أطلق عدد كبير من الجزائريين في حساباتهم بمنصات التواصل الاجتماعي هاشتاغ «مانسيناش» (لم ننس) من أجل التوقف عند فظاعة الأحداث الإرهابية، التي وقعت في تسعينات القرن الماضي، والتي خلفت 150 ألف قتيل حسب الحكومة، فيما تفيد مصادر غير رسمية بأن العدد لا يتعدى الـ60 ألفا. واعتبر «الهاشتاغ» صرخة لآلاف ضحايا الإرهاب، للتأكيد على أن ذاكرتهم ما زالت تحتفظ بصور المذابح الجماعية والاغتيالات الفردية، التي ارتكبتها الجماعات المتشددة في المناطق الريفية المعزولة بشكل خاص، ولكن أيضا في العاصمة والمدن الكبيرة. ويطالب أصحاب هذا المسعى «المضاد للنسيان»، السلطات باعتماد «يوم وطني لضحايا الإرهاب»، اختاروا له 22 مارس (آذار) من كل عام.
وتجمع العديد من الضحايا، مساء أول من أمس، بساحة «البريد المركزي» بالعاصمة للمطالبة بإلحاقهم بوزارة المجاهدين وذوي الحقوق، بحجة أنهم فئة كانت في الصفوف الأولى لمقاومة الجماعات المتطرفة، وصد اعتداءاتها، تماما كما كان المجاهدون يحاربون الاستعمار الفرنسي، حسبهم، خلال ثورة التحرير (1954 - 1962).
وحاول المحتجون السير باتجاه قصر الحكومة لمقابلة الوزير الأول عبد العزيز جراد، غير أن قوات الأمن التي كانت موجودة بكثافة منعتهم، وهو ما زاد من حدة تذمرهم.
وجاء غالبية المحتجين من بلدة سيدي حماد، جنوب العاصمة التي شهدت في رمضان عام 1998 اعتداء إرهابيا خلف مائة قتيل، وعشرات الجرحى، كثير منهم أصيبوا بعاهات مستديمة. وصرفت الحكومة لهم منحا شهريا بقيمة 150 دولارا بالعملة المحلية (30 ألف دينار جزائري). وقال سليمان عمور(خمسيني)، فقد عينه في انفجار خلال الهجوم الإرهابي على سيدي حماد، لـ«الشرق الأوسط» إن «المدخول الشهري الذي تصرفه لنا وزارة التضامن ضعيف جدا، ولا يكفي للإنفاق على حاجياتي وعلى دوائي. فكيف يمكن أن أعيل به أسرتي؟. على السلطات أن تعيد النظر في المنحة التي نعتبرها عارا».
ونشر العديد من أفراد عائلات ضحايا الإرهاب صور ذويهم، ممن قتلوا في هجومات بضواحي العاصمة، وقعت بين 1995 و1997، مثل حي بن طلحة (200 قتيل)، وبلدة الرايس (300 قتيل)، وبني مسوس (100 قتيل)، أو في قرى غليزان بالغرب (ألف قتيل). كما نشرت صور مثقفين وصحافيين تعرضوا للتصفية الجسدية أمام مقار عملهم، أو بالقرب من مساكنهم، ومنهم صحافي التلفزيون العمومي إسماعيل يفصح، الذي اغتاله مسلح ينتمي لتنظيم «الجبهة الإسلامية للجهاد المسلح»، الذي «تخصص» في اغتيال المثقفين «العلمانيين، المعادين لقيام دولة إسلامية»، وكان ذلك في خريف 1993. يشار إلى أن الجماعات المتطرفة اغتالت أكثر من 110 صحافيين وفنيين عاملين في قطاع الإعلام، ما بين 1993 و1999. وعبر أعضاء بـ«جمعية ضحايا الإرهاب»، التي تترأسها فاطمة الزهراء فليسي، أرملة الطبيب المشهور الهادي فليسي، الذي اغتيل في عيادته، عن استيائهم من «استفادة إرهابيين شملتهم تدابير تهدئة من إعانات حكومية، تمثلت في مشروعات صغيرة لهم ولعائلاتهم». في إشارة إلى مساعدات قدمتها الدولة لمتطرفين «تائبين»، غادروا معاقل الإرهاب في إطار قوانين سنتها الحكومة لإسكات لغة السلاح، وهي ثلاثة: «قانون الرحمة» (1995)، و«قانون الوئام المدني» (1999)، و«قانون المصالحة الوطنية» (2006).
في المقابل، ينفي عناصر «الجيش الإسلامي للإنقاذ»، الذين استفادوا من «الوئام»، وعددهم 6 آلاف، أن يكونوا تلقوا فلسا واحدا من الحكومة، حيث أكد زعيمهم السابق مدني مزراق، في تصريحات سابقة للإعلام، أن المفاوضات التي جرت مع المخابرات عام 1997، والتي أفضت إلى «الهدنة» المشهورة، تضمنت إعادة إدماج أفراد التنظيم في مناصب الشغل، التي تركوها قبل أن يلتحقوا بمعاقل الإرهاب. كما تضمنت حسبه، تمكينهم من جميع حقوقهم المدنية والسياسية، مثل حق الترشح للانتخابات، والانخراط في أحزاب، وقال إن الحكومة «لم تف بوعودها».
من جهة ثانية، أكدت تقارير إعلامية جزائرية أمس أن فرنسا اعتمدت رسميا اتفاقية التسليم المتبادل للمطلوبين للعدالة مع الجزائر. موضحة أن قرار الاعتماد صدر في العدد الأخير من الجريدة
الرسمية الفرنسية، بعدما تم التوقيع على الاتفاقية في إطار «تحديث» البلدين لاتفاقياتهما القضائية.
ضحايا الإرهاب في الجزائر يتظاهرون للمطالبة بـ {إنصافهم}
ضحايا الإرهاب في الجزائر يتظاهرون للمطالبة بـ {إنصافهم}
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة