«داعش» يتخذ المدنيين السوريين دروعا بشرية في شمال الرقة

دفع بتعزيزات إلى تل أبيض

«داعش» يتخذ المدنيين السوريين دروعا بشرية في شمال الرقة
TT

«داعش» يتخذ المدنيين السوريين دروعا بشرية في شمال الرقة

«داعش» يتخذ المدنيين السوريين دروعا بشرية في شمال الرقة

أعلنت مصادر المعارضة السورية في الشمال أن «داعش» اتخذ تدابير قاسية لمنع السكان المدنيين من النزوح من بلدات يسيطر عليها، منعا لاستهدافها من قبل طائرات التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب التي تفعلت ضرباتها خلال الفترة الماضية، مما ألزم «داعش» بالتراجع من عشرات القرى في ريف عين العرب (كوباني) شمال شرقي مدينة حلب، وكذلك في بلدات بريف محافظة الرقة، أمام تقدم قوات وحدات حماية الشعب الكردي، وقوات الجيش السوري الحر.
ووفق المصادر، اتخذ «داعش» تدابير تكتيكية في الميدان، إذ بدأ بإجلاء مدرعاته الثقيلة من نقطة معمل لافارج في مدينة تل أبيض الحدودية مع تركيا، بالتوازي مع تقدم قوات المعارضة السورية المعتدلة والقوات الكردية إلى ريف تل أبيض الغربي، واستعاد سيطرته على عدد من القرى، بينها قرى تقع جنوب معمل الإسمنت الذي يعد معقلا لـ«داعش»، ووصولها إلى حدود قرية بحديك.
وأوضح أبو محمد الرقاوي، أحد الناشطين في حملة «الرقة تُذبح بصمت»، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن سحب مدرعاته الثقيلة «يمكن أن يكون تمهيدا للانسحاب من المنطقة»، وهي أهم النقاط الاستراتيجية التي يسيطر عليها «داعش»: «وإما أن يكون التنظيم عازما على تحييد المدرعات من الضربات الجوية التي تستهدف تمركزاته في المنطقة».
من ناحية ثانية، أعلنت وحدات حماية الشعب الكردية أن قواتها استهدفت في الجهة الشرقية «مجموعات (داعش) الإرهابية في قرية ‫‏كوركي، وحررتها»، لافتة إلى أنه «في الجهة الجنوبية الشرقية، لا تزال حملة التحرير مستمرة في محيط معمل لافارج للإسمنت، وحررت وحدات الحماية مساء أمس تلة استراتيجية في محيط المعمل يطلق عليها اسم ‏تبة خودي».
وقال ناشطون سوريون إن «كتائب بركان الفرات» التابعة للجيش السوري الحر، بمشاركة قوات «وحدات حماية الشعب الكردي»، استعادت السيطرة على 4 قرى غرب تل أبيض، في المنطقة الواقعة شرق عين العرب، إضافة إلى 3 قرى جنوب عين العرب بريف حلب الشمالي، وقريبة من جسر قره قوزاق على نهر الفرات، الخاضع لسيطرة «داعش».
ولقد نقل «مكتب أخبار سوريا» عن ناشطين قولهم إن مقاتلين من كتائب الشمال وجبهة الأكراد وثوار الرقة التي تنضوي تحت لواء غرفة عمليات بركان الفرات، سيطرت على قرى ناصرو وخروص وجعدة التابعة إلى بلدة صرين بريف حلب، التي تبعد 40 كلم عن عين العرب (كوباني) جنوبا، وذلك بعد معارك دارت بينها وبين التنظيم.
وفي الوقت نفسه، دفع «(داعش) بتعزيزات من مناطق نفوذه في دير الزور، باتجاه تل أبيض، بهدف صد الهجمات المقبلة». وأكد الرقاوي «وصول رتل عسكري من دير الزور إلى تل أبيض، في حين حفر مقاتلو التنظيم خندقا في منطقة عين العروس».
وحسب مختلف المصادر، يستمر نفوذ «داعش» الميداني بالانحسار من مناطق ريف عين العرب وريف الرقة. ومع اقتراب المعارك من مناطق نفوذه، شهدت القرى الواقعة غرب تل أبيض، وهي المدينة الرئيسية الحدودية مع تركيا في محافظة الرقة، حركة نزوح للمدنيين باتجاه الأراضي التركية.
وأما في جبهات جنوب سوريا، فقد أعلنت فصائل المعارضة في الجبهة الجنوبية عن بدء معركة «توحيد الراية»، لاستعادة السيطرة على النقاط التالية: تل مرعي - تل السرجة - تل العروسة - قرية الدناجي، وذلك «لفتح الطريق لريف دمشق الغربي وفك الحصار عن بلدة كناكر، والقضاء على ما وصفته بـ(المشروع الإيراني الصفوي)».
وفي العاصمة دمشق ومحيطها، تجددت الاشتباكات بين قوات النظام مدعومة بقوات الدفاع الوطني وعناصر من «حزب الله» اللبناني من جهة، ومقاتلي الكتائب الإسلامية ومقاتلي جبهة النصرة من جهة أخرى، في حي جوبر.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.