قفزة جديدة للدولار تقفل أبواب المتاجر في لبنان

إرباك وفوضى في حركة البيع والشراء

حركة خفيفة في سوق مدينة بعلبك (الوكالة الوطنية)
حركة خفيفة في سوق مدينة بعلبك (الوكالة الوطنية)
TT

قفزة جديدة للدولار تقفل أبواب المتاجر في لبنان

حركة خفيفة في سوق مدينة بعلبك (الوكالة الوطنية)
حركة خفيفة في سوق مدينة بعلبك (الوكالة الوطنية)

سجّل سعر صرف الدولار في لبنان قفزة جديدة في السوق السوداء، حيث تخطى الـ13 ألف ليرة (سعره الرسمي 1515 ليرة)، ما انعكس إرباكاً وفوضى في الأسواق التجارية، حيث أقفلت معظم المحال أبوابها في مختلف المناطق رافضة بيع السلع.
وذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» أن المحال التجارية في صيدا (جنوب لبنان) أقفلت صباحاً أبوابها، بعدما لامس سعر صرف الدولار عتبة الـ13 ألف ليرة لبنانية، ووضعوا ملصقات صغيرة على أبواب محالهم الخارجية كتبت عليها عبارة «مقفل لعدم رغبتنا برفع الأسعار».
وفي بعلبك أيضاً، شهدت أسواق المدينة حركة سير خفيفة، وتراجعاً في الحركة التجارية، فيما فضل بعض أصحاب المحلات الإقفال تجنباً للمزيد من الخسائر الناجمة عن ارتفاع سعر صرف الدولار دون ضوابط، بحسب «الوكالة»، مشيرة كذلك إلى أن عدداً من المحتجين نفذوا مسيرة جابت الأسواق الداخلية لمدينة طرابلس، في الشمال، حيث طلبوا من أصحاب المحال التجارية إقفال محالهم، وإعلان الإضراب احتجاجاً على ارتفاع سعر صرف الدولار والغلاء الفاحش.
وفي هذا الإطار، اعتبر رئيس جمعية تجار صيدا وضواحيها علي الشريف في بيان أن «إعلان بعض المؤسسات التجارية في سوق صيدا التجارية الإقفال المؤقت إلى حين استقرار سعر الصرف هو نتيجة طبيعية لما وصلنا إليه من تفلت بسعر الدولار».
وقال: «من الطبيعي أن تعلو صرخة التجار نتيجة هذا الوضع المتفلت لسعر الدولار الذي ارتفع خلال أسبوع واحد من 8 آلاف ليرة إلى 12.500 ليرة، ما أحدث صدمة كبيرة في الأسواق، ووضع من لم يفلس بعد من المؤسسات التجارية على طريق الإفلاس»، مضيفاً: «لسان حال التجار: ماذا نفعل وعلى أي سعر نشتري وعلى أي سعر نبيع؟».
وفي صيدا أيضاً وتحت عنوان الأوضاع المعيشية وارتفاع سعر الصرف، نفذت مجموعة «إرادة شعب» من حراك صيدا وضمن سلسلة تحركاتها المطلبية بعنوان «الانتفاضة مستمرة في معركة التغيير من أجل إنقاذ لبنان وخلاص اللبنانيين»، تحركاً احتجاجياً سلم خلاله وفد منها مذكرة إلى رئيس مصلحة الاقتصاد علي شكرون حمل مضمونها سلسلة مطالب لحماية المواطن من كل أشكال الاحتكار والتلاعب في ظل تردي الأوضاع المعيشية وارتفاع سعر صرف الدولار، وسط إجراءات اتخذتها عناصر القوى الأمنية في محيط المكان. ونصّت المذكرة على بنود خمسة هي: «ضبط فوضى الأسعار وتحديدها، وضرب الاحتكارات ومحاربة إخفاء السلع، وملاحقة الغش، وحماية السلع المدعومة وضمان وصولها إلى مستحقيها، وضبط الفوضى في تسعيرة المولدات بتركيب العدادات».
وردد المشاركون هتافات طالبت المعنيين بـ«تأمين قوت عيشهم اليومي الذي يتلاشى يوماً بعد يوم مع ارتفاع سعر صرف الدولار الذي يقابله غلاء أسعار السلع الغذائية الأساسية وفقدان المدعوم منها بسبب الاحتكار وتلاعب التجار بتسعيرتها». ونددوا بـ«السياسات المصرفية والنقدية التي أوصلت البلد إلى الانهيار»، مطالبين بـ«محاسبة الفاسدين وكل من ساهم بنهب المال والعمل على استرجاع هذه الأموال».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.