القيادات الإسرائيلية تتهرب من التحقيق بكارثة جبل الجرمق

الكشف عن ضغوط أحزاب منعت اتخاذ إجراءات حماية

يهودي يستريح قرب موقع الاحتفال الديني الذي راح ضحيته العشرات في جبل الجرمق (رويترز)
يهودي يستريح قرب موقع الاحتفال الديني الذي راح ضحيته العشرات في جبل الجرمق (رويترز)
TT

القيادات الإسرائيلية تتهرب من التحقيق بكارثة جبل الجرمق

يهودي يستريح قرب موقع الاحتفال الديني الذي راح ضحيته العشرات في جبل الجرمق (رويترز)
يهودي يستريح قرب موقع الاحتفال الديني الذي راح ضحيته العشرات في جبل الجرمق (رويترز)

بعد يوم «الحداد الوطني» في إسرائيل، تكشفت بالأمس، مزيد من المعلومات التي تدل على وجود إهمال صارخ أدى إلى مقتل 45 مصلياً يهودياً وإصابة 150 آخرين، في عملية تدافع في مكان ديني مزدحم بمائة ألف مصلٍ في جبل الجرمق، إذ تمت ممارسة ضغوط سياسية على القيادات المهنية، لمنعها من اتخاذ الإجراءات اللازمة لتوفير الحماية.
فقد اتضح أن أول تقرير صدر وحذر من خطورة تجمع عشرات ألوف اليهود المتدينين، في «عيد الشعلة» اليهودي عند قبر الحاخام شمعون بار يوحاي في جبل الجرمق، أعده نائب وزير الأمن، إيلي بن دهان، وهو نفسه متدين، وحذر فيه منذ عام 1993، من خطورة المكان، وكتب أن «تجمع مئات ألوف المصلين في مكان واحد يحتاج إلى مسؤولية مباشرة لمؤسسات الدولة». وخرج بتوصيات تقضي بتسلم الدولة المسؤولية كاملة عن المكان، من حيث البناء والبنى التحتية والأمن والأمان، وسبل الدخول والخروج. ولكن الأحزاب الدينية منعت تنفيذ التوصيات وأصرت على توزيع المسؤوليات فيما بينها وبين عدة جمعيات ولجان خاصة.
ثم تم إعداد تقارير أخرى، أكثرها حدة صدر في عام 2008 وعام 2011، من قبل مراقب الدولة القاضي ميخا لندنشتراوس، الذي حذر من «كارثة إنسانية مريعة» متوقعة. إذ أشار المراقب إلى أن هناك خطر انهيار للمدرجات وخطر تدافع يؤدي إلى هلع هستيري يقود إلى موت الناس دوساً تحت الأقدام. وقال إن منطقة القبر ليست جاهزة بالشكل المطلوب لاستيعاب عشرات ومئات آلاف الأشخاص الذين يأتون للمشاركة في الاحتفالات، وإن مستوى الصيانة في مبنى القبر متدنٍ، وليس لائقاً بقدسية المكان. كما لفت إلى أن جميع إضافات البناء والتغييرات في المكان وبقربه، جرت من دون تصاريح من اللجنتين المحلية واللوائية للتخطيط والبناء، وإن الشوارع وطرق الوصول، كانت ضيقة وليست ملائمة لاستيعاب مئات آلاف الأشخاص الذين يزورون هذا الموقع، بحسب تقريره. ولكن حكومة بنيامين نتنياهو، اكتفت بتحويل التقرير إلى دوائر ذات مستوى تأثير منخفض، ورضخت لإرادة الأحزاب الدينية. وقال المسؤول السابق في مكتب مراقب الدولة، يوسي هيرش، الذي شارك في إعداد تقرير في عام 2011، إن «من ينتخب لأي منصب عام، يأخذ على عاتقه مسؤولية العيوب التي تركها سلفه. ودائماً يوجد مسؤول. وحسب القانون، رئيس الحكومة مسؤول عن إصلاح العيوب».
وحتى الشرطة أعدت تقريراً قبل ست سنوات، حذرت فيه من كارثة تدافع، وأوضحت أن المكان لا يصلح لاستيعاب أكثر من 50 ألف شخص. ووضعت خطة لإدخال المصلين وإخراجهم بالتدريج. وحتى في الأسبوع الأخير، حذر بعض ضباط الشرطة من الأخطار، كما أوصت وزارة الصحة بأن تحظر إقامة الاحتفالات تماماً بسبب جائحة كورونا. لكن توصياتها رفضت. فقد أعلن مدير عام الأماكن المقدسة، الحاخام يوسي شفينغر، اعتراضه على وضع أي قيود. وأيده رئيس دائرة السير في الشرطة، ألو أرييه، قائلاً إنه «إذا أردنا الخروج بسلام، فإنه لا ينبغي فرض قيود، وثمة أهمية للتوصل إلى تفاهمات مع الجماعات الحسيدية، وإلا فإن هذه المداولات لن تكون ذات صلة بالواقع». وتباهى وزير الداخلية رئيس حزب «شاس» للمتدينين اليهود الشرقيين، اريه درعي، بأنه «أمضى ساعة طويلة في إقناع المسؤولين، بعدم وضع أي قيود على دخول المصلين إلى الجرمق».
وذكرت صحيفة «هآرتس»، أنه خلال الأسبوعين الأخيرين، ترددت أنباء في مواقع الإنترنت الحريدية حول ضغوط تمارسها قيادة الحزبين الحريديين، شاس و«يهودوت هتوراة»، من أجل إجراء الاحتفالات في الجرمق، كالمعتاد، خصوصاً في أعقاب القيود على كورونا. وقالت الصحيفة إن رئيس الوزراء، نتنياهو، استجاب (لضغوط المتدينين)، ولم يتم تحديد حد أقصى للمحتفلين في الجبل ولم يتم إنفاذ أي قيود للشارة الخضراء. وحسب هذه الأنباء، فإن الوزيرين أمير أوحانا وميري ريغف، كانا نشيطين للغاية من أجل مشاركة جموع كبيرة في الاحتفالات.
كما تبين، أمس، أن الرئاسة الروحية للطائفة الدرزية، ألغت الاحتفالات بعيد النبي شعيب في حطين، قبل أسبوع، بعدما مارس قائد المنطقة الشمالية للشرطة، شمعون لافي، ومنسق كورونا، بروفسور نحمان أش، ضغوطاً من أجل منع هذا الاحتفال على خلفية جائحة كورونا. وأشارت صحيفة «هآرتس»، أمس، إلى أنه عندما توجه الرئيس الروحي، الشيخ موفق طريف، إلى الشرطة محتجاً لمنع أفراد الطائفة، من إقامة احتفالات عيد النبي شعيب والسماح للمتدينين اليهود بإقامة احتفالات «عيد الشعلة»، قيل لهم إن الأمر مختلف، وإن «القرار بإجراء الاحتفالات الحاشدة في الجرمق هو بأيدي المستوى السياسي فقط».
إزاء كل هذه التطورات، طالب عدد من أعضاء الكنيست بـ«تشكيل لجنة تحقيق رسمية في الحادث المأساوي، تكشف عن التقصير الذي جرى من جانب عدة جهات، خصوصاً الشرطة والوزراء والأحزاب الدينية». وتتعالى المطالب التي تدعو وزير الأمن الداخلي، أمير أوحانا، والمفتش العام للشرطة، يعقوب شبتاي، وضباط كبار، بتحمل المسؤولية والاستقالة. وقد توجه النواب، أمس (الأحد)، إلى رئيس اللجنة المنظمة للكنيست، ميكي زوهار، من حزب الليكود، مطالبين بتشكيل لجنة مراقبة الدولة البرلمانية، حتى يتاح تشكيل لجنة تحقيق برلمانية في الحادث.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.