الشعر في حضرة المحو

محمد بن ناهض القويز
محمد بن ناهض القويز
TT

الشعر في حضرة المحو

محمد بن ناهض القويز
محمد بن ناهض القويز

وأنا أحاور الشاعر السعودي محمد بن ناهض القويز، استوقفني، وهو يروي لي سيرته على صفحات «البناء»، موقف جريء - قد يبدو لأول وهلة غريباً، لكنه عميق ودقيق - كان قد اتخذه الشاعر في سن مبكرة يتمثل في وضع مسافة مع الشعر على امتداد سنوات طويلة.
قد يستغرب المتأمل لهذا الموقف حين يعرف أن الأمر يتعلق بشاعر كتب لاحقاً مجموعة شعرية لافتة بعنوان «شهادة الأرض». صحيح من حق المطلع على هذا الموقف أن يتساءل عن الكيفية التي بواسطتها يزاول الشاعر تجربته في قطيعة تامة، بل غير مسبوقة مع التجارب المتداولة، خاصة أن المتابع لم يألف مثل هذا البوح الصادم العازف عن متابعة الآخرين.
أجزم أن هذا الموقف يضعنا عملياً أمام عملية هدم وانسلاخ إزاء مفهوم جوهري رسخته الكتابات النقدية في تمثلات القارئ منذ ستينات القرن الماضي للعملية الإبداعية برمتها، واستحضر في هذا المنحى تدقيقاً مفهوم التناص باعتباره آلية تحكم بنية النص الإبداعي، وهو الأولية التي كرستها جوليا كريستيفا في كتابها الشهير «نص الرواية»، وتداوله النقاد بوثوقية أحياناً ودوغمائية فجة أحياناً أخرى، لقد كشفت تجربة القويز عن قطيعة واعية مع المنجز على خلفية النأي بالذاكرة الشعرية عن ظلال الآخرين بمعنى خلق مسافة جمالية تؤسس لذاكرة المحو أو بالمنطق الديكارتي الانطلاق من «مسح الطاولة»؛ بغية تشييد أفق شعري آخر متحرر تماماً من الظلال والتناسخ والمطابقة دلاليا وجمالياً.
إن درس المسافة الذي يقترحه علينا مشروع القويز قمين بالتأمل والإشادة لأن الكثير من التجارب الشعرية سقطت في فخاخ «الصدى والظلال» وتم التبرير نقدياً لها بمنطق التناص طوراً ومشروعية التلاقح الإبداعي والمثاقفة، وما عداها من العناوين والهوامش والمخرجات طوراً آخر... ينطبق هذا الحكم على مختلف الأشكال الشعرية؛ إذ لا يقتصر على لون دون غيره سواء أكان تفعيلياً أم قصيدة نثر، بحيث إن ظلال أدونيس ودرويش تحديداً تمارس هيمنة واضحة أو مضمرة في مختلف مدونات القصيدة ذات المنحى التفعيلي بالقدر نفسه الذي تحلق أطياف الماغوط وأنسي الحاج وسركون بولص بقوة على المنجز الجمالي في قصيدة النثر العربية.
لربما تحضر في ذهن الكثير ونحن نثير هذه الملاحظة قصة خلف الأحمر مع أبي نواس - بعيداً عن صحتها من عدمه -؛ إذ لم يأذن خلف الأحمر لأبي نواس بـ«قول الشعر» إلا بعد أن خلا هذا الأخير بنفسه وأقام مدة حتى نسي ما حفظ. فالاختلاء بالنفس، ههنا، يعني خلق مسافة محو أساسية للخروج من ربقة الآخر (والآخر هنا يعني المقروء/الظلال/الأطياف...الخ) واجتراح أفق آخر بما يتطلبه هذا الأفق من مدى زمني واستعداد جمالي وتخييلي لرسم أفق مغاير تماماً للسائد.



رجل إطفاء يتحوَّل «بابا نويل» لإسعاد الأطفال المرضى

بعضُ السحر يستحقّ أن يُصدَّق (مواقع التواصل)
بعضُ السحر يستحقّ أن يُصدَّق (مواقع التواصل)
TT

رجل إطفاء يتحوَّل «بابا نويل» لإسعاد الأطفال المرضى

بعضُ السحر يستحقّ أن يُصدَّق (مواقع التواصل)
بعضُ السحر يستحقّ أن يُصدَّق (مواقع التواصل)

زَرَع رجل إطفاء البهجة في نفوس عدد لا يُحصى من الأطفال خلال عطلة عيد الميلاد على مرّ السنوات، لكنَّ ديفيد سوندرز (50 عاماً)، يقول إنّ القيام بدور «بابا نويل» يُرخي أثراً سحرياً عليه أيضاً. بالنسبة إلى سوندرز المقيم في مقاطعة فيرفاكس بولاية فرجينيا، فإنّ أداء دور «بابا نويل» يتجاوز التقاليد: «إنه مَهمَّة شخصية عميقة مستوحاة من العائلة وتغذّيها الرغبة في نشر الفرح». بدأ سوندرز، وهو والد لـ5 أطفال، ذلك العمل الموسميّ منذ 16 عاماً. في ذلك الوقت، كان ابنه البالغ 6 سنوات يعاني مرضاً تسبَّب بتنقّله بين المستشفيات. نقلت عنه «فوكس نيوز» قوله لشبكة «إس دبليو إن إس»: «في كل مرّة كنّا نقصد المستشفى، كان يرى جميع الأطفال المرضى. وخلال المغادرة راح يقول لي: (أتمنّى لو نستطيع فعل شيء لطيف لهم). كنتُ أجيبه: (اكتشف ما تريد فعله، وسنحاول)».

مَهمَّة شخصية عميقة مستوحاة من العائلة (مواقع التواصل)

تحوَّلت هذه الرغبة دعوةً غير متوقَّعة للأب والابن، اللذين بدآ في ارتداء زيّ «بابا نويل» وجنّيته المساعدة لإسعاد المرضى الصغار. حالياً، يُنجز سوندرز بين 100 إلى 150 زيارة منزلية كل عام؛ مُرفقةً ببعض الإعلانات التجارية وفيلمين لعيد الميلاد. قال: «أحبُّ إسعاد الناس. أستمتعُ برسم البسمة على وجوههم». وكلّ عام، كان يرى أطفالاً اعتاد رؤيتهم منذ أن كانوا رضَّعاً: «استمتعتُ بمراقبتهم وهم يكبرون. تحملهم بكونهم أطفالاً، ثم تشاهدهم يكبرون. أحياناً تعتقد أنهم لن يرغبوا في عودتك هذا العام، لكنَّ أمهاتهم أو آباءهم يتّصلون دائماً ويقولون: (إنهم لا يريدون أن يمرَّ عيد الميلاد من دونك)». ورغم أنّ دور «بابا نويل» مبهج عموماً، فإنَّ سوندرز أقرّ بمواجهة تحدّيات: «أرى بعض الأطفال المرضى أو الذين ليس لديهم الكثير. أحياناً يكون الأمر مُرهقاً عقلياً».

بدأ سوندرز عمله الموسميّ منذ 16 عاماً (مواقع التواصل)

وبعد 30 عاماً من كونه رجل إطفاء، يتطلَّع الآن إلى تحويل عمله الجانبي وظيفةً بدوام كامل. تابع: «عملي رجل إطفاء وظيفة رائعة. إنه أيضاً أحد تلك الأشياء المُرهِقة عقلياً وجسدياً، لكنْ كانت لديَّ مهنة جيّدة. جسدي يؤلمني، وأنا أكبُر في السنّ؛ لذلك حان الوقت للمضيّ قدماً. آمل أن تنمو هذه التجارة أكثر». سحرُ عيد الميلاد هو ما يستمرّ في إلهام سوندرز لإسعاد الأطفال والكبار على السواء: «أعتقد أنّ جميع الأطفال، وحتى البالغين، يريدون شيئاً يصدّقونه، خصوصاً في هذا العيد».