قطع طرقات واحتجاجات تلفّ المناطق اللبنانية

تدهور العملة والغلاء يعيدان الناس إلى الشارع

متظاهرون يحاولون تسلق حاجزاً أقامته الشرطة قرب مجلس النواب في وسط بيروت أمس (أ.ب)
متظاهرون يحاولون تسلق حاجزاً أقامته الشرطة قرب مجلس النواب في وسط بيروت أمس (أ.ب)
TT

قطع طرقات واحتجاجات تلفّ المناطق اللبنانية

متظاهرون يحاولون تسلق حاجزاً أقامته الشرطة قرب مجلس النواب في وسط بيروت أمس (أ.ب)
متظاهرون يحاولون تسلق حاجزاً أقامته الشرطة قرب مجلس النواب في وسط بيروت أمس (أ.ب)

أخرج تدهور القيمة الشرائية لليرة واستمرار ارتفاع أسعار المواد الغذائية اللبنانيين إلى الشارع مجدداً أمس، حيث قطعوا الطرقات وأغلقوا ساحات وتظاهروا في الشوارع في الجنوب والشمال والعاصمة بيروت رفضاً للوضع الاجتماعي الضاغط والأزمات السياسية والاقتصادية والمالية التي أدت إلى تفاقم الوضع المعيشي.
وبعد هدوء لمدة خمسة أيام لم تشهد خلالها البلاد تصعيداً، تجدّدت التحركات الاحتجاجيّة أمس في مختلف المناطق اللبنانية، وكان لافتاً الحشد الذي نقلته الشاشات من مدينة صور في جنوب لبنان، حيث اعتصم السكان في ساحة أبو ديب رافعين العلم اللبناني، كما أعيد نصب الخيم في بيروت احتجاجاً على ارتفاع سعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية إلى مستويات غير مسبوقة.
وتوافد اللبنانيون منذ الصباح إلى ساحة الشهداء (وسط بيروت) لرفع الصوت ضد تدهور الأوضاع المعيشية مع تخطي الدولار عتبة الـ12 ألف ليرة.
ورأى المعتصمون في بيان لهم أنّه لا يمكن للسلطة الحاكمة التي «تتناتش على حصصها في إدارات الدولة الاستمرار في حكمها الفئوي والتسلّط على الشعب ومنع لقمة العيش عنه وعن الجيش»، مؤكدين «أنّهم عادوا من جديد إلى الساحات ولن يتركوها».
وعمد عدد من المحتجين إلى رمي المفرقعات والحجارة باتجاه المجلس النيابي وسط انتشار أمني كثيف للقوى الأمنية. وتمكن المحتجون من كسر واقتلاع أحد الأبواب الحديدية على مدخل ساحة النجمة حيث مقر البرلمان، وقامت القوى الأمنية برمي القنابل المسيلة للدموع باتجاههم، فغادروا باتجاه ساحة الشهداء.
وعمد عناصر حرس مجلس النواب والقوى الأمنية إلى إغلاق البوابة الحديدية بعد مغادرة المحتجين الذين قالوا إنهم أتوا لإيصال رسالة مفادها أنهم قادرون على تكسير كل الحواجز التي وضعت لمنع التحركات من الوصول إلى المجلس.
كما شهدت مناطق أخرى في بيروت احتجاجات ومسيرات على الدرجات النارية وقطع طرق بالإطارات ومستوعبات النفايات المشتعلة، وأكّد المحتجون أنّ مطالبهم معيشيّة إذ إنّ رواتبهم أصبحت بلا قيمة مع انهيار الليرة. وسُجّل قطع طرقات حيوية في كورنيش المزرعة والمنارة على ساحل بيروت مقابل النادي الرياضي، وتقاطع قصقص وتقاطع الكولا، إضافة إلى جميع الطرقات المحيطة بساحة الشهداء. كما تم قطع طريق صيدا القديمة في الضاحية الجنوبية لبيروت بالاتجاهين.
بدورهم، نفّذ العسكريون المتقاعدون مسيرة انطلقت من ساحة الشهداء إلى مرفأ بيروت مطالبين بتشكيل حكومة انتقالية من خارج الأحزاب تعمل على النهوض من حالة الإفلاس وإجراء انتخابات نيابية لإعادة تشكيل السلطة.
وجنوبا، جالت مسيرة شوارع مدينة صور رفعت خلالها شعارات مطلبيّة معيشيّة، وفي مدينة صيدا عمد عدد من السائقين العموميين إلى قطع الطريق احتجاجاً على تفلت سعر صرف الدولار كما قطع المواطنون السير على الطريق العام.
وشمالاً، قطع المحتجون في طرابلس الطريق رافعين شعارات تطالب بمحاسبة السياسيين الفاسدين الذين أوصلوا البلد إلى الانهيار الاقتصادي.
وفي بعلبك في شرق البلاد، قطع الوسط التجاري من قبل تجار المدينة الذين أقفلوا محالهم، كما قطع محتجون أوتوستراد بعلبك. وتم قطع طريق عام تعلبايا في البقاع الأوسط بالاتجاهين وطريق عام دير زنون - رياق الذي يربط البقاع الشمالي بالأوسط.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».