الجزائر: المعارضة تتجه إلى التخلي عن «مؤتمر الوفاق الوطني» بسبب تحفظات أحزاب السلطة

أرجعت احتمال التأجيل إلى عدم فهم السلطة لمسعى الوفاق

الجزائر: المعارضة تتجه إلى التخلي عن «مؤتمر الوفاق الوطني» بسبب تحفظات أحزاب السلطة
TT

الجزائر: المعارضة تتجه إلى التخلي عن «مؤتمر الوفاق الوطني» بسبب تحفظات أحزاب السلطة

الجزائر: المعارضة تتجه إلى التخلي عن «مؤتمر الوفاق الوطني» بسبب تحفظات أحزاب السلطة

تعززت قناعة «جبهة القوى الاشتراكية»، التي تضم أقدم أحزاب المعارضة في الجزائر، بأن رئاسة الجمهورية لا تريد المشاركة في «مؤتمر الوفاق الوطني»، الذي يعتزم الحزب عقده في 24 من الشهر الحالي، بعد أن أبدى حزب آخر من «أحزاب السلطة» تحفظا شديدا على المسعى، بحجة أن البلاد «لا تعيش أزمة سياسية لتبرير إحداث التوافق».
وقال قيادي من «القوى الاشتراكية»، رفض نشر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأمانة الوطنية» للحزب، بقيادة السكرتير الأول محمد نبو، «قد تؤجل موعد ندوة الوفاق الوطني إلى وقت لاحق، حتى تتبلور الأفكار جيدا»، وأرجع احتمال التأجيل إلى «عدم فهم أطراف سياسية كثيرة، بما فيها السلطة، مسعى الوفاق الذي نريده للجزائر، إذ ليس شرطا أن تعيش البلاد أزمة حتى ننظم لقاء بين الأحزاب والفاعلين السياسيين لندرس مستقبل البلاد». وأضاف موضحا أن «الاضطرابات التي تعيشها بلدان الجوار، خصوصا ليبيا ومالي، والأزمة الاقتصادية التي تلوح في الأفق بعد انهيار أسعار النفط، هي أسباب رئيسية تدفعنا إلى التفكير في مصير أمننا القومي».
والتقى نبو أول من أمس في العاصمة عمر غول، رئيس «تجمع أمل الجزائر»، الذي يعد من أشد الموالين للرئيس، بغرض بحث مشاركته في «مؤتمر الوفاق»، غير أنه أظهر برودة في التعاطي مع المسعى عندما قال للصحافة إن «مشاركتنا تخضع لمبادئ، أولها عدم المساس بشرعية مؤسسات الدولة»، في إشارة إلى أنه يرفض أي طرح، من جانب أي حزب، يشكك في شرعية البرلمان التي تقول المعارضة إنه «وليد التزوير»، أو في شرعية رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، التي تطالب المعارضة برحيله، بحجة أنه عاجز عن أداء مهامه بسبب المرض. ودعا غول إلى «إثراء الإصلاحات السياسية وعلى رأسها تعديل الدستور»، مما يعني أن «مؤتمر الوفاق» لا ينبغي أن يثير قضايا أخرى غير تلك المطروحة في أجندة السلطات، وهي «الإصلاحات السياسية» التي أطلقها الرئيس في 2011 واتخذت شكل مراجعة بعض القوانين، والتعديل الدستوري الذي أعلن عنه الرئيس في نفس العام، والذي لم يتم لأسباب مجهولة.
وأضاف غول مؤكدا أنه «ينبغي أن يكون التحليل السياسي للوضع في الجزائر، مبنيا على أساس وجود تحديات وطنية وإقليمية ودولية تستدعي الاتفاق حول سبل مواجهتها، بعيدا عن أي تشخيص يشير إلى وجود أزمة تستوجب اللجوء إلى مرحلة انتقالية». وهو ما يعني، حسب بعض المراقبين، أنه يضع خطا أحمر حول أي حديث عن «مرحلة انتقالية»، كما تطرحها «تنسيقية الانتقال الديمقراطي»، المعارضة.
وأوضح غول أن «نجاح مبادرة التوافق الوطني مرهون بعدة عوامل، منها ضرورة التخلي عن المصالح الحزبية والشخصية الضيقة. وتفعيل هذه المبادرة يكون بالبحث عن قواسم مشتركة بين الفاعلين السياسيين، والابتعاد عن نقاط الاختلاف».
وحاول نبو خلال حديثه مع الصحافة، بعد لقائه بغول، إخفاء خيبة أمله بصعوبة، واكتفى بالقول «إن مسار مبادرتنا بخير، وجبهة القوى الاشتراكية عازمة على مواصلة سلسة لقاءاتها مع مختلف الفاعلين السياسيين، وستعمل من أجل تشكيل مجموعة للتنسيق، تضم ممثلين عن كل حزب سياسي، لتحضير ندوة التوافق الوطني». يشار إلى أن «حزبي السلطة»، وهما «جبهة التحرير الوطني» (أغلبية) و«التجمع الوطني الديمقراطي»، رفضا المشاركة في المسعى. فيما كانت «تنسيقية الانتقال» قد رفضته من الأساس قبل شهرين، بذريعة أنه «يخدم السلطة». ويرجح مراقبون تخلي «القوى الاشتراكية» عن مؤتمرها، بعد هذه المواقف السلبية من الطرفين، سلطة ومعارضة، ويؤكدون أن قيادة الحزب، الذي أسسه رجل الثورة حسين آيت أحمد، ارتكبت خطأ استراتيجيا عندما طلبت تزكية السلطة لمبادرتها بعد أن تلقت في البداية إشارات إيجابية، تفيد بقبولها من طرف رئاسة الجمهورية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.