تركيا تتفادى المواجهة مع فصائل تابعة لإيران وتستهدف كردستان العراق

غارات على مناطق جبلية في الإقليم بعد استهداف قاعدتها في بعشيقة

TT

تركيا تتفادى المواجهة مع فصائل تابعة لإيران وتستهدف كردستان العراق

أغارت طائرات تركية الاثنين، على مناطق جبلية شمال محافظة دهوك، دون وقوع خسائر بشرية، مستهدفة مناطق وجود عناصر حزب العمال الكردستاني. وقال مصدر أمني من قضاء العمادية لـ«الشرق الأوسط» إن «طائرات حربية تركية استهدفت الساعة الواحدة بعد منتصف ليلة الاثنين قريتي كوركي وبنافي الواقعتين على سفح جبل متين، كما استهدفت قرية كافيا ومواقع أخرى على سفح جبل كارا». المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه أكد أن «المناطق التي استهدفتها الغارات التركية غير مأهولة بالسكان، لذلك لم يتسبب القصف في خسائر بشرية، إلا أنه أحدث هلعاً بين سكان القرى القريبة وشوهدت أعمدة الدخان تتصاعد في المنطقة».
وقال هاشم أحمد من سكان قضاء العمادية لـ«الشرق الأوسط» إن «طائرات حربية كانت تحلق في سماء منطقة العمادية ليلة الأحد على الاثنين ومن ثم سمع دوي ستة انفجارات بعد منتصف ليلة الاثنين بالقرب من قرية بنافي وكوركي، وبعد ذلك هرع السكان المدنيون في المناطق القريبة من القصف إلى ترك مراعيهم ومزارعهم وهربوا إلى مناطق قريبة من مركز قضاء العمادية خوفاً من استمرار القصف واستهدافهم»، مؤكداً أن «الطائرات التركية تستهدف أي وجود بشري في هذه المناطق ما يعرض حياة الرعاة والمزارعين للخطر، ويتسبب في مقتل عدد منهم وحرق مزارع ومراعي الفلاحين الذين لم يحصلوا على أي تعويض للأضرار المادية التي لحقت بهم».
العمليات العسكرية التركية مستمرة في المناطق الحدودية في إقليم كردستان منذ نحو 20 عاماً، وتستهدف مواقع حزب العمال الكردستاني الموجود في المناطق الحدودية العراقية - التركية، وتسببت خلال السنوات الثلاث الماضية بمقتل ما لا يقل عن خمسين مدنياً وإصابة العشرات علاوة على الأضرار المادية في المزارع والمراعي.
غارات أمس هي الخامسة من نوعها خلال أسبوع، حيث استهدفت الطائرات التركية مناطق حدودية في إقليم كردستان في قضاء عقرة والعمادية بسلسلة من الغارات، بحجة استهداف مناطق وجود عناصر حزب العمال الكردستاني.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي سامان نوح أن «العمليات العسكرية التركية التي تستهدف مواقع عراقية بحجة إنهاء إرهاب حزب العمال الكردستاني ليس لها أي تأثير على أرض الواقع، لأن قضية العمال الكردستاني لا تنتهي إلا من داخل تركيا، عبر المباحثات مع قادة الشعب الكردي، لكنها بدل ذلك تصر على الخيار العسكري للقضاء على ما تسميه الانفصاليين الكرد»، وأوضح نوح لـ«الشرق الأوسط» أن «العمليات العسكرية التركية مستمرة منذ ما يقارب 30 سنة، وتسببت بمقتل عشرات المدنيين وتهجير سكان مئات القرى وألحقت ضربات مدفعيتها وطائراتها أضراراً كبيرة ببيوت وأملاك ومزارع سكانها، لم تنجح في القضاء على العمال حتى مع إدخالها الطائرات المسيرة في المعارك وإقامة مواقع عسكرية بلغت نحو 20 موقعاً وقاعدة داخل الأراضي العراقية».
وعن استهداف القاعدة العسكرية التركية في منطقة بعشيقة قال نوح إن «من الطبيعي أن يكون هناك رفض شعبي وسياسي إزاء الانتشار التركي وإنشاء معسكرات وقواعد داخل الأراضي العراقية وهو رفض معلن، وسبق أن هددت فصائل عراقية بأنها مستعدة لقتال تركيا إذا فكرت بالهجوم والتقدم نحو سنجار التي هدد الرئيس التركي بالوصول إليها»، مبيناً أن «عمليات استهداف القاعدة التركية في بعشيقة الأسبوع الماضي لم تكن إلا رسالة واضحة بأن أي هجوم ومحاولة إنشاء قواعد في مناطق خاضعة للحكومة الاتحادية أمر مرفوض وستواجه بالقوة». وأضاف نوح أن «تركيا بدلاً من أن ترد على ذلك الهجوم وتضرب مواقع ذلك الفصيل المعلوم لها، عاودت استهداف قرى الإقليم، وهذا يظهر أن أنقرة تعرف أن توسيع دائرة عملياتها في العراق يعني مواجهة مع فصائل موالية لإيران تملك أسلحة وقدرات تستطيع إزعاج تركيا بها، وأن التوسع في العمليات قد يعني مواجهة غير مباشرة مع إيران تتفاداه تركيا».
وكانت القاعدة العسكرية التركية في بعشيقة، قد تعرضت إلى قصف بثلاث صواريخ الأربعاء الماضي يعتقد أنها أطلقت من قبل فصائل تابعة للحشد الشعبي في مناطق سهل نينوى، وتسبب بمقتل أحد الجنود الأتراك وإصابة طفلة في قرية قريبة من القاعدة.



تنديد أميركي ويمني بجرائم الحوثيين في قرية «حنكة آل مسعود»

جانب من قوات الحوثيين تحاصر قرية يمنية في محافظة البيضاء للتنكيل بسكانها (إكس)
جانب من قوات الحوثيين تحاصر قرية يمنية في محافظة البيضاء للتنكيل بسكانها (إكس)
TT

تنديد أميركي ويمني بجرائم الحوثيين في قرية «حنكة آل مسعود»

جانب من قوات الحوثيين تحاصر قرية يمنية في محافظة البيضاء للتنكيل بسكانها (إكس)
جانب من قوات الحوثيين تحاصر قرية يمنية في محافظة البيضاء للتنكيل بسكانها (إكس)

على وقع الحصار والهجوم العنيف الذي تشنه الجماعة الحوثية على قرية «حنكة آل مسعود» في محافظة البيضاء اليمنية، أدانت السفارة الأميركية لدى اليمن هذه الجرائم، بالتزامن مع إدانات حقوقية وحكومية واسعة.

وحسب مصادر محلية، عزز الحوثيون من قواتهم لاقتحام القرية المحاصرة منذ نحو أسبوع، مستخدمين مختلف الأسلحة الثقيلة والطائرات المسيرة في مهاجمة منازل القرية، وسط مخاوف من «ارتكاب إبادة» في أوساط السكان، بخاصة مع قيام الجماعة، بقطع الاتصالات عن القرية.

وكان هجوم قوات الجماعة على القرية، الخميس الماضي، أدى إلى مقتل وإصابة 13 مدنياً، في حين زعم إعلام الجماعة، السبت، أن عملية الهجوم متواصلة، وأن أربعة من سكان القرية قتلوا عندما فجروا أحزمة ناسفة.

وفي بيان للسفارة الأميركية، السبت، أدانت «بشدة» الهجمات الحوثية التي تستهدف المدنيين الأبرياء في محافظة البيضاء، وقالت: «إن عمليات القتل والإصابات والاعتقالات غير المشروعة التي يرتكبها الإرهابيون الحوثيون بحق اليمنيين الأبرياء تحرم الشعب اليمني من السلام ومن المستقبل المشرق».

وعادة ما يشن الحوثيون عمليات تنكيل وقمع في محافظة البيضاء منذ احتلالها في 2014، في مسعى لإخضاع أبناء القبائل المختلفين مذهبياً، والسيطرة عليهم خوفاً من أي انتفاضة تنشأ في تلك المناطق، بخاصة في مناطق قبائل «قيفة».

115 منظمة

مع استمرار الهجمة الحوثية على القرية الواقعة في مديرية القريشية القريبة من مدينة رداع، أدانت 115 من منظمات المجتمع المدني هذه «الجريمة» بحق المدنيين والأعيان المدنية في قرية الحنكة، حيث قبيلة آل مسعود.

وقال بيان مشترك للمنظمات إن الميليشيات الحوثية قامت بمنع إسعاف المصابين، إلى جانب تدمير وإحراق عدد من الأعيان المدنية ودور العبادة وتشريد مئات الأسر بعد أيام من فرض الحصار الغاشم على أهالي القرية.

واتهم بيان المنظمات الجماعة الحوثية بقطع المياه والغذاء والأدوية عن سكان القرية، بالتزامن مع استمرار القصف بالطائرات المسيرة، مما أدى إلى تدهور الأوضاع الإنسانية بشكل كارثي، خصوصاً بين الأطفال والنساء وكبار السن.

وقال البيان: «إن هذه الجرائم التي تشمل القتل العمد والحصار والتهجير القسري، واستهداف الأعيان المدنية ودور العبادة تأتي في سياق تصعيد عسكري من قِبل الحوثيين على مختلف الجبهات بالتزامن مع تدهور الأوضاع الإنسانية».

وطالبت منظمات المجتمع المدني في اليمن، الحوثيين، بفك الحصار الفوري، ووقف الاعتداءات العسكرية التي تستهدف المدنيين في المنطقة، كما دعت المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى التحرك العاجل لوقف هذه الانتهاكات.

هجوم وحشي

أدان معمر الإرياني، وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية، الهجوم الحوثي على القرية، ووصفه بـ«الوحشي»، وقال إنه «يظهر بوضوح بشاعة الجرائم التي ترتكبها الميليشيا ضد المدنيين الأبرياء، ويؤكد تعمدها إراقة الدماء، ونشر الخراب (...) دون أي اعتبار للقوانين الدولية وحقوق الإنسان».

وأوضح الوزير اليمني، في تصريح رسمي، أن الجماعة الحوثية أرسلت حملة ضخمة من عناصرها المدججين بكافة أنواع الأسلحة الثقيلة والطائرات المسيرة، وقامت بشن هجوم على منازل وممتلكات المدنيين في القرية، إذ استخدمت قذائف الدبابات والمدفعية، مما أسفر عن سقوط العديد من القتلى والجرحى، بينهم نساء وأطفال، إضافة إلى أضرار كبيرة للمنازل والممتلكات الخاصة، وتدمير مسجد القرية.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وحسب الوزير اليمني، يأتي الهجوم الحوثي في وقت تعيش فيه المنطقة تحت حصار خانق منذ أكثر من أسبوع، في محاولة لحرمان الأهالي من احتياجاتهم الأساسية، مما يزيد من معاناتهم اليومية ويضاعف الأوضاع الإنسانية المزرية التي يعيشونها، في حلقة جديدة من مسلسل التنكيل المتواصل.

وأضاف بالقول: «هذا الهجوم المروع الذي استهدف منازل المواطنين والمساجد، وأدى إلى سقوط العديد من الضحايا، بينهم نساء وأطفال، وتدمير الممتلكات، ليس إلا انعكاساً لحقد ميليشيا الحوثي الدفين على أبناء البيضاء بشكل عام وقيفة رداع بشكل خاص، وكل من يقف ضد مشروعها الإمامي الكهنوتي العنصري المتخلف».

وأكد وزير الإعلام اليمني أن ما تعرضت له قرية «حنكة آل مسعود» يُظهر مرة أخرى كيف أن الميليشيا الحوثية لا تكترث بالقوانين الدولية، مشدداً على ضرورة أن يتحمل المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة، مسؤوليته في اتخاذ إجراءات حاسمة لوقف هذه الهجمات الوحشية فوراً.