أوروبا أسيرة الموجة الثالثة من «كوفيد ـ 19»

انتقادات لسياسة اللقاحات المتعثرة

ممرضة تعد جرعة من لقاح «فايزر» في دبلن عاصمة آيرلندا أمس (أ.ف.ب)
ممرضة تعد جرعة من لقاح «فايزر» في دبلن عاصمة آيرلندا أمس (أ.ف.ب)
TT

أوروبا أسيرة الموجة الثالثة من «كوفيد ـ 19»

ممرضة تعد جرعة من لقاح «فايزر» في دبلن عاصمة آيرلندا أمس (أ.ف.ب)
ممرضة تعد جرعة من لقاح «فايزر» في دبلن عاصمة آيرلندا أمس (أ.ف.ب)

ناقوس خطر جديد دقته، أمس (السبت)، منظمة الصحة العالمية، موجهاً إلى البلدان الأوروبية، محذرة إياها من التراخي في تدابير العزل واحتواء فيروس كورونا المستجد، في الوقت الذي أفادت فيه آخر البيانات الواردة إلى مكتب المنظمة الإقليمي في أوروبا بأن الإصابات الجديدة بالوباء في البلدان الأوروبية قد ازدادت بنسبة 34 في المائة خلال الأسابيع الثلاثة المنصرمة، وذلك بعد أن تجاوز عدد الوفيات عتبة المليون في القارة الأوروبية.
وكان المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض والوقاية منها قد نبه أيضاً من عواقب البطء الذي ما زال يسيطر على معظم حملات التلقيح في البلدان الأوروبية، مشيراً إلى أن الوتيرة الراهنة لن تكون كافية لوقف ارتفاع عدد الحالات الخطرة والوفيات في الأسابيع المقبلة. وقال خبراء المركز إن الطفرات الفيروسية الجديدة هي أحد الأسباب المؤدية إلى ما بات يعرف اليوم بالموجة الثالثة، لكن السبب الرئيسي يبقى في تخفيف تدابير العزل والاحتواء التي تعتمدها الدول من فترة لأخرى للتخفيف من حدة الضغط الاجتماعي والاقتصادي الذي تولده الجائحة.
وأفاد المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة في أوروبا بأن 20 دولة أبلغت في الأسبوع العاشر من هذا العام عن ارتفاع يومي متواصل في عدد الإصابات الجديدة، ما يعني أن الوباء قد خرج عن السيطرة في هذه البلدان. كما أكد أن 15 دولة أبلغت أن منظوماتها الصحية ووحدات العناية الفائقة في مستشفياتها قد اقتربت من الحد الأقصى لقدرتها الاستيعابية.
وحذر خبراء المركز من أن هذه البلدان ستشهد في الأسابيع المقبلة ارتفاعاً في عدد الحالات الخطرة والوفيات. وبعد القرارات التي اتخذتها عدة دول أوروبية بالعودة إلى الإقفال التام، توقع المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض أن تكون جميع الدول الأوروبية تقريباً تحت الإقفال العام قبل نهاية هذا الشهر، منعاً لجموح هذه الموجة الثالثة، والدخول في موجة رابعة. ومع استئناف حملات التلقيح في معظم البلدان الأوروبية التي كانت قد قررت تعليقها إثر ظهور عوارض خطرة على عدد ضئيل من الذين تناولوا لقاح «أسترازينيكا» الذي طورته جامعة أكسفورد، عادت المفوضية الأوروبية لتتعرض لسيل من الانتقادات بسبب طريقة إدارتها لملف اللقاحات، وتحميلها مسؤولية البطء في حملات التطعيم، والتأخير في وصول الجرعات اللقاحية الموعودة.
وكان الخبير الاقتصادي بول كروغمان، الحائز على جائزة نوبل، قد وجه انتقاداً شديداً للمؤسسات الأوروبية التي قال إن الثقافة البيروقراطية المتحكمة بها هي السبب فيما وصفه بأنه «كارثة اللقاحات»، وإن المسؤولين الأوروبيين أمضوا أشهراً يساومون على الأسعار والكميات خشية شرائها بأثمان مرتفعة أو الحصول على لقاحات غير فعالة أو لها آثار جانبية خطرة، رافضين لفترة طويلة التوقيع على بنود الإعفاء من المسؤولية المألوفة في مثل هذه العقود، من غير مبالاة بالتداعيات الصحية والاقتصادية التي يمكن أن تنجم عن الإبطاء في توفير الكميات اللازمة من اللقاحات. وقال كروغمان إن التأخير في توزيع اللقاحات سيؤدي إلى آلاف الوفيات التي كان يمكن تحاشيها. ومن جهته، عد نائب الرئيس التنفيذي للمفوضية الأوروبية، فرانز تيمرمانز، أن القرار الذي اتخذته 16 دولة أوروبية مؤخراً بتعليق حملات التلقيح في انتظار جلاء النتائج النهائية حول لقاح «أسترازينيكا» كان متسرعاً، كونه لم يستند إلى قرائن علمية ثابتة، لكنه أضاف أن الحكومات تتعرض لضغوط اجتماعية هائلة في هذه المرحلة، وأن كل الأطراف المعنية بإدارة الجائحة أخطأت التقدير في مرحلة ما.
وإذ أعلن وزير الصحة الألماني أن الحكومة قررت صرف النظر حالياً عن خطة التخفيف التدرجي لتدابير العزل والاحتواء نظراً للارتفاع السريع في عدد الإصابات الجديدة، حذر من أن البلدان الأوروبية لا تملك اللقاحات الكافية لاحتواء موجة الوباء الثالثة التي تنتشر بسرعة بسبب الطفرات الجديدة، خاصة الطفرة البريطانية التي تقدر السلطات الصحية الألمانية أنها مسؤولة عن 75 في المائة من الإصابات الجديدة.
وحذر رئيس الوزراء الإيطالي، ماريو دراغي، من أنه في حال تكرار العراقيل، وتأخير وصول الجرعات اللقاحية الموعودة، ستلجأ بلاده إلى استيراد لقاح «سبوتنيك» الروسي، وربما إلى تصنيعه محلياً، علماً بأن السلطات الروسية لم تتقدم بعد بطلب إلى الوكالة الأوروبية للأدوية للموافقة على استخدام هذا اللقاح. وكان دراغي يتحدث مساء الجمعة، في نهاية اجتماع استثنائي لحكومته خصص لمعالجة الأزمة الناشئة عن الجائحة، وقال إنه شخصياً قرر تناول لقاح «أسترازينيكا»، وإن الخطة التي وضعتها الحكومة لتسريع حملة التطعيم تهدف إلى توزيع نصف مليون جرعة يومياً بدءاً من الشهر المقبل، والسماح للصيدليات بتوزيع اللقاحات.
ومع تكاثر الانتقادات الموجهة إلى الدول الغنية بسبب نزعتها الاحتكارية للاستئثار بكميات ضخمة من اللقاحات على حساب البلدان النامية، وعرقلتها الجهود الدولية المبذولة لإجبار شركات الأدوية على التنازل عن براءات الاختراع للسماح للدول النامية بصناعة اللقاحات حتى نهاية الجائحة، قالت عالمة الوبائيات في جامعة هارفارد مستشارة برنامج «كوفاكس» الذي تشرف عليه منظمة الصحة العالمية إن «هذا الفيروس لا يعرف حدوداً، ولن يقف شيء في وجه سريانه، ما دام أن هناك حركة تنقل بين البلدان وداخلها، لذلك يجب أن يدرك الجميع أهمية مساعدة البلدان النامية للحصول على اللقاحات الكافية، ليس من باب التضامن والأخلاق فحسب، بل لأن نهاية هذا الوباء لن تكون إلا بالقضاء عليه في جميع البلدان من دون استثناء».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.