إزالة الصور والشعارات من المدن اللبنانية المختلطة تطبيقا لتفاهم حزب الله ـ المستقبل

مناطق الحزب في الجنوب والبقاع مستثناة

إزالة الصور والشعارات من المدن اللبنانية المختلطة تطبيقا لتفاهم حزب الله ـ المستقبل
TT

إزالة الصور والشعارات من المدن اللبنانية المختلطة تطبيقا لتفاهم حزب الله ـ المستقبل

إزالة الصور والشعارات من المدن اللبنانية المختلطة تطبيقا لتفاهم حزب الله ـ المستقبل

بدأ تيار المستقبل وحزب الله أولى الخطوات التطبيقية لقرارهما القاضي بتخفيف الاحتقان المذهبي الذي تشهده البلاد من خلال انطلاق حملة إزالة الصور والشعارات الحزبية من المدن اللبنانية الرئيسة المختلطة التي تتسم بنوع من التمازج السكاني وبالتحديد بيروت وطرابلس الشمالية وصيدا الجنوبية.
وقالت مصادر في وزارة الداخلية لـ«الشرق الأوسط» إن الحملة الحالية لا تشمل مناطق الجنوب اللبناني وهي قيد التطبيق من صيدا جنوبا وصولا إلى طرابلس شمالا، نافية أن تكون الوزارة تلقت أي اعتراضات أو واجهت أي صعوبات بالإشراف على تطبيق الخطة.
وكشفت مصادر معنية بحوار المستقبل - حزب الله عن أن الاتفاق على إزالة الشعارات والصور «لا يسري لا على الضاحية الجنوبية لبيروت ولا على مناطق الجنوب والبقاع حيث معاقل حزب الله»، لافتة إلى أن «الحزب تجاوب مع هذا القرار في بيروت الإدارية والطريق الساحلي وصيدا، لكن موضوع الضاحية استثناء بإقرار من وزير الداخلية نفسه باعتبارها ضمن الاستراتيجية الدفاعية».
وأشارت المصادر إلى أن «الصور في الضاحية والجنوب لا تزعج الفريق الآخر»، لافتة إلى أن «القرار اتخذ للتخفيف من الاستفزازات والاحتقان المذهبي وبالتحديد في المناطق المختلطة التي تشهد تمازجا سكانيا».
وكان حزب الله وتيار المستقبل اللذين اجتمعا منذ نهاية العام الماضي 5 مرات للحوار، توافقا على وجوب إزالة كل المظاهر الحزبية من الشوارع التي تؤدي إلى احتكاكات مذهبية. كما أكّدا في البيان الصادر عن الجلسة الأخيرة التي تمت مطلع الأسبوع رفضهم «إطلاق النار في المناسبات كافة وعلى كل الأراضي اللبنانية أيا كان مبرره».
وهذه هي المرة الثانية التي يُتفق عليها على إزالة الشعارات السياسية والحزبية وصور الزعماء من الشوارع بعدما تم تطبيق قرار مماثل في عام 2008 لتعود المناطق بعد 7 سنوات معرضا للصور العملاقة والشعارات الرنانة التي تتخذ بمعظمها بعدا طائفيا.
وفيما أكّد وزير الداخلية نهاد المشنوق في تغريدة على موقع «تويتر» أن «عملية نزع الشعارات الحزبية تسري على مختلف المناطق اللبنانية دون استثناء»، أشار محافظ بيروت زياد شبيب خلال جولة تفقدية له لشوارع العاصمة إلى أن نحو 90 في المائة من الشعارات الحزبية أُزيلت، محذرا من غرامات مالية وتكاليف إذا أعيد نشر اللافتات والشعارات.
وشدّد شبيب على أنه «لا يوجد أي منطقة ستكون عصية على الدولة، وهناك زيادة في نسبة المساحات الخضراء في بيروت، وذلك لتعزيز قناعة المواطنين أن هذه الصورة التي يجب أن تكون»، داعيا المواطنين للمساعدة في إظهار هذه الصورة.
وكان حزبيون بادروا في اليومين الماضيين إلى إزالة الصور والشعارات تنفيذا لقرار قياداتهم قبيل انطلاق جهود القوى البلدية المحلية والقوى الأمنية في هذا الإطار.
ورأت مصادر ميدانية «استحالة أن تشمل الحملة مناطق الجنوب اللبناني لكونها تعجّ بآلاف صور شهداء حزب الله الذين قضوا في السنوات الماضية بمواجهتهم العدو الإسرائيلي»، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «أي محاولة لإزالة هذه الصور قد تؤدي إلى أزمة كبيرة باعتبار أن أهالي الشهداء لن يقبلوا بأي تبريرات لإزالة صور أبنائهم».
وينتقد مراقبون حصر النقاط الجاري بحثها بين حزب الله والمستقبل في قضايا قد تعتبر ثانوية، خاصة أن الطرفين اتفقا قبل انطلاق الحوار على وضع ملفي سلاح حزب الله وقتاله في سوريا خارج إطار النقاش.
ورأى النائب في تيار «المستقبل» عمار حوري في إزالة الصور واللافتات «نقطة في بحر، وخطوة جزئية ليست هي المبتغى من الحوار»، مشيرا في حديث إذاعي إلى أن «تيار المستقبل بانتظار خطوات أخرى أهمها أن يصبح لبنان منزوع السلاح غير الشرعي»، ومشددا في الوقت عينه على «أهمية الخطة للمساهمة في تعزيز التهدئة وتنفيس الاحتقان».
وأشار وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دو فريج في حديث تلفزيوني إلى أنّه «كل 3 إلى 4 سنوات يصدر قرار بإزالة الصور، ولكن ما الذي نفعله إذا أزلنا الصور وبقي الرصاص والـ(آر بي جي) في الأجواء كلما تحدث أحد ما إلى الإعلام؟»، لافتا إلى أن «قرار السلم والحرب ملف كبير ولا أرى أننا سنصل إلى اتفاق في هذا الأمر».
وأضاف دو فريج: «إذا استطعنا التوصل إلى اتفاق يخفف الاحتقان في البلد ويبعد شبح العنف بين الطائفتين السنية والشيعية فهذا جيد لأنه بذلك نكون قد تخلصنا من موضوع يتخوف منه الجميع».
من جهته، اعتبر عضو كتلة حزب الله النيابية كامل الرفاعي، أن «جلسات الحوار بدأت بإعطاء النتائج الإيجابية لا سيما أن برنامج الحوار محدود، ولا يتعرض للقضايا الخلافية الكبرى، ما يؤدي لتحقيق هدف الحوار وهو إراحة الشارع الإسلامي»، مستبعدا في حديث إذاعي «وضع النقاط الخلافية على طاولة البحث بين تيار المستقبل وحزب الله في المرحلة الراهنة باعتبار أن ذلك يحتاج لقرار وصفه بالكبير، ولطاولة حوار تضم جميع الأفرقاء اللبنانيين».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.