صحافي سوري قبل مراجعته فرعاً أمنياً: عندما تقرأون هذا المنشور أكون اعتقلت

TT

صحافي سوري قبل مراجعته فرعاً أمنياً: عندما تقرأون هذا المنشور أكون اعتقلت

«عندما تقرأون هذا المنشور أكون معتقلاً»، هذا ما كتبه الصحافي السوري كنان وقاف على حسابه في «فيسبوك» صباح السبت الماضي، قبل توجهه إلى فرع جرائم المعلوماتية التابع للأمن الجنائي، وذلك إثر يومين من استدعائه.
وقالت مصادر صحافية مقربة من وقاف إنه اختفى بعد توجهه إلى فرع جرائم المعلوماتية الواقع خلف مبنى الإذاعة والتلفزيون في ساحة الأمويين بدمشق. وقد حاول أصدقاؤه الاتصال به، لكن «هاتفه خارج التغطية». ورجحت المصادر أن يكون سبب التوقيف ما كشفه وقاف قبل أسبوعين عن تورط «محافظ في المنطقة الشرقية».
وتعد هذه المرة الثانية التي يتم فيها توقيف الصحافي كنان وقاف، ابن مدينة طرطوس الساحلية، الذي يعمل في جريدة «الوحدة» الرسمية المحلية الصادرة في الساحل السوري. فقد سبق أن اعتقل في سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية نشره ملفاً عن قضايا فساد في مؤسسة الكهرباء بمحافظة طرطوس، تتعلق بصفقات محطات كهروضوئية مع رجل أعمال متنفذ.
وأثارت طريقة اعتقاله ردود فعل في دمشق، حيث سارع وزير الإعلام، عماد سارة، إلى إخلاء سبيله وطي الملف، متعهداً بتطبيق قانون الإعلام عند التعامل مع أي قضية إعلامية، وأنه «لن يجري توقيف أي صحافي قبل أن تطلع وزارة الإعلام على أسباب التوقيف»
لكن فرع جرائم المعلوماتية عاد واعتقل بداية العام الحالي عدة صحافيين، بينهم الإعلامية في التلفزيون الرسمي السوري هالة الجرف، على خلفية التواصل مع «صفحات مشبوهة».
وكان كنان وقاف قد نشر في السادس والعشرين من فبراير (شباط) الماضي منشوراً تحدث فيه عن تورط محافظ في المنطقة الشرقية (دون تسميته) في قضية اختطاف العسكري المتطوع جعفر حسن من قبل ابن المحافظ.
والحادثة وقعت في ريف صافيتا، التابع لمحافظة طرطوس التي ينحدر منها المحافظ، وأيضاً العسكري الذي فرز لحراسة قصر المحافظ في تلك المنطقة. وادعى ابن المحافظ أن العسكري وعائلته اشتركوا في «سرقة القصر». وخلال تطورات القصة، كان المبلغ المطلوب بصفته فدية (قيمة المسروقات) يتضاعف، إلى حين قرر والد العسكري رفع دعوى قضائية بحق المحافظ، إلا أن دعوته لم تلقَ اهتماماً من قبل السلطات. وبعد شهرين من رفعها، فوجئ بدوريات الأمن الجنائي تحاصرهم، وتسوقهم من طرطوس إلى الحسكة، ليحاكموا هناك بتهمة الاشتراك في سرقة قصر المحافظ. وقد تم ذلك بمعرفة المحافظ الذي ضاعف الرقم المطلوب من العائلة، ليصل إلى مائتي مليون ليرة.
وعن سبب سوق المتهمين من طرطوس إلى الحسكة، قال وقاف إن المدعي (ابن المحافظ) قد «زعم أن العسكري المختطف كان فاراً من الخدمة، وقام بتسليم نفسه في الحسكة»، وأنه «اعترف بسرقة ما قيمته 200 مليون ليرة سورية (الدولار الأميركي يساوي 4 آلاف ليرة)».
ورجح وقاف الذي أرفق منشوره بقصاصات من محضر التحقيق أن يكون سبب تورط المحافظ في هذه القضية حادثة سابقة تتصل بكشف والد المخطوف لتورط ابن المحافظ في عمليات نبش عدة مواقع في قريتهم، بينها كائنة في أراضي عائلة المختطف، بحثاً عن شيء ما، لمح إليه وقاف دون ذكره صراحة، مكتفياً بالقول إن التفاصيل «مثبتة في محاضر التحقيق أصولاً».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.