حملات دهم حوثية للمحلات في صنعاء... والغرفة التجارية تندد

بائع تمور في صنعاء (إ.ب.أ)
بائع تمور في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

حملات دهم حوثية للمحلات في صنعاء... والغرفة التجارية تندد

بائع تمور في صنعاء (إ.ب.أ)
بائع تمور في صنعاء (إ.ب.أ)

مع حلول شهر رمضان الكريم، استأنفت ميليشيات الحوثي حملات دهم المحلات التجارية والشركات في العاصمة صنعاء وغيرها من المدن الخاضعة لها، للمطالبة بقاعدة بيانات التجار، بغرض تحديد مبالغ الزكاة التي تفرضها على هذا القطاع، ما استدعى الغرفة التجارية والصناعية لإصدار بيان نددت فيه بهذه الحملة، وطالبت بإيقافها على الفور.
وقال سكان في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن مسلحي ميليشيات الحوثي المنتمين إلى ما يسمى «جهاز الأمن والمخابرات»، مع مندوبين مما تسمى «هيئة الزكاة»، نفذوا حملة دهم للمحلات التجارية في صنعاء، ضمن حملة جباية الزكاة بالقوة، وأغلقوا عدداً من المحالات بحجة التلاعب بالأسعار، بعدما صدموا من البيانات التي قدمها الملاك، والتي تبين التراجع الكبير في معدلات البيع بسبب الوضع الاقتصادي الكارثي الذي يعيشه السكان في مناطقهم.
ووفق ما ذكره هؤلاء، فإن الفرق المسلحة التابعة لميليشيات الحوثي الانقلابية، عقب الإفطار، تنفذ حملات دهم للمحلات التجارية بشكل عام، متهمة أصحابها بإخفاء البيانات الحقيقية لحركة الشراء والبيع، للتلاعب بنسبة الزكاة التي ستفرض عليهم، وهي الحملة التي تنفذها الجماعة كل عام.
وسبق للميليشيات أن رفعت معدلات الزكاة بنسبة تصل إلى 100 في المائة عما كانت عليه في الأعوام السابقة، حيث كشفت بيانات صرف مخصصات هيئة الزكاة التي استحدثتها ميليشيات الحوثي أنها تنفق الأموال على الحشد والتجنيد، وتوزعها على أبرز قادتها العاملين في مجال حشد وتجنيد المقاتلين.
وأصدرت الغرفة التجارية الصناعية بالعاصمة صنعاء واتحادها العام بياناً مشتركاً ندد بـ«الإجراءات التعسفية الأخيرة للهيئة العامة للزكاة بحق القطاع الخاص». وأوضح أن الهيئة، مدعومة بالأطقم المسلحة والأمن والمخابرات، نفذت حملت لمطالبة القطاع الخاص بـ«تسليم قاعدة البيانات أو إغلاق محلاتهم، مع العلم بأنهم قد دفعوا ما عليهم من زكاة، وملتزمون بالنظام والقانون»، بحسب البيان.
واستنكر البيان هذه الحملات الحوثية التعسفية، ووصفها بأنها «مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية الغراء، والقوانين» اليمنية، محملاً الهيئة الحوثية المعنية بجمع أموال الزكاة «المسؤولية الكاملة الناتجة عن هذه الإجراءات» التي قال البيان إنها «ستحدث إضراراً بالغاً بالاقتصاد الوطني، وستضر بسمعة البلاد».
وطالب بيان الغرفة التجارية قيادة ميليشيات الحوثي بـ«سرعة التدخل لإيقاف مثل هذه التصرفات غير القانونية وغير الحضارية، والمخالفة لكل الأعراف والمواثيق»، وإلزام الجهات المعنية باتخاذ الإجراءات القانونية والشرعية في تحصيل الزكاة وفق القانون.
إلى ذلك، قالت مصادر تجارية إن ميليشيات الحوثي تطالب جميع الشركات ومالكي المحلات التجارية بتسليمها نسخة من أنظمتها المحاسبية، لتقوم هي على ضوء ذلك بتقدير مبالغ الزكاة المفروضة عليهم، وهو أمر يرفضه مالكو الشركات والمحلات التجارية، ويؤكدون أنه مخالف للقانون.
وتعتقد المصادر أن هدف الميليشيات هو الاطلاع على الرأسمال الفعلي للشركات والمحلات، ومقدار الأرباح التي تجنيها الشركات والمحلات، لتقوم على ضوئها أيضاً برفع معدل ضرائب الأرباح، وغيرها من أنواع الضرائب.
ويشكو التجار في مناطق سيطرة الجماعة بشكل عام من المبالغ الكبيرة التي يدفعونها جبايات للمشرفين الحوثيين وفي نقاط التفتيش، وتلك التي يلزمون بدفعها بصفتها مجهوداً حربياً، ويقولون إن تلك المبالغ تفوق بكثير ما يفترض أن يدفعوه من ضرائب وزكاة.
وندد وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، بهذه الحملات الحوثية الجديدة التي وصفها بأنها «أعمال ابتزاز» تمارسها الجماعة المدعومة من إيران بحق ما تبقى من البيوت التجارية الصامدة في مناطق سيطرتها «تحت اسم الزكاة». واتهم الميليشيات الحوثية باختطاف التجار، واقتحام وإغلاق عشرات المصانع والمحلات التجارية، ومنع الغرفة التجارية الصناعية في صنعاء من تنظيم مؤتمر صحافي.
وأشار إلى أن «ميليشيا الحوثي الإرهابية شنت منذ انقلابها على الدولة حملات سلب ونهب منظم للقطاع الخاص لتمويل حربها العبثية على اليمنيين، غير مكترثة للآثار الكارثية لممارساتها على الاقتصاد الوطني، ومصادر أرزاق الناس وسبل عيشهم وحياتهم، بعد أن عطلت الحياة العامة ونهبت الخزينة ورواتب موظفي الدولة».
وطالب الإرياني «المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمبعوثين الأممي والأميركي إلى اليمن بالضغط على ميليشيا الحوثي لوقف جرائمها اليومية بحق القطاع الخاص، وإنقاذ ما تبقى من نشاط اقتصادي، وعدم ترك ملايين اليمنيين الذين يتضورون جوعاً وفقراً في مناطق سيطرتها رهينة لممارسات هذه الميليشيا الإجرامية».


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».