واشنطن تعلن إغلاق سفارتها لدى اليمن وإجلاء السفير والدبلوماسيين و«المارينز»

مصادر يمنية توقعت اتخاذ دول أخرى خطوات مماثلة أو تقليص دبلوماسييها

واشنطن تعلن إغلاق سفارتها لدى اليمن وإجلاء السفير والدبلوماسيين و«المارينز»
TT

واشنطن تعلن إغلاق سفارتها لدى اليمن وإجلاء السفير والدبلوماسيين و«المارينز»

واشنطن تعلن إغلاق سفارتها لدى اليمن وإجلاء السفير والدبلوماسيين و«المارينز»

أعلنت الولايات المتحدة أمس إغلاق سفارتها لدى اليمن بشكل كامل وإجلاء السفير الأميركي ماثيو تولر والموظفين والدبلوماسيين، وأيضا إجلاء جنود المارينز المكلفين بحراسة السفارة. وقالت الخارجية الأميركية في بيان «نظرا لاستمرار المخاوف الأمنية في اليمن فإن السفارة الأميركية مغلقة، وتوقف جميع الخدمات القنصلية حتى إشعار آخر»، فيما توقعت مصادر مطلعة اتخاذ سفارات غربية وإقليمية الخطوة نفسها.
يأتي ذلك بعد تدهور الوضع الأمني في البلاد. ولم تحدد واشنطن موعدا لإجلاء الدبلوماسيين، لكن مصادر يمنية أشارت إلى أن عمليات ترحيل الدبلوماسيين بدأت منذ يوم أمس، وأنه تقرر إجلاء السفير الأميركي صباح اليوم.
وقال جوش إرنست، المتحدث باسم البيت الأبيض «أشرنا مرارا إلى أننا نراقب الوضع في صنعاء، وأننا نتخذ الخطوات اللازمة لحماية الموظفين في السفارة، وخلال الأسابيع الماضية تزايدت المخاوف الأمنية». وفي سؤال حول إشادة الرئيس أوباما باليمن كمثال على نجاح استراتيجية إدارته في مكافحة الإرهاب قال إرنست «الرئيس أشار إلى أن الاستراتيجية التي نجحت في اليمن هي نفس الاستراتيجية التي ننفذها ضد تنظيم داعش من خلال العمل مع السلطات المحلية، وشن ضربات جوية ضد تنظيم القاعدة في اليمن، وقد نجحت تلك الضربات في الضغط على المتشددين وإضعاف قدراتهم على شن ضربات ضد الولايات المتحدة».
وأوضح مسؤول أميركي لـ«الشرق الأوسط» أن «إجراء إغلاق السفارة الأميركية في صنعاء وإجلاء الدبلوماسيين ووقف العمليات القنصلية هو إجراء حتى تتحسن الظروف داخل اليمن. ومن غير المرجح إجراء أي تعديلات في القوات الأميركية التي تضطلع بمهام مكافحة الإرهاب في مناطق متفرقة من البلاد».
وقال براد افتوز، المتحدث باسم البنتاغون، إن وزارة الدفاع الأميركية تقوم بتقييم الأوضاع الأمنية على الأرض، ولدى الجيش الأميركي قواعد للإجلاء في حال طلب الخارجية الأميركية ذلك. وتأتي أنباء إغلاق السفارة الأميركية في وقت استولى فيه الحوثيون على محافظة البيضاء التي تعد بوابة لجنوب وشرق البلاد، وحل البرلمان، وفرض سيطرتهم على الحكومة. وأشارت تقارير إلى أن الولايات المتحدة ستطلب من سفارات تركيا أو الجزائر الإشراف على مصالح الولايات المتحدة في اليمن خلال فترة إغلاق السفارة الأميركية.
يذكر أن مسلحين قد حاصروا مبنى السفارة الأميركية صباح أمس الثلاثاء لعدة ساعات، ومنعوا أي شخص من دخول السفارة أو الخروج منها، وانسحب المسلحون بعد ساعات من الحصار دون حدوث أي اضطرابات. وأشارت تقارير إلى أن المسلحين حاصروا مبنى السفارة الأميركية بسبب رفض السفير الأميركي حضور اجتماع دعا إليه وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية حميد العواضي بوزارة الخارجية اليمنية. وطلب العواضي من السفراء الأجانب عدم معارضة الإعلان الدستوري الصادر عن الحوثيين تجنبا لإثارة مزيد من المشاكل في البلاد. وقالت التقارير إن سفراء دول مجلس التعاون الخليجي قاطعوا الاجتماع وسط أنباء عن استعدادهم لمغادرة صنعاء.
وفي تقرير لوكالة الأنباء اليمنية الرسمية، أشارت إلى أن وكيل وزارة الخارجية حميد العواضي أكد للسفراء أن «الأوضاع في صنعاء مستقرة، والأمن مستتب، باستثناء بعض التحديات التي يفرضها تنظيم القاعدة».
يذكر أن السفارة الأميركية في صنعاء هي ثالث سفارة أميركية يتم إغلاقها منذ ثورات الربيع العربي، بعد إغلاق السفارة الأميركية في دمشق بسوريا، وفي طرابلس بليبيا. وقد أعلنت الخارجية الأميركية تخفيض أعداد الموظفين في سفارتها، وأمرت جميع الموظفين غير الأساسيين بمغادرة اليمن في سبتمبر (أيلول) 2014 مع بداية الاشتباكات والإضرابات بين الحوثيين والقوات الحكومية. وفي أواخر يناير (كانون الثاني) أعلنت الخارجية الأميركية تعليق جانب من الخدمات القنصلية وإغلاق الخدمات القنصلية المقدمة للجمهور.
من جهة أخرى، قالت مصادر مطلعة إن عددا من الدول الأجنبية تعتزم إغلاق سفارتها وتقليص ممثليها بعد أيام من أنباء تحدثت عن تهديدات حوثية لسفراء الدول الأجنبية، بمنعهم من مغادرة البلاد. وكانت قيادات في جماعة الحوثيين زارت مؤخرا سفارات أجنبية شملت كلا من روسيا وألمانيا، ومصر، وروسيا، هدفت إلى طمأنة الدول بشأن الأوضاع الأمنية في البلاد، ومحاولة إقامة علاقة مصالح معها. وكانت مصادر إعلامية محلية ذكرت أن سفراء دول غربية وخليجية رفضت حضور اجتماع دعت له وزارة الخارجية اليمنية الأحد الماضي.
وتوقعت المصادر أن تحذو فرنسا وعدد من الدول الغربية حذو واشنطن وتعلن إغلاق سفارتها خلال الأيام المقبلة، بعد أن شهدت العاصمة صنعاء مؤخرا مغادرة سفراء دول خليجية وعربية ودولية، بسبب الانقلاب الحوثي. وكانت البعثات الدبلوماسية قلصت في وقت سابق طاقمها، وطلبت من رعاياها أخذ الحيطة والحذر، ونصحتهم بمغادرة اليمن، حيث أغلقت قبل أسابيع السفارة الفرنسية القسم القنصلي، وقبلها أعلنت سفارة واشنطن تقليص طاقم سفارتها في صنعاء، قبل أن تعلن أمس إغلاقها إلى أجل غير مسمى.
وتشرف مجموعة سفراء الدول العشر وألمانيا واليابان وهولندا وتركيا على المرحلة الانتقالية في اليمن، والتي بدأت قبل ثلاث سنوات، وتضم المجموعة كلا من الدول ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي (الولايات المتحدة، روسيا الاتحادية، الصين، المملكة المتحدة، فرنسا)، وسفراء دول مجلس التعاون الخليجي (الإمارات، البحرين، السعودية، سلطنة عمان، الكويت)، وقد طالبت المجموعة في آخر بيان لها جميع الأطراف السياسية في اليمن بدعم وتنفيذ التزامات اليمن ضمن إطار مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، واتفاق السلم والشراكة الوطنية، ومبادرة دول مجلس التعاون الخليجي، فهذه الاتفاقيات تمثل الأساس الوحيد المتوافق عليه لعملية انتقالية تعود بالنفع على كل الشعب اليمني.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.