الجزائري أحمد طيباوي: جسدت روايتي الإنسانية المهدرة بطريقة مختلفة

فاز بـ«جائزة نجيب محفوظ» عن مأزق «السيد لا أحد»

أحمد طيباوي
أحمد طيباوي
TT

الجزائري أحمد طيباوي: جسدت روايتي الإنسانية المهدرة بطريقة مختلفة

أحمد طيباوي
أحمد طيباوي

أعلنت الجامعة الأميركية بالقاهرة منح جائزة «نجيب محفوظ للأدب» لعام 2021 للكاتب الجزائري أحمد طيباوي عن روايته «اختفاء السيد لا أحد»، وذلك في حفل أقيم للمرة الأولى متأخرا عن موعده في تاريخ الجائزة، وعن بعد احترازًا من فيروس «كورونا»، وحضرت لجنة التحكيم، والكتاب المرشحون للقائمة القصيرة لجائزة محفوظ، وعدد من النقاد والناشرين.
أحمد طيباوي من مواليد 1980، وجاء في تعليق لجنة التحكيم: «لم يترك لنا القرن الحادي والعشرين أي خيار سوى الاحتفاء بالمهمشين... إنه الجحيم الذي يطل من نافذة المدينة حيث الأبوية الراسخة مقابل البحث عن أبوة ضائعة، الجنون مقابل العقل، الرغبة في التحرر مقابل الالتزام... رغم هذا التضاد الصريح الذي يسكن فضاء المدينة ويشكل هوامشها وأساليبها في التهميش تبقى جميع الشخصيات بشكل صادم لا أحد».
هنا حوار مع أحمد طيباوي، بهذه المناسبة، عن عالمه الروائي وروايته الفائزة.

> فزت بعدد من الجوائز، منها جائزة «الطيب صالح» للإبداع الكتابي 2014 عن روايتك «موت ناعم» وحصلت روايتك «المقام العالي» على المرتبة الأولى في مسابقة رئيس الجمهورية الجزائرية للمبدعين الشباب عام 2011... ماذا يعني لك الفوز بجائزة «نجيب محفوظ»؟
- سعادة كبيرة، وجرعة من الثقة والتقدير لما أكتبه حتى يكون الاستمرار ممكنا بعبء نفسي أقل، وكون الجائزة تحمل اسم نجيب محفوظ فهذا يضعني بلا شك أمام تحد كبير، ولعل ذلك مهم، فبعض التحديات قد تدفعنا لكتابة أجمل، وأعمق، وأقرب إلى الاكتمال والنضج اللذين ننشدهما في أعمالنا.
> هذه روايتك الرابعة... ما هو مأزق «السيد لا أحد» الذي حرضك على تتبع عالمه؟
- الإنسانية المهدورة، الحياة التي ليست على مقاس البدايات التي كان يظنها واعدة، سقف الأحلام المنخفض، غياب المعنى، الجهد الفظيع من الآخرين لجعله لا أحد... والاختفاء - القرار الأخير الذي أعتقد أنه يأخذه بمحض إرادته، لكنه كان في الحقيقة انتحارا معنويا يقع إثمه على الجميع.
> هذه الحالة الشعورية «المطموسة» التي يعيشها البطل، هل هي كابوس أم رد فعل؟
- ربما هاجس ورد فعل في الوقت نفسه، الوعي بالذات وإدراكه لوضعه لم يكن مستقلا عن نظرة الآخرين له وتعاملهم معه.
> علق المترجم البارز همفري ديفيز قائلا «إن منظور الرواية البوليسية هو نوع أدبي مناسب تمامًا في ظاهره لإلقاء الضوء على الزوايا المعتمة التي تعمقت فيها الرواية»... كيف تنظر لهذا هذا التعليق؟
- هناك لون بوليسي في الرواية، يناسب فكرة ثنائية الاختفاء/البحث، لكنها، ومثلما سيكتشف من يطلع عليها، تحمل هما أكبر، هما وجوديا بدرجة ما، وقد حاولت أن يكون الهامش الاجتماعي والنفسي مركزا في المتن السردي. وبالنسبة للشكل اشتغلت على ما يتصل ببناء النص وتقسيمه، بالصورة التي سيجدها القارئ.
> هل صوت المهمشين في الرواية هو انعكاس لحالة الاغتراب وأزمة الهوية في الجزائر المعاصرة؟
- مأزق الهوية طال الجميع، الإنسان العربي مأزوم في إنسانيته، التي هي المكون الأول لهويته قبل اللغة والجنس والعرق والدين والانتماء التاريخي والجغرافي. ليس في الجزائر فحسب، وإنما في كل البلاد العربية، وفي المجتمعات التي تراوح مكانها تاريخيا وحضاريا، وحتى في مجتمعات متطورة - مكانة الإنسان فيها وكرامته مركزية - ولكن بدرجة أقل بكثير مما هو واقع عندنا. مساحات العطب الإنساني والأخلاقي هنا واسعة وممتدة للأسف.
> الاغتراب كان إحدى أبرز ثيمات روايتك «مذكرات من وطن آخر» الصادرة 2015... حدثنا عن هذا العمل وكيف وظفت أسئلة الانتماء عبر شخصياته؟
- كتبت هذه الرواية عن مشاريع الفرح المجهضة، كل واحد من أبطالها فاقد لوجهة ترضيه ومنذور لفشل يبدو مثل حتمية لا فرار منها. إنها تحكي عن بشر متفردين، سلبيين ومنقادين، وانتهازيين بلا ضمير، وفاضلات وساقطات، وهامشيين، منسيين ومسحوقين، لكنهم يشبهوننا، وتمر عليهم الحياة كأنهم ليسوا شيئا مذكورا... شخصيات مأزومة بضميرها الحي أكثر مما يتطلبه واقعها، أو بضميرها الميت جراء قسوة ذلك الواقع، فهي ونتيجة لذلك تعاني حالة فصام، ازدواجية، تحلل، أو عزلة... بعض ذلك أو كله. اجتهدت أن ألتقط ما سقط من تفاصيل ويوميات بعض من أولئك الذين يعيشون مختفين، طوعا أو قسرا، دون أن يأبه بهم أحد، ثم يموتون دون أن يكون لهم قبر حتى في ذاكرتنا الجماعية.
> روايتك «السيد لا أحد» تقع في 120 صفحة، برأيك ما هي تحديات كتابة الرواية القصيرة فنيًا؟
- الاختزال والتكثيف، وحشر هذا العدد من البشر والمواقف ورصد مساراتهم، ودفعهم لمصائرهم بعد مقدمات يطول شرحها، القيام بذلك في هذه المساحة المحدودة لم يكن سهلا. أردت أن أكتب بطريقة مختلفة وبأدوات مختلفة، وبما أن الحكايات التي تعكس الألم البشري موجودة في كل مكان وفي كل وقت، فالتحدي بالنسبة لي كان كيف أتحدث عن ذلك الألم بطريقة مغايرة، تتعلق بالشكل الفني للعمل وبحجمه. بعض النقاد ومحكمي الجوائز، وحتى القراء العاديين، يميلون للنصوص ذات الحجم المعتبر، ويرون في الروايات القصيرة والمتوسطة «نصوصا خفيفة»، وأدعو هؤلاء لمراجعة موقفهم، ويمكن أن أذكر رواية «الغريب» لألبير كامو كمثال يمكن الرجوع إليه.
> البعض يرى أن الرواية المغاربية عانت من أزمة «الهامش» طويلًا، ما رأيك في هذا الرأي، وهل يمكن الحديث عن إنصافها في السنوات الأخيرة؟
- لا أميل إلى من يحبون ادعاء المظلومية في كل القضايا. الجدل حول العلاقة بين المشرق والمغرب قديم، وليس لي ما أضيفه، لكن الأجدر بنا جميعا الخروج من القطرية و«الجهوية»، فالأدب إنساني تجاوز حتى عائق اللغة بفضل الترجمة، بينما ما زال البعض هنا يطرح قضايا أتصور أن السياقات تجاوزتها، وكذلك أدوات العصر من إعلام وشبكات اجتماعية، اختزلت الجغرافيا وقربت المجتمعات العربية فيما بينها أكثر من أي وقت سابق.
> هل تعتقد أن تعثر وصول الرواية العربية خارج حدودها يتعلق فقط بأزمة الترجمة، أم أن هناك عوامل أخرى برأيك؟
- هناك مشكلة ترجمة، إذ لا أتصور أن كل ما يكتب عندنا دون مستوى ما يكتب في أماكن أخرى من العالم بلغات أخرى، لكن الترجمة ليست عائقا أساسيا. الإبداع بعيدا عن التجميل اللغوي للنصوص، محدود، وكذا القدرة على الخوض في التجريب بوصفه الشكل الكتابي المحتمل للنص بما يتضمن الخروج عن الأنماط السائدة، هذه القدرة هي على المحك، وجوانب أخرى تتعلق بالموضوعات التي يعالجها الروائي العربي، وغير ذلك.
> هل هناك نص جديد تعمل عليه حاليًا؟
- نعم، نص جديد برؤية أخرى وطرح مغاير، أنا مقل في الكتابة، وأحب أن تأخذ الفكرة وقتها ويستغرق الاشتغال على النص وقته الطبيعي.



انطلاق «معرض جدة للكتاب» بمشاركة 1000 دار نشر

«معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)
«معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)
TT

انطلاق «معرض جدة للكتاب» بمشاركة 1000 دار نشر

«معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)
«معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)

انطلقت، الخميس، فعاليات «معرض جدة للكتاب 2024»، الذي تنظمه هيئة الأدب والنشر والترجمة حتى 21 ديسمبر (كانون الأول) الجاري في مركز «سوبر دوم جدة»، بمشاركة نحو 1000 دار نشر ووكالة محلية وعالمية من 22 دولة، موزعة على نحو 450 جناحاً، مع جهات حكومية وهيئات ومؤسسات ثقافية سعودية وعربية.

ويشتمل المعرض على برنامج ثقافي ثري، يضم أكثر من 100 فعالية متنوعة، تتخللها محاضرات وندوات وورش عمل، يقيمها نحو 170 متخصصاً، إضافة إلى منطقة تفاعلية مخصصة للأطفال، تقدم برامج ثقافية موجهة للنشء بمجالات الكتابة والتأليف والمسرح، وصناعة الرسوم المتحركة، وأنشطة تفاعلية مختلفة.

برنامج ثقافي ثري يضم أكثر من 100 فعالية متنوعة (هيئة الأدب)

ويتضمن المعرض ركناً للمؤلف السعودي، معرِّفاً الحضور على آخر إصداراته، ومهيأ للزوار منطقة خاصة بالكتب المخفضة، التي تأتي ضمن جهوده في الحث على القراءة، وإتاحتها للجميع عبر اختيارات متعددة، معززة بمناطق حرة للقراءة.

من جانبه، أوضح الدكتور عبد اللطيف الواصل، مدير إدارة النشر بالهيئة، أن المعرض يعكس اهتمامهم بدعم وتطوير ونشر الثقافة والأدب في السعودية، مؤكداً دوره الريادي، حيث يسلط الضوء على جهود الأدب والأدباء المحليين والعرب والعالميين، عبر فعاليات وأنشطة مجتمعية بمعايير عالمية، وإيجاد فرص تفاعلية لزواره في قوالب فنية وأدبية متنوعة، وصولاً إلى تعزيز مكانة جدة بوصفها مركزاً ثقافيّاً تاريخيّاً.

المعرض يعكس الاهتمام بدعم وتطوير ونشر الثقافة في السعودية (هيئة الأدب)

ويحتفي المعرض بـ«عام الإبل 2024»، لما تُمثِّله من قيمة ثقافية في حياة أبناء الجزيرة العربية منذ فجر التاريخ، حيث خصص جناحاً للتعريف بقيمتها، وإثراء معرفة الزائر عبر جداريات عدة بأسمائها، ومواطن ذكرها في القرآن الكريم والسنة النبوية، وقصائد شعرية تغنَّى بها العرب فيها على مر العصور.

ويستقبل «معرض جدة للكتاب» زواره يوميّاً من الساعة 11 صباحاً حتى 12 مساءً، ما عدا الجمعة من الساعة 2 ظهراً إلى 12 مساءً.

المعرض يُعزز جهوده في حث الزوار على القراءة عبر اختيارات متعددة (هيئة الأدب)

ويُعد ثالث معارض الهيئة للكتاب خلال 2024، بعد معرض «الرياض» الذي اختتم فعالياته أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ومعرض «المدينة المنورة» المنتهي في أغسطس (آب).