«حكومة الـ9 أشهر» الليبية... الكل يريد حصة دسمة من «الكعكة»

ليبيون يرون أن التشكيل الحكومي «لا يحمل أي توازن سياسي أو مناطقي»

TT

«حكومة الـ9 أشهر» الليبية... الكل يريد حصة دسمة من «الكعكة»

منذ اللحظة الأولى لإعلان عبد الحميد دبيبة، رئيس الحكومة الليبية المكلف، عن تشكيلة حكومته الجديدة، بدا أن كل مدينة طالبت سراً وعلانية بأن يكون لها «مندوب» في هذه الحكومة، وحصة دسمة من «الكعكة»، وإن كان غالبية الليبيين شبه مُجمعين على ضرورة المسارعة بمنحها الثقة من مجلس النواب، لكنهم عبروا في الوقت ذاته عن «انزعاجهم» من عدم تمثيل مناطقهم ومدنهم بها، ما اعتبروه تشكيلاً «صادماً»، بالنظر إلى عددها الكبير وفترة ولايتها، التي لن تزيد على تسعة أشهر بحال من الأحوال.
وأعلن دبيبة، عبر مكتبه الإعلامي عن الأسس والمعايير، التي تم من خلالها اختيار 35 عضواً في حكومة «الوحدة الوطنية»، تمهيداً لعرضها على البرلمان في جلسة ستحتضنها مدينة سرت غداً، مؤكداً أنها ممثلة من كل ليبيا، حسب الدوائر الانتخابية الـ13.
النظرة الأولى لتكوين الحكومة الجديدة توضح أن غالبية أسماء أعضائها جاءت بسيف المحاصصة والجهوية للحصول على جزء من «الكعكة»؛ غير أن دبيبة قال إن حكومته راعت في ذلك التنوع والتوزيع الجغرافي والكفاءة، وأيضاً مشاركة المرأة والشباب، واللامركزية والعدالة في توزيع الثروة.
وتنوعت ردود أفعال أطياف عدة بالمجتمع بين من رأى أن التشكيل الحكومي «لا يمثل أغلب شرائح المجتمع»، وبين مَن اعتبر أنه «لا يحمل أي توازن سياسي أو مناطقي».
جانب من هذه الانتقادات عبر عنها عضو مجلس النواب، أبو بكر أحمد سعيد، بقوله: «يصعب على العقل البشري استيعاب فكرة تشكيل حكومة من 35 وزيراً لعدة أشهر».
وأشار سعيد، النائب عن مدينة ترهونة (90 كيلومتراً جنوب شرقي طرابلس)، إلى أنه «اقترح منذ البداية تشكيل حكومة كفاءات مصغرة، باعتبار أن مدة ولايتها قصيرة ومهامها محددة، لكننا فوجئنا كغيرنا بتشكيلة غريبة، أرضت أغلب المدن باستثناء ترهونة، التي حدث معها اليوم ما حدث لها في ملتقى الحوار السياسي بجنيف، عندما لم يتم تمثيلها فيه».
ومضى سعيد يقول: « على الرغم من يقيني بأن هذه الحكومة لا تمثل أغلب شرائح المجتمع، وغير متوازنة وبعيدة كل البعد عن حكومة الكفاءات، باستثناء عدد قليل منها، فإنني قررت منحها الثقة في حال ما التزمت رسمياً خلال جلسة منح الثقة بالشروط الواردة في خارطة الطريق، وأهمها العمل على توحيد المؤسسات، وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل».
ومن بين 27 حقيبة و6 وزراء دولة، ونائبين لرئيس الحكومة، حصر التشكيل الجديد الوزارات السيادية في 7 منها، 2 من المنطقة الشرقية للخارجية والتخطيط، و3 من الغربية للاقتصاد والتجارة والداخلية والعدل، على أن تكون وزارتا الدفاع والمالية من المنطقة الغربية.
واستباقاً لحملة الانتقادات، التي كانت متوقعة للتشكيل المقترح للحكومة، قال دبيبة إنه انطلاقاً من المسؤولية الملقاة على حكومته، وتقديراً لحساسية وتحديات المرحلة الأمنية والاقتصادية، «اعتمدت الإبقاء على هيكلية أغلب الوزارات مع بعض الإضافة، استثماراً للوقت، وتفادياً لما قد تستغرقه عملية الدمج وإعادة الهيكلة، وضمان المشاركة الواسعة، والتوزيع الجغرافي للمجتمع الليبي».
لكن تبرير دبيبة لم يمنع أطرافاً عديدة بالمجتمع الليبي من التعبير عن غضبهم، وأبرزهم الدكتورة ربيعة أبوراص، عضو مجلس النواب، التي كانت تصريحاتها الأشد قسوة في انتقاد التشكيل المقترح، حيث وصفته أمس بأنه «عنوان جديد للفشل... ولا يحمل أي توازن لا سياسي ولا مناطقي ولا حتى أمني»، ورأت أن الحكومة «تغض البصر عن الواقع، وتحاول أن تزيف الحقيقة تحت مسمى الوحدة الوطنية، وبحجة ابتزاز النواب».
ومضت النائبة عن دائرة «حي الأندلس» بطرابلس الكبرى، تقول: «كل حكومات العالم، بما فيها الدول المستقرة، تُبنى على أسس متوازنة تحفظ للجميع وجودهم وتماسكهم، فما بالك بحكومة في دولة دمرها الحقد والتنافس غير المشروع على نيل السلطة والنفوذ والحقوق». وانتهت ربيعة بأنه «لا مجاملات في العدالة والتوازن، لقد أطلقوا علينا فزاعة المعرقلين وحزب الخاسرين والإخوان. الحكومة تحمل اسم (الوحدة الوطنية)، وليس هناك حزب رابح وآخر خاسر، وبالتالي فإن السكوت والتعاطف مع القرارات غير المسؤولة لا يحققان إلا الأزمات».
في السياق ذاته، تساءل السفير إبراهيم موسى جرادة، كبير المستشارين بالأمم المتحدة سابقاً: «لماذا لم يُعين في هذه الحكومة نائب لرئيس الوزراء، أو يكون وزير الدفاع من الأمازيغ؟».
وقال جرادة إن «مطالب (العدل الأمازيغي) هي أن تكون لهم حقيبة وزارية أساسية ومهمة، تشارك فعلياً في قرار ومصير البلاد، وليس إدارات تسمى وزارات، إذا كان الأمازيغ فعلاً شركاء كاملي المواطنة والأهلية والكرامة في الوطن؛ التي لم تلبَّ بعد، وتم الالتفاف عليها بأسلوب الترضية».
وانتهى جرادة المنتمي للأمازيغ قائلاً: «إحقاقاً للحق والعدل والإقرار بحجم ودور الأمازيغ السكاني والمجتمعي، فالمطلوب والمنتظر أن يكون تقدير الأمازيغ فعلياً، وليس ترضيتهم الشكلية».
ويفترض في هذه الحكومة، عقب نيلها الثقة، العمل على تهيئة المناخ في البلاد لإجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية مع نهاية العام، لتترك السلطة إلى أخرى منتخبة، وتنتهي بذلك الفترة الانتقالية.



تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
TT

تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)

أصدرت الدول العربية المجتمعة في مدينة في الأردن، اليوم السبت، بيانها الختامي الذي أكدت فيه دعمها لعملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية.

وقال البيان بعد اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا التي تضم: الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، وبحضور وزراء خارجية الإمارات، ومملكة البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، ودولة قطر، وذلك ضمن اجتماعات العقبة حول سوريا: «أكد المجتمعون الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق، وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة الدقيقة، واحترام إرادته وخياراته».

وأضاف: «ندعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، وبمن فيها المرأة والشباب والمجتمع المدني بعدالة، وترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية، ووفق مبادئ قرار مجلس الأمن رقم 2254 وأهدافه وآلياته».

كما دعا البيان إلى «تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة بتوافق سوري، والبدء بتنفيذ الخطوات التي حددها القرار للانتقال من المرحلة الانتقالية إلى نظام سياسي جديد، يلبي طموحات الشعب السوري بكل مكوناته، عبر انتخابات حرة ونزيهة، تشرف عليها الأمم المتحدة، استناداً إلى دستور جديد يُقره السوريون، وضمن تواقيت محددة وفق الآليات التي اعتمدها القرار».

وأكد البيان على «دعم دور المبعوث الأممي إلى سوريا، والطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تزويده بكل الإمكانات اللازمة، وبدء العمل على إنشاء بعثة أممية لمساعدة سوريا؛ لدعم العملية الانتقالية في سوريا ورعايتها، ومساعدة الشعب السوري الشقيق في إنجاز عملية سياسية يقودها السوريون وفق القرار 2254».

وشدد على أن «هذه المرحلة الدقيقة تستوجب حواراً وطنياً شاملاً، وتكاتف الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه وقواه السياسية والاجتماعية؛ لبناء سوريا الحرة الآمنة المستقرة الموحدة التي يستحقها الشعب السوري بعد سنوات طويلة من المعاناة والتضحيات».

إلى ذلك طالب البيان بـ«ضرورة الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية»، وأكد «ضرورة احترام حقوق الشعب السوري بكل مكوناته، ومن دون أي تمييز على أساس العرق أو المذهب أو الدين، وضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين».

ودعا إلى «ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، وتعزيز قدرتها على القيام بأدوارها في خدمة الشعب السوري، وحماية سوريا من الانزلاق نحو الفوضى، والعمل الفوري على تمكين جهاز شرطي لحماية المواطنين وممتلكاتهم ومقدرات الدولة السورية».

وحث على «الالتزام بتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والتعاون في محاربته، في ضوء أنه يشكل خطراً على سوريا وعلى أمن المنطقة والعالم، ويشكل دحره أولوية جامعة».

أيضاً، أكد البيان «التضامن المطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة في حماية وحدتها وسلامتها الإقليمية وسيادتها وأمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها. وتوفير الدعم الإنساني الذي يحتاج إليه الشعب السوري، بما في ذلك من خلال التعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

وتطرق إلى العمل على «تهيئة الظروف الأمنية والحياتية والسياسية للعودة الطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم، وتقديم كل العون اللازم لذلك، وبالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

كذلك، أدان البيان توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا وسلسلة المواقع المجاورة لها في جبل الشيخ ومحافظتي القنيطرة وريف دمشق، ورفضه احتلالاً غاشماً وخرقاً للقانون الدولي ولاتفاق فك الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل في عام 1974، مطالباً بانسحاب القوات الإسرائيلية.

كما أدان الغارات الإسرائيلية على المناطق والمنشآت الأخرى في سوريا، وأكد أن هضبة الجولان أرض سورية عربية محتلة يجب إنهاء احتلالها، مطالباً مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الاختراقات.

وأوضح أن التعامل مع الواقع الجديد في سوريا سيرتكز على مدى انسجامه مع المبادئ والمرتكزات أعلاه، وبما يضمن تحقيق الهدف المشترك في تلبية حقوق الشعب السوري وتطلعاته.