الراعي مهاجماً «حزب الله»: هل يريد إبقاء لبنان في حالة حرب؟

قال إن الحزب لا يطلب موافقة أحد عندما يشارك في نزاعات المنطقة

البطريرك الراعي يتحدث إلى الصحافيين بعد لقاء مع الرئيس ميشال عون في يوليو الماضي
البطريرك الراعي يتحدث إلى الصحافيين بعد لقاء مع الرئيس ميشال عون في يوليو الماضي
TT

الراعي مهاجماً «حزب الله»: هل يريد إبقاء لبنان في حالة حرب؟

البطريرك الراعي يتحدث إلى الصحافيين بعد لقاء مع الرئيس ميشال عون في يوليو الماضي
البطريرك الراعي يتحدث إلى الصحافيين بعد لقاء مع الرئيس ميشال عون في يوليو الماضي

شنّ البطريرك الماروني بشارة الراعي أعنف هجوم على «حزب الله» على خلفية رفض الحزب طروحات «حياد لبنان» التي اقترحها الراعي، متسائلاً ما إذا كان (الحزب) يريد إبقاء لبنان في حالة حرب، قائلاً إن الحزب لا يطلب موافقة أحد عندما يذهب إلى سوريا أو العراق أو اليمن. وجاء هذا التسريب لفيديو لكلام الراعي في وقت تستمر فيه جلسات الحوار بين الحزب وممثلين عن البطريركية المارونية.
ويعارض «حزب الله» طروحات «الحياد» التي تقدم بها الراعي، من غير أن يرد مباشرة على البطريرك، ويتوقف عند ملف الصراع مع إسرائيل بوصفه «غير قابل للحياد»، كما تقول مصادر مواكبة لجلسات الحوار بين الطرفين، لافتة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن جلسات الحوار «لم ولن تتوقف»، وأنها «مستمرة للتوصل إلى نقاط تفاهم مشتركة حول القضايا التي تثير الالتباس».
وانتشر مقطع فيديو للراعي، أمس، خلال لقاء أجراه مع مغتربين لبنانيين في الولايات المتحدة في 27 مارس (آذار) الماضي، ينتقد فيه «حزب الله». وجاء في الفيديو: «لماذا تقف ضد الحياد؟ هل تريد إجباري على الذهاب إلى الحرب؟ تريد إبقاء لبنان في حالة حرب؟ هل تأخذ برأيي حين تقوم بالحرب؟ هل تطلب موافقتي للذهاب إلى سوريا والعراق واليمن؟ هل تطلب رأي الحكومة حين تشهر الحرب والسلام مع إسرائيل؟»، مشيراً إلى أن الدستور يقول إن إعلان الحرب والسلام «يعود إلى قرار من ثلثي أصوات الحكومة».
وأضاف الراعي، في مخاطبته «حزب الله»: «ما أقوم به أنا هو في مصلحتك، أما أنت فلا تراعي مصلحتي ولا مصلحة شعبك»، كاشفاً أن «أناساً من حزب الله يأتون إلينا ويقولون: هذا السلاح ضدنا، ولم نعد قادرين على التحمل»، مضيفاً: «لأنهم يشعرون بالجوع مثلنا»، وختم متوجهاً إلى الحزب: «لماذا تريد مني أن أوافق على ضرورة موافقتك حول موضوع فيه خلاص لبنان، ولا تريدني أن أوافق عندما تذهب إلى الحرب التي فيها خراب لبنان؟».
وتقوم «مذكرة لبنان والحياد الناشط» على ثلاثة أبعاد مترابطة؛ أولها «عدم دخول لبنان قطعياً في تحالفات وصراعات سياسية وحروب إقليمياً ودولياً، وامتناع أي دولة عن التدخل في شؤونه أو الهيمنة عليه أو احتلاله»، أما الثاني فهو «تعاطف لبنان مع قضايا حقوق الإنسان وحرية الشعوب، خاصة الشؤون العربية التي يوجد حولها إجماع دولي وفي الأمم المتحدة وبهذه الطريقة يواصل لبنان الدفاع عن حق الشعب الفلسطيني والفلسطينيين في لبنان». أما البُعد الثالث فيتمثل في «تعزيز الدولة اللبنانية لنكون دولة قوية بجيشها ومؤسساتها وعدالتها ووحدتها الداخلية كي تضمن أمنها الداخلي من جهة وتدافع عن نفسها تجاه أي اعتداء يأتي سواء من إسرائيل أو غيرها».
وفي ظل الحوار المستمر بين الطرفين، بدا موقف البطريرك لافتاً إلى حد كبير، كونه للمرة الأولى يشن هجوماً بهذه الحدة والوضوح على «حزب الله». وقال عميد المجلس العام الماروني الوزير الأسبق وديع الخازن، لـ«الشرق الأوسط»، إن «من حق البطريرك أن يحيي فكرة لبنان الجامع في المفهوم الوطني لقيام لبنان على النحو الذي رسمه البطريرك إلياس الحويك، الذي استعاد فيه حدود لبنان التاريخية بعد مؤتمر فرساي 1919، ليحسم التشرذم الذي كان قائماً حول النزعات التقسيمية، مكرساً لبنان الذي نريده جميعاً، لبنان الواحد لطائفة واحدة هي لبنان». وقال الخازن: «لا يجب أن نحمل الراعي أكثر مما يجب أن يُحمل، بعد الكلام الذي قاله أمام جمع من اللبنانيين المنتشرين في مدينة بروكلين في 27 مارس الماضي، حول مقولة الحياد وموضوع سلاح حزب الله، خصوصاً في ظل التجاذب الإقليمي والدولي في المنطقة».
وأضاف الخازن: «لبنان هو أحوج ما يكون إلى دعم من جميع المكونات اللبنانية، فضلاً عن إخوانه العرب جميعاً، والعواصم الدولية التي بإمكانها أن تنقذه من غرقه حتى الخناق»، وشدد على أن «خلاص لبنان لا يكون إلا بتحرك بكركي رافعة شعار الحياد المنقذ باعتبارها صخرة الخلاص»، مشيراً إلى أن الحوار بين بكركي والحزب «يجري على قدم وساق مع مرجعيات الحزب، وهي غير مقفلة، ولا بد أن تصل إلى تفاهم، لأن لبنان محكوم بالتوافق بين الجميع في نهاية الأمر».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.