حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية تستعجل تمرير البرلمان للميزانية

مسؤولون عرب وغربيون يستعدون لزيارة طرابلس

ليبيون أمام جدار يحمل صور ضحايا من أفراد عائلات محلية في بلدة ترهونة التي عُثر فيها على مقابر جماعية بعد انسحاب جماعة كانت مؤيدة لـ«الجيش الوطني» منها العام الماضي (أ.ف.ب)
ليبيون أمام جدار يحمل صور ضحايا من أفراد عائلات محلية في بلدة ترهونة التي عُثر فيها على مقابر جماعية بعد انسحاب جماعة كانت مؤيدة لـ«الجيش الوطني» منها العام الماضي (أ.ف.ب)
TT

حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية تستعجل تمرير البرلمان للميزانية

ليبيون أمام جدار يحمل صور ضحايا من أفراد عائلات محلية في بلدة ترهونة التي عُثر فيها على مقابر جماعية بعد انسحاب جماعة كانت مؤيدة لـ«الجيش الوطني» منها العام الماضي (أ.ف.ب)
ليبيون أمام جدار يحمل صور ضحايا من أفراد عائلات محلية في بلدة ترهونة التي عُثر فيها على مقابر جماعية بعد انسحاب جماعة كانت مؤيدة لـ«الجيش الوطني» منها العام الماضي (أ.ف.ب)

بينما تستعد السلطة التنفيذية الجديدة في طرابلس لاستقبال مسؤولين عرب وغربيين، استعجلت حكومة «الوحدة الوطنية» برئاسة عبد الحميد الدبيبة، مجلس النواب لتمرير الميزانية التي اقترحتها عليه، معلنة مجدداً إلغاء القرارات كافة التي أصدرتها الحكومتان المتنافستان سابقاً على السلطة في شرق البلاد وغربها قبل منحها الثقة.
وفيما التقى الدبيبة، أمس، رئيس الأركان العامة لقوات غرب ليبيا الفريق أول محمد الحداد، دون الكشف عن فحوى اللقاء، أعرب محمد حمودة الناطق باسم الحكومة في مؤتمر صحافي عقده مساء أول من أمس، بالعاصمة، عن أمله في أن يعجل البرلمان اعتماد الميزانية «كي تتمكن الحكومة من مباشرة مهامها وتنفيذ مشاريعها».
وقال إن مبادرة الدبيبة المعروفة إعلامياً باسم «هدية رمضان» تستهدف الأسر المعوزة والأرامل والنازحين وذوي الدخل المحدود والبالغ عددهم 200 ألف أسرة تقريباً، معتبراً أن اتخاذ قرارات وتدابير عاجلة لحل مشاكل هذه الشريحة من الأساس يتطلب وجود قانون الميزانية.
وجدد الإعلان عن أن كافة القرارات التي صدرت عن حكومة «الوفاق» برئاسة فائز السراج، بغرب البلاد، والحكومة المؤقتة برئاسة عبد الله الثني في شرقها، «باطلة ولا يعتد بها». وأوضح أن الدبيبة شكل لجنة لدراسة مسألة رفع الدعم عن المحروقات واستبداله بدعم نقدي للمواطنين بشكل مباشر، مشيرا إلى أن ما أشيع عن رفع الدعم «غير صحيح».
وأكد أن مسألة السيادة الليبية تم التأكيد عليها في أكثر من مناسبة والعمل عليها من خلال سياسة الدبيبة ووزراء الحكومة، باعتبارها «أمراً غير قابل للمساس أو النقاش».
وسئل الناطق باسم الحكومة عن الأموال الليبية المجمدة والأصول الثابتة والاستثمارات في الخارج وما تتعرض له من محاولات نهبها والاستيلاء عليها، فقال إن الحكومة لم تتطرق إلى هذا الملف في أي من اجتماعاتها.
وأعلن تخصيص الحكومة نحو مليار دينار من «الطوارئ» للشركة العامة للكهرباء لمباشرة أعمالها في تنفيذ خطتها الطارئة لتطوير الشبكة الكهربائية وإجراء الصيانات اللازمة، لافتا إلى منحها الإذن للتعاقد مباشرة مع الشركات المحلية والدولية حتى تستطيع القيام بكافة الإجراءات المطلوبة استعداداً للذروة الصيفية.
في غضون ذلك، تستعد السلطة الجديدة في ليبيا لاستقبال رئيسي الوزراء اليوناني والإيطالي على التوالي، في إطار إظهار الدعم الأوروبي لها.
وأعلنت الحكومة اليونانية أن رئيسها كيرياكوس ميتسوتاكيس سيزور طرابلس الثلاثاء، برفقة وزير الخارجية نيكوس ديندياس، ومن المنتظر أن يجتمع برئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، والدبيبة، ويعيد فتح السفارة اليونانية المغلقة منذ ستة أعوام في طرابلس.
وكانت السفارة اليونانية في طرابلس أغلقت يوليو (تموز) عام 2014 حين قامت فرقاطة تابعة للبحرية اليونانية بإجلاء حوالي 200 يوناني وأجانب آخرين من البلد الذي كان يشهد فوضى آنذاك.
وتتزامن هذه الزيارة مع زيارة مرتقبة للرئيس الجديد للحكومة الإيطالية ماريو دراغي، ستكون الأولى لزعماء أوروبيين إلى ليبيا بعد تشكيل حكومة انتقالية جديدة يدعمها المجتمع الدولي.
وقالت وكالة «نوفا» الإيطالية للأنباء أمس، إن ماريو سيصل طرابلس الثلاثاء المقبل، لبحث ملفات مكافحة الهجرة غير المشروعة وتهدئة الأوضاع في البلاد وإمدادات الغاز وإعادة إعمار البنى التحتية الليبية.
وكان مقرراً وصول رئيس وزراء موريتانيا محمد ولد بلال مسعود إلى العاصمة طرابلس لإجراء محادثات مع المنفي والدبيبة، وفقاً لما أبلغته مصادر حكومية لوكالة الأنباء الليبية الرسمية، مشيرة إلى زيارة وشيكة أيضاً لرئيسة الاتحاد الأوروبي أورسولا فون دير لاين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».