الدبيبة يتهم «أطرافاً محلية» بالسعي لـ«حرب جديدة» في ليبيا

قال إنه رفض طلباً بإلغاء ذهابه جواً إلى سرت لوجود «قوات أجنبية» في مطارها

رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة في جولة بمدينة تاجوراء (المكتب الإعلامي للحكومة)
رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة في جولة بمدينة تاجوراء (المكتب الإعلامي للحكومة)
TT

الدبيبة يتهم «أطرافاً محلية» بالسعي لـ«حرب جديدة» في ليبيا

رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة في جولة بمدينة تاجوراء (المكتب الإعلامي للحكومة)
رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة في جولة بمدينة تاجوراء (المكتب الإعلامي للحكومة)

اتهم عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية، أطرافاً محلية لم يحددها، بـ«السعي لإشعال فتيل الحرب في ليبيا مجدداً عبر تعطيل الخدمات العامة والكهرباء»، التي انقطعت بصورة مفاجئة مسببة إظلاماً تاماً في مناطق عدة بالبلاد.
وتفقد الدبيبة في ساعة مبكرة من صباح أمس، مقر الشركة العامة للكهرباء بعد انقطاع الكهرباء في عدد من مناطق البلاد لساعات، بينما قالت الشركة في بيانها إن حدوث الفصل في جميع خطوط النقل تم «بفعل فاعل» مع تعرض عدة مواقع لاعتداءات.
وقال الدبيبة إن حكومته لن تدخر جهداً في توفير الطاقة الكهربائية وتسهيل الإجراءات المالية وإبرام عقود جديدة، داعياً المواطنين إلى حماية الشبكة الكهربائية، معلناً تفويضه لوزير الداخلية بفتح تحقيقات بهذا الشأن في كل مناطق ليبيا، كما دعا لربط الشبكة بين المنطقتين الشرقية والغربية. وشدد الدبيبة على أن ذلك لن يحدث إلا بفتح الطريق الساحلي بين مدينتي سرت ومصراتة، ودعا اللجنة العسكرية المشتركة التي تضم ممثلي الجيش الوطني وقوات حكومة الوحدة إلى سرعة العمل في هذا الاتجاه.
وكانت الشركة العامة للكهرباء قد أعلنت حدوث (إظلام تام) في شبكة كهرباء المنطقة الشرقية بسبب حدوث انفجار، مشيرة إلى أنه ولليوم الثاني على التوالي انقطعت الكهرباء كذلك عن معظم مناطق المنطقة الغربية.
ولاحقاً، قالت الشركة إنه تمت إعادة 90 في المائة من محطات التوليد، بعد انقطاع التيار مساء أول من أمس، عن أغلب مناطق الغرب الليبي، بما فيها العاصمة طرابلس.
وأبلغ الدبيبة عدداً من نواب وأعيان منطقة تاجوراء بالعاصمة طرابلس، التقاهم أول من أمس، برفقة عدد من الوزراء، أن قطع الكهرباء «تم بفعل فاعل بعد 17 يوماً متواصلة بدون انقطاع»، مشيراً إلى أن «من يشعل الحرب، ومن يقطع الكهرباء، ومن يحدث مشاكل في الطوابير أمام محطات الوقود، ومن يمنعنا من التواصل مع أهالينا في جميع أنحاء ليبيا هم أعداء الشعب الليبي».
وحذر ممن وصفهم بـ«تجار الحرب»، قائلاً: «هناك أناس ثرواتهم من هذه الحرب اللعينة». وأدرج جولاته الخارجية في إطار «وحدة ليبيا وسيادتها وخروج (المرتزقة) من هذه الأرض التي عبثوا فيها».
وفيما اعتبرت مصادرُ حديثَه بمثابة تصعيد لخلافه المكتوم مع المشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني»، في شرق البلاد، قال الدبيبة: «لم نستطع الدخول إلى مطار سرت، وهو ليبي وعلى أرض ليبية، بسبب وجود قوات أجنبية في المطار». وأوضح أن القوات المتمركزة هناك طلبت منهم الدخول إلى سرت براً «لكن الحكومة رفضت». وتابع: «قلنا لهم سنأتي بالطائرة وهذا مطار ليبي ولا يمكن لأي شخص أن يمنعنا من النزول في مطارات الليبيين»، معتبراً أن «الفتن ما زالت قائمة، والظروف الصعبة ما زالت مواتية لهم لشن الحروب»، لافتاً إلى أن البلاد «مرت بتجربة خطيرة وقاسية ودموية لم يمر بها الليبيون من قبل في تاريخهم قط».
يشار إلى أن الدبيبة، الذي أرجأ زيارته إلى بنغازي لعقد أول اجتماع لحكومته فيها مؤخراً، أدى اليمين منتصف مارس (آذار) الماضي كرئيس حكومة بعد اختياره من ملتقى الحوار السياسي الذي ترعاه البعثة الأممية في جنيف، منهياً بذلك تنافس إدارتين متحاربتين حكمت إحداهما شرق البلاد والأخرى غربها، في تسلم سلس للسلطة بعد فوضى سادها العنف على مدى عشر سنوات.
وفي غضون ذلك، قال اللواء إبراهيم بيت المال آمر غرفة عمليات سرت والجفرة في تصريحات نقلتها أول من أمس عملية «بركان الغضب» التي تشنها القوات المحسوبة على حكومة «الوحدة»، إنها حددت 3 شروط بخصوص فتح الطريق الساحلي من بينها وقف إطلاق النار وإزالة الألغام وانسحاب «المرتزقة». وتابع «تحققت النقطتان (الأولى والثانية) ولم ينسحب (المرتزقة)». ونفى وجود أي أجنبي في جبهة قواته، قائلاً «من يريد التأكد فليأت بنفسه».
وبعدما طالب الأمم المتحدة بتطبيق الإجراءات وألا تكتفي ببيانات مكتوبة، قال «لن نفتح الطريق إلا بعد إخراج (المُرتزقة) ورجوع قوات حفتر أي (الجيش الوطني) إلى الرجمة». وتابع: «قلنا هذا الكلام للمجلس الرئاسي وممثلينا في لجنة 5 + 5».
في المقابل، قال «الجيش الوطني» على لسان اللواء خالد المحجوب، مدير إدارة شؤونه المعنوية، إن هناك من يعرقل فتح الطريق الساحلية. وتابع: «الفرصة الأخيرة متاحة أمامهم للالتزام بمخرجات اللجنة وتغيير موقفهم».
بجانب ذلك، ظهر موسى الكوني عضو المجلس الرئاسي وهو يتجول بشوارع بنغازي، قبل أن يحاور بعض الشباب بأحد المقاهي، في زيارة هي الأولى له إلى المدينة منذ تولى مهامه رسمياً.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.