صورة ساركوزي تهتز بعد الحكم عليه بالسجن في قضية فساد

ملفات عدة تلاحق الرئيس السابق... وتحقيق جديد حول علاقته بشركة تأمين روسية

السجن لساركوزي في القضية المسماة «ملف التنصت» (إ.ب.أ)
السجن لساركوزي في القضية المسماة «ملف التنصت» (إ.ب.أ)
TT

صورة ساركوزي تهتز بعد الحكم عليه بالسجن في قضية فساد

السجن لساركوزي في القضية المسماة «ملف التنصت» (إ.ب.أ)
السجن لساركوزي في القضية المسماة «ملف التنصت» (إ.ب.أ)

من بين كل الرؤساء الثمانية الذين تعاقبوا على رئاسة الجمهورية الخامسة منذ تأسيسها على يد الجنرال شارل ديغول في ستينات القرن الماضي، وحده الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي البالغ حالياً من العمر 66 عاماً، صدر عليه حكم بالسجن الفعلي لمدة عام ولعامين مع وقف التنفيذ في القضية المسماة «ملف التنصت» الذي يعود لعام 2014. ولم يتم سوق ساركوزي، مع صدور الحكم، إلى السجن، لأن العادة تقول إن الأحكام المخففة يتم تحويلها إلى أحكام أخرى مالية أو غير مالية. وتقدم الرئيس الأسبق بطلب استئناف، ما يعني آلياً وقف التنفيذ الفوري للحكم بانتظار محاكمة جديدة ستأخذ بلا شك أشهراً طويلة.
ورغم الأهمية الرمزية والسياسية للحكم بالسجن على رئيس سابق احتل قصر الإليزيه لمدة خمس سنوات وما زال يتمتع بشعبية مرتفعة لدى اليمين الكلاسيكي ممثلاً بـ«الحزب الجمهوري»، فإن القضاة أصدروا حكماً مخففاً للغاية على ساركوزي وعلى اثنين معه؛ هما محاميه وصديقه تييري هيرتزوغ والقاضي جيلبير أزيبير. فمن الناحية النظرية، تنص المادة 433 الفقرة الأولى من قانون العقوبات على الحكم بالحبس الفعلي لعشر سنوات لمن تثبت عليه تهمة «الفساد النشط» مع إمكانية فرض غرامة من ومليون يورو وحرمان المحكوم عليه من حقوقه المدنية والعائلية ومنعه من ممارسة أي وظيفة رسمية. وثبتت المحكمة الابتدائية على ساركوزي ورفيقيه ثلاث تهم؛ هي الفساد وسوء استخدام النفوذ وانتهاك أسرار مهنية.
القصة تعود لسبع سنوات خلت، أي لسنتين بعد رحيل ساركوزي عن قصر الإليزيه. فقد كان الأخير يسعى للحصول على معلومات من الداخل بشأن قضية أخرى تتناول تمويل حملتيه الانتخابيتين في عام 2007 و2012. وبحسب التحقيق، فإن ساركوزي اتفق مع محاميه تييري هيرتزوغ على التواصل مع قاضٍ في محكمة التمييز (جيلبير أزيبير) للحصول على هذه المعلومات مقابل استخدام ساركوزي نفوذه كرئيس سابق من أجل ضمان أن يتولى أزيبير منصباً رفيعاً في إمارة موناكو. وكان هيرتزوغ الذي كان يعلم أن خطه الهاتفي مراقب قد عمد إلى تزويد ساركوزي بهاتف خليوي آخر باسم بول بيسموث، والأخير مواطن فرنسي مزدوج الجنسية كان يعيش في إسرائيل. والنتيجة أن القضاء وضع اليد على عشرات التسجيلات التي ارتكن إليها القضاة للحكم بالسجن على الرئيس الأسبق. واعتبرت المحكمة أن «عقداً للفساد» يربط الثلاثة استناداً إلى «مجموعة من الأدلة» التي تصب كلها في هذا الاتجاه. وإذ اتهمت المحكمة ساركوزي باستخدام صفته كرئيس سابق، فقد رأت أن مجموع الجنح التي ارتكبت «تسيء إلى ثقة الجمهور بالقضاء وتدفع لاعتبار أن قرارات محكمة التمييز يمكن أن تكون نتيجة لترتيبات خاصة». وخلال المحاكمة، نفى محامو الثلاثة، التهم الموجهة إليهم. وأكثر من مرة، ردد ساركوزي أنه «ليست هناك قضية»، وأنه شخصياً «لم يتدخل» لصالح القاضي أزيبير، وأن الأخير لم يحصل على المنصب الذي كان يسعى إليه. أما محامو الثلاثة فقد اعتبروا المحاكمة التي جرت لثلاثة أسابيع بدءاً من الأول من ديسمبر (كانون الأول)، أنها «من نسج الخيال» و«غير شرعية» وفارغة من أي إثباتات. لن تتوقف متاعب ساركوزي عند هذا الحد، إذ إن محاكمة أخرى تنتظره منذ السابع عشر من الشهر الجاري وتعرف باسم «قضية بيغماليون»، وتتناول تمويل حملته الانتخابية لعام 2012، حيث تخطى السقف المسموح به للإنفاق الانتخابي. ولتغطية المخالفة القانونية، تم اللجوء إلى فواتير ومصاريف مزورة؛ وهي المخالفات التي ستتم المحاكمة بشأنها. ومنذ البداية، أنحى ساركوزي باللائمة على مساعديه والمسؤولين الماليين عن حملته بحجة أنه «لم يكن مطلعاً» على هذه المخالفات. وآخر ما استجد في ملف ساركوزي السميك، التحقيق الذي فتح مؤخراً بحقه بسبب عقد يربطه بشركة تأمين روسية لثلاث سنوات مقابل 3 ملايين يورو حول منها إلى حسابه 500 ألف يورو إلى «بنك روتشيلد» المعروف بإدارة الثروات الخاصة. يضاف إلى ذلك أن كثيراً ممن عملوا إلى جانبه مثل وزير الداخلية الأسبق كلود غيان واجهوا أو يواجهون اتهامات بالفساد. وحتى اليوم، لم ينتهِ الجدل بشأن ما يسمى «التمويل الليبي» لساركوزي في عام 2007. وسبق أن وجهت للرئيس الأسبق أربع تهم بهذا الشأن، ولكن هذا الملف ما زال يكتنفه كثير من الأسرار، حيث تتداخل السياسة بالمال والعمل الاستخباري.
كرجل واحد، دافع قادة اليمين الكلاسيكي عن ساركوزي الذي أكد أكثر من مرة براءته، وأن القضاء «يضطهده» ويمارس ضده «المحاكمات السياسية». وعبر كريستيان جاكوب، رئيس مجموعة نواب حزب «الجمهوريون» في البرلمان عن «دعمه الذي لا يلين» للرئيس الأسبق، مندداً بالحكم الصادر بحقه وباستشراس القضاء ضده، ونافياً عنه النزاهة والاستقلالية. وبموازاة ذلك، اعتبر برونو روتايو، رئيس مجموعة اليمين في مجلس الشيوخ أن الحكم جاء «قاسياً للغاية» وأن الملف «فارغ». وأمس، سارع محامو تييري هيرتزوغ إلى تقديم طلب استئناف، ما يعني حكماً وقف تنفيذ الحكم.
لا شك أن صورة ساركوزي الذي ما زال يتمتع بشعبية عالية في أوساط حزب «الجمهوريون» واليمين بشكل عام سوف تهتز. ويرى الكثيرون أنه هو الأصلح لخوض المنافسة الرئاسية ربيع العام المقبل بوجه الرئيس إيمانويل ماكرون. وتفيد الأوساط المتابعة بأن العلاقة بين الاثنين قد تدهورت في الأشهر الأخيرة، علماً بأن نوعاً من الصداقة كان يربطهما، وأن ماكرون كان يستشير ساركوزي في عدد من المسائل بعكس تعاطيه مع الرئيس السابق فرنسوا هولاند.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».