واشنطن ولندن ترحبان بتقرير أممي يتهم النظام بـ«جرائم حرب»

TT

واشنطن ولندن ترحبان بتقرير أممي يتهم النظام بـ«جرائم حرب»

رحبت لندن وواشنطن بنتائج تقرير أممي تضمَّن رصد انتهاكات بحق محتجزين، وقوله إن «الحكومة السورية قامت باعتقال واحتجاز الأفراد بشكل تعسفي، وارتكبت جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في سياق الاحتجاز». وذكر تقرير أعدته اللجنة الدولية المستقلة للتحقيق في سوريا أنه «بعد 10 سنوات من الحرب، اختفى عشرات آلاف المدنيين المعتقلين تعسفياً في سوريا، وتعرّض آلاف آخرون للتعذيب والعنف الجنسي أو ماتوا في المعتقل».
وقال بيان صادر من السفارة الأميركية في دمشق ونُشر على «فيسبوك» أمس: «سنواصل الضغط من أجل إطلاق سراح السوريين المحتجَزين تعسفياً بما يتفق مع قرار مجلس الأمن رقم 2254، وسنعطي الأولوية للمساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، ونُثني على عمل لجنة التحقيق الدولية المستقلة في سوريا لتقريرها الذي جاء بمثابة توثيق لعقد من الاعتقال الجماعي والتعذيب من نظام الأسد». كما دعمت لندن نتائج التقرير.
تقرير لجنة التحقيق المؤلف مما يزيد على 30 صفحة والذي صدر مساء أول من أمس، بناءً على أكثر من 2500 مقابلة تمت على مدار عشر سنوات وعلى تحقيقات حول ما يزيد على 100 مركز من مراكز الاعتقال، وثّق انتهاكات وتجاوزات تاريخية ومستمرة خصوصاً بالاعتقال من كل الأطراف الرئيسية التي تسيطر على الأراضي في سوريا منذ عام 2011.
ونقل بيان عن كارين كونينغ أبو زيد، وهي أحد المفوضين الثلاثة المكلفين بإعداد هذا التقرير: «يبدو أن الاهتمام كان منصبّاً على سُبل التستر على الجرائم المرتكَبة في مراكز الاحتجاز وليس التحقيق فيها».
ويضم التقرير، الذي تم إعداده بتكليف من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الكثير من الشهادات عن الفظائع المرتكبة، ومنها بحق فتى يبلغ من العمر 14 عاماً كان مغطى بالكدمات جراء الضرب وينزف من أذنيه وعينيه وأنفه قبل أن يغمى عليه إثر تلقيه ضربة في الرأس بعقب بندقية، وامرأة شابة تم اغتصابها من القوات الحكومية، حيث كان أصعب ما تعرضت له «هو الألم النفسي».
يستند التقرير إلى 2500 مقابلة أُجريت على مدى 10 سنوات وتحقيقات أُجريت في نحو 100 مركز احتجاز وشملت «جميع الأطراف التي تسيطر على الأراضي في سوريا منذ 2011». تشير لجنة التحقيق بشكل خاص إلى أي مدى شكّلت «الاعتقالات التعسفية والسجن في آن واحد سبباً وحافزاً وممارسة متواصلة في النزاع السوري».
ويخلص التقرير إلى أن كل هذه الانتهاكات لحقوق الإنسان «تمت بمعرفة وبموافقة الحكومات الداعمة لمختلف أطراف النزاع»، داعياً إياها إلى التوقف عن ذلك.
ومن المقرر أن يُقَدم التقرير إلى مجلس حقوق الإنسان في 11 مارس (آذار)، حيث سيناقشه الأعضاء.
ولدى سؤاله عن جدوى هذا النوع من التقارير إزاء أطراف لا تكترث بالرأي العام، أوضح المفوض هاني ميغالي أن 60 سلطة قضائية قد اتصلت باللجنة لطلب المساعدة في نحو 300 ملف. ويرى رئيس اللجنة باولو سيرجو بينيرو، أن السلطات السورية تقرأ هذه التقارير باهتمام من أجل دحضها فقط، ولكن «الأمر المهم بالنسبة لنا هو أن الضحايا يقدّرون على ما يبدو ما نقوم به، وهذا مهم جداً».
وجاء في التقرير: «مع اقتراب العام الحادي عشر من الصراع، تواصل أطراف النزاع إساءة معاملة المعتقلين تعسفياً في مرافق الاحتجاز سيئة السمعة المنتشرة في البلاد. لقد تحمّل هؤلاء المعتقلون أشكالاً من المعاناة لا يمكن تصورها. إن مصير عشرات الآلاف من المدنيين الذين اختفوا قسراً على أيدي القوات الحكومية السورية لا يزال مجهولاً، علماً بأن العديد منهم اختفوا منذ ما يقرب العقد. ويغلب الظن أن العديد منهم ماتوا أو أُعدموا، بينما يُعتقد أن البعض ما زالوا محتجزين في ظروف غير إنسانية».
وأوضح التقرير كيف عمدت الحكومة «وبدرجة أقل من الأطراف الأخرى، إلى إطالة معاناة أفراد أسر المعتقلين وأحبائهم». هذا وأشار رئيس لجنة التحقيق إلى «أن مئات الآلاف من أفراد الأسر لهم الحق في معرفة الحقيقة بشأن مصير أحبائهم». وأضاف قائلاً: «إن هذا الوضع يشكّل حالة من الصدمة الوطنية التي ينبغي للأطراف المعنية والمجتمع الدولي معالجتها فوراً. يجب إيلاء اهتمام أكبر للاحتياجات النفسية والاجتماعية للضحايا وعائلاتهم». وأشار التقرير إلى أن «الحكومة السورية قامت باعتقال واحتجاز الأفراد بشكل تعسفي، وارتكبت جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في سياق الاحتجاز».



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.