فتفت: لم نتجاوز الخلاف على هوية لبنان

ذكرى الحرب اللبنانية 1975 - 1990

النائب سامي فتفت (الوكالة الوطنية)
النائب سامي فتفت (الوكالة الوطنية)
TT

فتفت: لم نتجاوز الخلاف على هوية لبنان

النائب سامي فتفت (الوكالة الوطنية)
النائب سامي فتفت (الوكالة الوطنية)

لا يعرف النائب في «تيار المستقبل» سامي فتفت من كثب الحرب اللبنانية التي اندلعت في 13 أبريل (نيسان) 1975، فهو الذي ولد عام 1989؛ أي في نهايتها وبالتحديد مع صياغة «اتفاق الطائف» الذي وضع حداً لها، لم يعش فصولها الدموية؛ إنما اطلع عليها من خلال قراءاته ومطالعاته. هو يعدّ أن «الأعداد الكبيرة للشهداء والجرحى التي خلفتها هذه الحرب، فاتورة ضخمة تكبدها لبنان واللبنانيين الذين كانوا بوقتها مقتنعين بالانتماء إلى محاور لعب الخارج دوراً أساسياً بتغذيتها».
ويرى فتفت في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «إسرائيل التي لعبت دوراً أساسياً في الحرب كانت ولا تزال لديها مصلحة بأن يبقى الوضع متوتراً في الداخل اللبناني، وبالتالي بزعزعته كلما سنحت لها الفرصة، تماماً كما أن هناك دولاً أخرى كانت ولا تزال تعدّ لبنان مجرد منصة لإطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل»، مشيراً إلى عوامل عدة أدت للحرب؛ أبرزها غياب الثقة في وقتها بين الأطراف اللبنانيين، إضافة للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي واستخدام المقاومة الفلسطينية الداخل اللبناني لخوض هذا الصراع. وأضاف: «على كل الأحوال، لكل مرحلة حيثياتها، ورغم الجدل الطويل الذي لا يزال قائماً حول من يتحمل مسؤولية ما حصل، فإنه يجب أن نكون قد تعلمنا درساً أساسياً لجهة ألا نضع أولويات سوانا على أولوياتنا كلبنانيين».
وإلى جانب غياب الثقة، يتحدث فتفت عن سبب رئيسي للحرب؛ ألا هو «الخلاف على هوية لبنان. خلاف للأسف لا يزال قائماً بين اللبنانيين، ولم نتمكن من تجاوزه»، مشدداً على أن «السبيل لحماية البلد اليوم وتجنب حرب جديدة، هو التزام النأي بالنفس عن صراعات المنطقة، ومبدأ الحياد الذي ينادي به البطريرك الماروني بشارة الراعي». ويضيف: «بقدر ما نبتعد عن الانقسامات في المنطقة، بقدر ما نجنب أنفسنا صراعات دموية جديدة، ونحمي الداخل اللبناني. نحن لا ننكر أن بلدنا يشهد انقسامات طائفية، أضف أن الجغرافيا قد تجعل البعض ينادي بالفيدرالية معتبراً أنها الحل... لكن التقسيم لن يكون يوماً حلاً، فبقدر ما نتحد كلبنانيين؛ بقدر ما نجعل وطننا أقوى بمواجهة الفتن والمؤامرات الخارجية. وبقدر ما ندير آذاننا للخارج ونعمل على تنفيذ أجندات لا تخدم المصلحة الوطنية العليا، بقدر ما سنبقى نعاني مما عانى منه آباؤنا وأجدادنا خلال الحرب».
ويبدو فتفت متفائلاً بعدم تكرار تجربة الحرب الأهلية «المرة»، لافتاً إلى أن «وعي اللبنانيين كفيل وحده بالتصدي لبعض الخارج الذي لا شك يدفع باتجاه صراع دموي في لبنان ويعتبر بلدنا أرضاً خصبة لمشاريعه». ويضيف: «الصراعات الدموية تتراجع على مستوى العالم على حساب الصراعات والسباق الاقتصادي. نحن لم نعد نشهد على حلول عسكرية للأزمات بقدر ما كان يحصل في السنوات والقرون الماضية.
فمثلاً في لبنان بات اللبنانيون أقرب بعضهم إلى بعض من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وباتوا على تماس بعضهم مع عادات بعض، ما يجعل دخولهم في صراعات دموية أمراً مستبعداً، خصوصاً في ظل الوعي الشبابي والثقافة التي لم تكن متوافرة للجميع قبل عشرات السنوات».
ويختم فتفت مشدداً على أهمية إعطاء فرصة لـ«اتفاق الطائف» الذي وضع حداً للحرب الأهلية، باعتبار أنه ينص على إلغاء الطائفية السياسية من خلال استحداث مجلس شيوخ تتمثل فيه الطوائف، ويقول: «نحن لم نطبق (الطائف) وندفع الثمن اليوم...».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».