تعترف الكثير من الأوساط الطبية في أوروبا أن أكلات الشرق الأوسط تمثل المحتويات الغذائية المثالية لنظام صحي مغاير للأطعمة السريعة المنتشرة غربيا والتي تؤدي إلى السمنة وتمثل مخاطر على القلب والشرايين. هذا الاعتراف إلى جانب انتشار الكثير من منافذ بيع الأطعمة الشرق أوسطية والعربية في عواصم العالم أدى إلى انتشار أكلات الشرق الأوسط على نطاق عالمي.
وتاريخيا، كانت منطقة الشرق الأوسط هي ملتقى حضارات العالم القديم واكتسبت الكثير من خبرات وأطعمة المناطق المحيطة من تركيا وفارس القديمة إلى حضارات البحر المتوسط. وهناك الكثير من المكونات المشتركة بين أغذية بلدان الشرق الأوسط التي تعتمد على الزيتون وزيته والقمح الذي جرت زراعته تاريخيا للمرة الأولى في المنطقة، بالإضافة إلى الشعير والأرز بعد ذلك.
* الفاكهة
* من الفواكه اشتهرت المنطقة بالتين والرمان والكروم والتمر والبطيخ، التي كونت فيما بينها جزءا أساسيا من غذاء المنطقة. واستعارت المنطقة من بلاد فارس أنواع الأرز والدجاج في الوجبات اليومية. كما بدأ استخدام بعض التوابل في المنطقة ومنها الزعفران والكمون والثوم، ثم جلبت التجارة من الهند بعض التوابل الأخرى مثل الفلفل الأسود والبهارات والقرنفل والقرفة.
* منتجات مستوردة
* ومن أساسيات المطبخ الشرقي المستوردة من مواقع أخرى في العالم البامية من أفريقيا والطماطم من أميركا عبر الأندلس في إسبانيا. وتتأثر المنطقة أيضا بتعاليم الأديان التي تمنع أكل الخنزير مما جعل اللحوم البقرية والأغنام من أهم مصادر البروتين الحيواني في المنطقة. وعلى رغم من عدم شهرة المنطقة في صناعة النبيذ، أيضا لأسباب دينية، فإن الاستثناء الوحيد كان لبنان الذي اشتهر تاريخيا بإنتاج أنواع جيدة من النبيذ والعرق.
ولكن ربما كان المطبخ التركي هو الأكثر تأثيرا في المطبخ الشرق أوسطي نظرا لتأثير حكم الإمبراطورية العثمانية الذي استمر قرونا. ومن تركيا استوردت المنطقة فكرة الحلويات مثل البقلاوة والكنافة والقطايف بالإضافة إلى مشروب القهوة التركية.
* الخبز
* ويتميز الخبز بأهمية خاصة في الغذاء الشرق أوسطي وهو يصنع من القمح والشعير والأرز والذرة وفقا للمنطقة. وبخلاف الخبز تستخدم الحبوب في صناعة البرغل والكسكس والفريك وجميعها أنواع من القمح المكسر المخبوز بالملح. كما ينتشر الأرز أيضا كطبق جانبي بالإضافة إلى اللحوم والخضراوات. وإلى جانب زيت الزيتون تستخدم الزبد والسمن أيضا ضمن مكونات المطبخ الشرق أوسطي.
ومن أشهر الأطعمة التي انتشرت عالميا وتعود في جذورها إلى المنطقة الكباب بأنواعه. وهو يعتمد على لحوم الأغنام وأحيانا اللحم الجملي في بعض أنواع الكفتة. ويتميز الكباب بسهولة تحضيره وخلوه من الدهون التي تصاحب اللحم المطبوخ وطعمه اللذيذ وإمكانية الحصول عليه كوجبة سريعة.
* الخضراوات
* الخضراوات والبقول تمثل أيضا جزءا مهما من المطبخ الشرقي وهي تأتي في أشكال متعددة من الإعداد منها المقلي أو المشوي أو المسلوق ومنها المحشي. ومن أهم البقول التي أخذت تنتشر عالميا في الآونة الأخيرة طبق الكشري الذي يوجد الآن أكثر من مطعم لندن يقدمه الآن كوجبة سريعة.
وفي المطاعم اللبنانية حول العالم تشتهر أطباق المقبلات أو المزة ومنها مقبلات باردة مثل التبولة والحمص وأخرى ساخنة مثل الفطاير والفلافل. ويقدم الخبز مع كل الوجبات. ويجد بعض الأجانب أطباقا لبنانية معينة غير مستساغة ومنها الكبة النية.
المطبخ اللبناني ظل متأثرا بالمطبخ التركي طوال فترة الحكم العثماني للبنان (1516 - 1918) واكتسب من المطبخ التركي بعض المكونات مثل زيت الزيتون والبقلاوة واللبن والخضراوات المحشية مثل الباذنجان والكوسا وورق العنب. وانتشر لحم الغنم في هذه الفترة أيضا الذي استخدم في صناعة الكثير من أنواع الكباب والشورمة.
وبعد الحكم العثماني جاءت فترة الانتداب الفرنسي حتى عام 1946 وأثرت أيضا في المطبخ اللبناني ببعض أنواع الجاتوه والحلويات والكرواسان. وفي العصر الحديث انتشرت شهرة المطبخ اللبناني حول العالم حيث لا تكاد تخلو مدينة من مطاعم لبنانية سواء في أوروبا أو أميركا وحتى أفريقيا وأميركا اللاتينية وأستراليا.
* المطبخ اللبناني
* يعتبر المطبخ اللبناني عالميا الآن فالبعض يشير إليه كممثل لأطعمة الشرق الأوسط ومنطقة البحر المتوسط. وحينما يشار إلى الجوانب الصحية لنظام البحر المتوسط الغذائي، فإن المطعم اللبناني يكون في مقدمة مطاعم منطقة البحر المتوسط من حيث الجوانب الصحية التي يمثلها.
ويفضل اللبنانيون أكلهم طازجا ولا يتناولون طعاما مر عليه أكثر من يوم. وهم يهتمون كثيرا باستخدام الأعشاب في الطعام لتوفير المذاق الخاص، مثل النعناع والكسبرة والبقدونس. كما تقدم الفواكه بعد الوجبات ومنها البطيخ والبرتقال والتين والتمر والكروم. وفي المطاعم اللبنانية ينتشر تقديم أنواع الحلوى مثل البقلاوة بعد الوجبات ومع القهوة. وأحيانا تقدم الحلوى حتى ولو يطلبها الزبائن كنوع من الترحيب بهم.
وفي نيويورك حاز مطعم «إيليلي» على جائزة النجمة الماسية الدولية وهو أول مطعم لبناني في العالم يحصل على هذه الجائزة. وكان الشيف فيليب مسعود وراء حصول المطعم على الجائزة، وهو من مواليد لبنان وهاجر إلى أميركا عام 1986، وأسهم في ابتكار الكثير من الأطباق اللبنانية الجديدة التي حازت على إعجاب المذاق الأميركي. ويتوسع مسعود حاليا في افتتاح الكثير من فروع مطعمه إلى أنحاء العالم الأخرى بداية من دبي. وتماثل الجائزة نجوم ميشلان التي تمنحها فرنسا للمطاعم المتفوقة.
* الحرب على الأطباق
* من القضايا التي تهم المطبخ اللبناني والعربي على وجه العموم الاتهامات لإسرائيل بسرقة بعض الوجبات العربية مثل الحمص والفلافل وتسويقها دوليا على أنها إسرائيلية. وقد هدد فادي عبود رئيس اتحاد الصناعات اللبناني باللجوء إلى القضاء لمنع إسرائيل من تسويق أكلات لبنانية أصيلة على أنها إسرائيلية. وهناك سابقة ناجحة من اليونان لحصر استخدام كلمة «فيتا» لنوع الجبن اليوناني على اليونان وحدها. وحصلت اليونان على هذا الحق من الاتحاد الأوروبي. ويعتقد البعض أن انتشار المطاعم اللبنانية في أنحاء العالم وتقديمها الحمص والفلافل على نحو يومي هو أفضل دليل على أصل هذه الأنواع، وأهم من أي قرار قد تصدره محكمة دولية. فالمطبخ اللبناني أصبح الآن بحق مطبخا دوليا.