسحب ١٠ ملايين ليرة من الحسابات بالعملات الأجنبية (التي حوّلت من الليرة قبل عام 2016) على سعر يقارب سعر السوق الموازية، شارحاً أن هذا يعني أن المودع سيقوم بسحب هذا المبلغ ويحوّله إلى الدولار لأنه لا ثقة لديه بالليرة، ما سيعكس المزيد من طباعة الليرة (عبر الإقبال على السحوبات) وتزايد الطلب على الدولار الذي سيصبح سعره بلا سقف.
قد يستغرق إقرار قانون «الكابيتال كونترول» أشهراً إضافية بعد، إلا أن إقراره لا يزال مفيداً حسب ما يؤكّد أبو سليمان ليس فقط كشرط أساسي للتفاوض مع صندوق النقد الدولي بل أيضاً لحماية ما تبقى من احتياطي مصرف لبنان من العملات الأجنبية وأموال المودعين.
ويشير أبو سليمان إلى أن احتياطي مصرف لبنان كان في نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2019 بحدود الـ31 مليار دولار واليوم وصل إلى نحو الـ15 ملياراً، فإذا ما احتسبنا قيمة الدعم والمقدرة بـ6 مليارات سنوياً ما يعني بحدود 9 مليارات منذ عام 2019 إلى اليوم نصل إلى نتيجة مفادها أن هناك 7 مليارات دولار هرّبت وما كانت لتهرّب لو كان هناك قانون يمنع تهريبها.
ويرى أبو سليمان أن أهمية قانون «الكابيتال كونترول» تكمن أيضاً بمنع الاستثنائية في موضوع القيود على السحوبات؛ إذ سيكون هناك قانون واضح تلتزم به المصارف، كما أنه لو أقر «الكابيتال كونترول» لما كنا احتجنا إلى قوانين مثل قانون الدولار الطالبي.
ويُشار إلى أن مسودة قانون «الكابيتال كونترول» المطروح حالياً يسمح بتسديد نفقات التعليم في الخارج بما فيها أقساط القروض التعليمية على أن تكون القروض المنتجة لهذه الأقساط قد أبرمت قبل 17- 10- 2019 فضلاً عن السماح بتحويل الأكلاف المعيشية والإيجار المترتّبة على العميل الذي هو شخص طبيعي أو أفراد عائلته الذين هم على عاتقه.
وكان قد طرح موضوع «الكابيتال كونترول» للمرة الأولى في لبنان بعد انتفاضة السابع عشر من أكتوبر (تشرين الأول) 2019 وما تبعها من إقفال للمصارف لأسابيع، إلا أن الأمر لاقى معارضة سياسية واسعة باعتبار أن لبنان بلد يعتمد على الاقتصاد الحر، ولا يجوز تقييد حركة الرساميل فيه.
وفي عام 2020 عمدت وزارة الاقتصاد إلى وضع مسودة للقانون ولكنها لم تلق ترحيباً من صندوق النقد الدولي فعادت وبحثت المسودة في لجنة وزارية لإجراء التعديلات عليها، إلا أن العمل لم يكتمل إذ سحبت من قبل وزارة المال.
بعدها عاد موضوع «الكابيتال كونترول» إلى الواجهة من جديد حين قدّم النواب ياسين جابر وسيمون أبي رميا وآلان عون في مايو (أيار) من العام نفسه اقتراح قانون معجّل مكرّر يرمي إلى وضع ضوابط استثنائية ومؤقتة على التحويلات المصرفيّة إلى الخارج، ثم حوّل الاقتراح إلى لجنة نيابية فرعية بعد ملاحظات من قبل صندوق النقد الدولي ومصرف لبنان، ومنذ ذلك الحين أي منذ عام تقريباً والمشروع لا يزال قيد الدراسة. وفي الإطار نفسه يوضح نحاس لـ«الشرق الأوسط» أن الصيغة الحالية والتي بطبيعة الحال ليست نهائية، أخذت بعدد من الملاحظات التي كان صندوق النقد الدولي قد وضعها على الصيغة القديمة.



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).