الأحزاب الإسرائيلية تستعد للانتخابات بحروب شخصية

يائير لبيد منافس نتنياهو: أؤيد حل الدولتين «غير الواقعي اليوم»

لافتات انتخابية لنتنياهو وفوقها رئيس المعارضة لبيد وفي الخلف منافسه ليبرمان (أ.ب)
لافتات انتخابية لنتنياهو وفوقها رئيس المعارضة لبيد وفي الخلف منافسه ليبرمان (أ.ب)
TT

الأحزاب الإسرائيلية تستعد للانتخابات بحروب شخصية

لافتات انتخابية لنتنياهو وفوقها رئيس المعارضة لبيد وفي الخلف منافسه ليبرمان (أ.ب)
لافتات انتخابية لنتنياهو وفوقها رئيس المعارضة لبيد وفي الخلف منافسه ليبرمان (أ.ب)

تجري الانتخابات الإسرائيلية بعد ثمانية أيام، أي في الثالث والعشرين من الشهر الحالي. وفي أيامها الأخيرة تتخذ طابعاً عنيفاً بشكل خاص، أكان ذلك في الخطاب السياسي، أو الاتهامات المتبادلة، أو في الصدامات الجسدية، لدرجة يمكن اعتبارها حرباً، إذ تبتعد فيه عن القضايا الجوهرية لتتركز على الجوانب الشخصية.
وشكا رئيس حزب «تكفا حدشاه» (أمل جديد)، غدعون ساعر، المنشق عن الليكود، من اعتداء دام تعرض له نشطاؤه خلال مهرجان انتخابي جنوبي تل أبيب، محملاً خصمه نتنياهو، مسؤولية هذا الاعتداء، وقال: «نتنياهو صمت عندما وصفوني بالخائن في مهرجاناته. وهو يمارس نزع الشرعية وتشويه خصوم سياسيين، كأسلوب عمل. وأساليبه عنيفة. ويجب الحذر من الاعتياد على ذلك. سوف يدهور إسرائيل إلى حرب أهلية».
وأما نتنياهو، فقد هاجم خصومه بحدة، خاصاً بالذكر منهم، ساعر نفسه، وكذلك رئيس المعارضة عن حزب «يش عتيد»، يائير لبيد، وحتى نفتالي بنيت، رئيس تحالف أحزاب اليمين المتطرف. واعتبرهم جميعاً يساريين. وقال، في خطاب أمام مؤتمر عقده موقع «القناة السابعة» الإلكتروني اليميني - الديني - الاستيطاني، في القدس، أمس الأحد، إن «بنيت يقول إنه يريد أن يكون رئيس حكومة. كيف؟ من خلال تناوب مع لبيد. سيتعاركان. ولكن لبيد سيكون أقوى ويسيطر على هذه الحكومة. وقال إن التصويت لليكود، سيقود إلى تشكيل حكومة قومية ونحن على بُعد خطوة من تشكيل حكومة كهذه. ولبيد يصلي من أجل أن تصوتوا لبنيت. ويمينا هي أمل لبيد الجديد».
ولكن نتنياهو لم يتنازل عن بنيت شريكاً، فقال إنه «سيكون لبنيت مكان جدير ومحترم في حكومتي، لكن لن يكون تناوباً (على رئاسة الحكومة) معه». ودعا جمهور المستوطنين في المناطق الفلسطينية المحتلة، إلى التصويت لحزب الليكود، أو لتحالف الصهيونية الدينية، برئاسة بتسلئيل سموتريتش، وللمتطرف وأكثر الموالين لأفكار كهانا الفاشية، إيتمار بن غفير. لافتاً إلى أن: «الصهيونية الدينية ستسير معنا في جميع الأحوال، وبتسلئيل لا يتلعثم ولا يدندن. ولا توجد لدي مشكلة بالتصويت للصهيونية الدينية. سنكون أكثر من 61 (عضو كنيست)، وأقول هذا بعدما فحصت ليلة أمس، لكن علينا أن نكون أقوياء جداً». وتعهد نتنياهو بأن يكون أول قرار يتخذه في الحكومة المقبلة في حال فوزه، رزمة مساعدات للمصالح التجارية بمبلغ 15 مليار شيقل (نحو 4.5 مليار دولار)، في موازاة خفض كبير في الضرائب وتجميد ضريبة القيمة المضافة لنصف سنة.
ورحب بن غفير بقول نتنياهو، ورد قائلاً: «نحن نرحب بأقوال رئيس الحكومة المهمة. ومن يريد أن يرأس نتنياهو حكومة يمين قوية تقود إلى إصلاحات في جهاز القضاء، وتوقف الإرهاب العربي للبدو في النقب، وتطرد المتسللين (السودانيين والإريتريين) بإعادتهم إلى بلدانهم، وتفرض السيادة على يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، ملزم بالتصويت لقائمة الصهيونية الدينية».
من جهة أخرى، هاجم رئيس حزب اليهود الروس «يسرائيل بيتينو»، أفيغدور ليبرمان، حلفاء نتنياهو المتدينين مستخدماً بشأنهم شتيمة «زبالة». ورد عليه أحد قادتهم بدعوته ليبرمان أن يذهب إلى طبيب نفسي لتلقي العلاج. ووصفه وزير المخابرات، إيلي كوهن، بالسياسي المنفلت الذي لا يتورع عن التصرف مثل أسوأ المعادين للسامية في العالم.
وفي الوقت الذي تتخذ فيه المعركة الانتخابية الإسرائيلية طابع العنف الكلامي والجسدي، وتبتعد فيه عن القضايا الجوهرية لتتركز على الجوانب الشخصية، صرح رئيس المعارضة عن حزب «يش عتيد» (يوجد مستقبل)، يائير لبيد، بعبارات، تطرق فيها لأول مرة إلى الموضوع السياسي، فقال إنه يؤيد حل الدولتين للشعبين، شرط أن تبقى القدس عاصمة لإسرائيل ولا يتاح عودة لاجئين فلسطينيين. لكنه أضاف أن هذا الحل غير واقعي اليوم.
وقال لبيد إن الفلسطينيين يفضلون محاربة إسرائيل على أن يكونوا لأنفسهم دولة وأمة. ولذلك فإن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني سيمتد 200 - 300 سنة حتى يأتي جيل جديد لتسويته. ولبيد، يقود حزباً يواجه الليكود برئاسة بنيامين نتنياهو. وتتنبأ له آخر الاستطلاعات 20 مقعداً (له اليوم 14)، مقابل 28 لليكود. وقد أجرى مقابلة مع موقع «تايمز أوف يسرائيل» الإلكتروني، نشرت أمس الأحد، قال فيها، إن الموضوع الأهم في الانتخابات، هو «أن نقول وداعاً لنتنياهو». وأضاف أنه إذا تمكن نتنياهو من تشكيل حكومة كما يشاء بعد الانتخابات، فإنه سيعمل من أجل إلغاء محاكمته، وسيلجم بشكل كبير قوة المحاكم، ويحول إسرائيل إلى «ديمقراطية غير ليبرالية، مخلوق هجين بين المجر وتركيا».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».