أربعة سيناريوهات لتجاوز أزمة المؤسسات الدستورية في تونس

الولايات المتحدة تنفي تمويل الحملة الانتخابية للرئيس سعيّد

الرئيس قيس سعيد (رويترز)
الرئيس قيس سعيد (رويترز)
TT

أربعة سيناريوهات لتجاوز أزمة المؤسسات الدستورية في تونس

الرئيس قيس سعيد (رويترز)
الرئيس قيس سعيد (رويترز)

بعد التصعيد والتوتر الخطير، الذي شاب علاقات الرؤساء الثلاثة في تونس، بدأت تتبلور أربعة سيناريوهات رئيسية لتجاوز أزمة المؤسسات الدستورية، بدأتها قيادات حركة النهضة بدعوة رئيس الحكومة هشام المشيشي إلى تفعيل التعديل الوزاري الأخير، والبحث عن صيغة لتسلم 11 وزيرا حقائبهم. فيما يراهن رئيس الجمهورية قيس سعيد على استخدام ملف الفساد، والكشف عن الفاسدين المحسوبين على قيادات وأحزاب سياسية بارزة للبحث عن فرض شروطه على الخصوم.
من بين هذه السيناريوهات تفعيل التعديل الوزاري، دون موافقة رئيس الجمهورية، والتوجه نحو توقيع عريضة لإعفاء قيس سعيد من مهامه، بحجة «الخرق الجسيم للدستور التونسي». فيما يعتمد السيناريو الثاني على حصول توافق بين الرئيس ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي على تشكيل حكومة جديدة، والاستغناء عن المشيشي. كما يطرح سيناريو ثالث يتمثل في تنظيم انتخابات مبكرة، وهي الفرضية التي تلقى دعم الأحزاب الصغيرة، وغيرها من الأحزاب التي أخفقت في انتخابات 2019 ووجدت نفسها خارج التمثيلية البرلمانية.
أما السيناريو الرابع فيتمثل في دعوة المشيشي للوزراء الذين صادق عليهم البرلمان إلى مباشرة مهامهم، وأداء اليمين الدستورية أمام طرف آخر غير رئيس الجمهورية، وهذا الموقف تدعمه حركة النهضة، وهو ما عبر عنه قيادي الحركة عبد الكريم الهاروني، الذي طالب رئيس الحكومة بتفعيل التعديل الوزاري، رغم رفض الرئيس، وقال إن المشيشي «بات مطالبا بتنفيذ صلاحياته الدستورية لاستكمال بقية الخطوات، المؤدية إلى ممارسة الوزراء الجدد مهامهم، حتى يتم بذلك التفرغ لحل المشاكل المتراكمة على جميع المستويات».
وفي هذا الشأن، قال جمال العرفاوي، المحلل السياسي التونسي لـ«الشرق الأوسط»، إن كل هذه السيناريوهات «تتضمن عوائق عديدة ومطبات كثيرة. فتفعيل التعديل الوزاري سيصادف عوائق دستورية، أهمها ضرورة أداء اليمين الدستورية للحصول على مشروعية تولّي الحقائب الوزارية، وهو ما يبدو أن الرئيس سعيد غير مكثرت له».
أما بخصوص لائحة عزل الرئيس فهي تتطلب وجود المحكمة الدستورية، المعطلة منذ أكثر من خمس سنوات، والتي لا يمكن تشكيلها طالما أن الرئيس سعيد يخشى استعمالها ضده لعزله. أما تنظيم انتخابات مبكرة فهو سيناريو قد يهدد الأحزاب الممثلة حاليا في البرلمان، والتي لا تبدو مستعدة للدخول في هذه المغامرة، التي قد تقضي على طموحاتها، خاصة في حال تعديل القانون الانتخابي، ورفع عتبة التمثيل البرلماني. واعتبر العرفاوي أن السيناريو الأقل ضررا لجميع الأطراف هو «الجلوس إلى طاولة الحوار، وطرح كل الملفات لتجاوز أزمة فقدان الثقة، التي باتت تحكم علاقة الرؤساء الثلاثة. وبإمكان اتحاد الشغل (نقابة العمال) وبقية المنظمات الاجتماعية لعب دور مهم في تقريب وجهات النظر، وتقديم تنازلات مشتركة، تنهي أزمة التعديل الوزاري، وإرساء المحكمة الدستورية التي من المفترض أن تقضي على جدل التأويل الشخصي للدستور».
في غضون ذلك، نفت سفارة الولايات المتحدة الأميركية في تونس ما روجه النائب البرلماني، راشد الخياري، حول تقديم أميركا مبالغ مالية كبيرة (5 ملايين دولار) لقيس سعيد خلال حملته الانتخابية، وأكدت على «احترامها الكامل لنزاهة الانتخابات التونسية».
وأوضحت السفارة في بيان نشرته على حسابها أن حكومة الولايات المتحدة «لم تقدم أي تمويل لدعم حملة الرئيس قيس سعيد الانتخابية، وذلك خلافا لما راج في تقارير صحافية متداولة»، وهو ما سيبرئ الرئيس التونسي مبدئيا، ويحول الضغط إلى النائب راشد الخياري والأطراف السياسية الداعمة له.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.