لبنان: الفصائل الفلسطينية تطرد أستراليًا من مخيم برج البراجنة يروج لـ«داعش»

المخيم يزدحم بسكانه إضافة لنازحين سوريين وفلسطينيين

مخيم برج البراجنة
مخيم برج البراجنة
TT

لبنان: الفصائل الفلسطينية تطرد أستراليًا من مخيم برج البراجنة يروج لـ«داعش»

مخيم برج البراجنة
مخيم برج البراجنة

كشف مصدر أمني فلسطيني في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين في ضاحية بيروت الجنوبية، لـ«الشرق الأوسط»، أن الفصائل الفلسطينية «طردت مؤخرا، شخصا أجنبيا من المخيم كان يعقد حلقات دروس متطرفة ويسعى لتجنيد الشباب لصالح تنظيم (داعش)، وذلك التزاما بالاتفاق بين القوى والفصائل الفلسطينية من جهة، والدولة اللبنانية من جهة أخرى، الذي يقضي بتطويق أي حركة قد تضر بأبناء المخيمات».
وقد رصد وجود شخص يحمل جنسية أجنبية ويقيم في حي الأكراد المحاذي لمخيم برج البراجنة، كان يسعى لتشكيل خلايا لصالح «داعش» في سوريا. وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط» إن الأجنبي «هو الشيخ عبد الحليم، الملقب بـ(أبو حفص) ويحمل الجنسية الأسترالية، وكان يتولى مهام إعطاء دروس في الفكر المتطرف داخل المخيم من خلال تنظيم حلقات سرية تروج لتنظيم داعش داخل المخيم». وأكد المصدر أن أبو حفص الأسترالي «بدأ باستقطاب الشباب ودفعهم للقتال إلى جانب متشددين آخرين في سوريا».
وأوضح المصدر أن أبو حفص الأسترالي «أصبح له أتباع من الجنسيات السورية واللبنانية والفلسطينية داخل المخيم، كما أنه لم يكتف بوجوده في مسجد الروضة في حي الأكراد على تخوم المخيم، بل وسع دائرة عمله وصولا إلى إعطاء دروس في أكثر من مسجد في المخيم»، مؤكدا أن هذا الرجل «عرف عنه التنقل الدائم، إلى حد أنه كان لا يقيم الصلاة حسب أوقات المسجد، بل يقوم بإقامة الصلاة بشكل منفرد مع أتباعه بعد الأذان دون انتظار أئمة المساجد».
وبدأت حركة «فتح» إلى جانب سائر الفصائل، وبينها الإسلامية، متابعته، ورصدت قيامه بتشكيل خلايا أمنية، وكشفت علاقته بمقرب من تنظيم «داعش» في مخيم برج البراجنة ويدعى «ش.ك» ومجموعته المكونة من «أ.ب». و«ع.م» المصنفين «خطرين»، علما بأن الشخصين الأخيرين كانا يتبعان تنظيم القاعدة سابقا، قبل أن يبايعا تنظيم داعش.
وتحمل المجموعة المقربة من «داعش» في مخيم برج البراجنة، مهام لوجستية؛ إذ تؤمن الإقامة والدعم للخلايا النائمة أو للقادمين إلى لبنان، ويريدون العبور منه إلى العراق أو سوريا، من غير أن يرصد أي نشاط آخر لها على الأراضي اللبنانية. كما أن هذه المجموعة «تتولى مهام إمداد القادمين بالمال حسب الإمكانات المتوفرة، وكانت على تواصل مستمر مع الداعية المتشدد أبو حفص الأسترالي»، بحسب مصادر في المخيم. علما بأن مخيم برج البراجنة قام بطرد جماعة «فتح الإسلام» عندما لجأت إليه في عام 2007، قبل حرب نهر البارد، واعتبرهم أشخاصا خارجين عن النسيج الفلسطيني، وتم التفاوض معهم في حينها على الخروج بهدوء من دون إثارة المشكلات.
وقال عضو لجان العودة في المخيم أبو عمر لـ«الشرق الأوسط»، إن «حي الأكراد خارج المخيم، وبالتالي المخيم غير معني به، وهذه منطقة لبنانية، والدولة اللبنانية معنية بها».
وحول نشاط مجموعة «ش.ك» المقربة من «داعش»، يؤكد أبو عمر أن هذه المجموعة «لا تشكل خطورة علينا كفلسطينيين ولبنانيين، لأنهم معروفون ولم يرصد لهم نشاط عسكري».
وتتكون التركيبة السياسية والأمنية للفصائل الفلسطينية في مخيم برج البراجنة، من فصائل منظمة التحرير وفي مقدمها حركة «فتح»، لكنها ليست القوة الأكبر والحاكمة، نظرا لأن المخيم «يخضع لسلطة قوى التحالف الفلسطيني، إضافة إلى القوى الإسلامية المتمثلة في حركات حماس، والجهاد الإسلامي، وأنصار الله»، وبعضها انضم إلى تحالف القوى الفلسطينية ضد منظمة التحرير. لكن مسؤولين في المخيم يؤكدون أن جميع الفصائل «تنتهج مبدأ تغليب مصلحة المخيم على الخلافات السياسية، ولذلك تم تشكيل قوة أمنية مشتركة تضم كل الفصائل ما عدا حركة حماس التي فضلت الاكتفاء بالدعم المادي لهذه القوة».
ويغيب أتباع الفكر المتشدد من المخيم، على الرغم من أن هناك «حالات فردية متعاطفة». ويؤكد مسؤول «الجبهة الشعبية - القيادة العامة» أبو عماد رامز لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا وجود لمجموعات متطرفة في المخيم».
بدوره، يوضح أبو عمر لـ«الشرق الأوسط» أن «التهويل بوجود متطرفين، لا يخرج عن سياق الدعايات. فقد يكون هناك أشخاص يعتنقون هذا الفكر، ولكن هذا لا يعني أن كل أبناء المخيم متشددون، هم أقلية، وليس لهم التأثير الذي يتناوله الإعلام في لبنان»، مشددا على أن هؤلاء «لا نشاط عسكريا لهم، وقد تم احتواؤهم، ولا يشكلون ضررا على المجتمع اللبناني والفلسطيني».
من جهته، يقول أحمد عثمان، الباحث المتخصص بالشأن الفلسطيني، لـ«الشرق الأوسط»: «منذ مدة ومخيم برج البراجنة يتعرض لحملة إعلامية شرسة، وهناك من يتهم المخيم بأنه يحوي عناصر من (داعش) أو (جبهة النصرة). وأؤكد لكم ألا وجود لبيئة حاضنة لهذا الفكر أبدا. وحتى لو كان هناك متشددون، فهم حالات فردية غير متشددة بالمعنى التكفيري. غير ذلك، لا يوجد متطرفون داخل المخيم الذي لا يحتمل مطلوبين بهذه الخطورة. وكل من لا يحمل فكر تحرير فلسطين، ومشروعه لا يخدم القضية الفلسطينية، لا مكان له بيننا».
وتفاقمت الأزمة الإنسانية في المخيم في ظل الأزمة السورية، وأصبح المخيم الذي يضم لاجئين فلسطينيين، يضم آلاف اللاجئين السوريين وفلسطينيين نزحوا من مخيمات سوريا، وباتوا عبئا على المخيم وسكانه الذين «يعيشون داخل المخيم في ظروف إنسانية صعبة في ظل تجاهل متعمد من الدولة اللبنانية»، والكلام لأحمد عثمان الباحث المتخصص بالشأن الفلسطيني.



عودة «آلاف السودانيين» تكبح جماح الإيجارات في أحياء مصرية

سودانيات يسرن بملابسهن المميزة في شارع فيصل بمحافظة الجيزة (الشرق الأوسط)
سودانيات يسرن بملابسهن المميزة في شارع فيصل بمحافظة الجيزة (الشرق الأوسط)
TT

عودة «آلاف السودانيين» تكبح جماح الإيجارات في أحياء مصرية

سودانيات يسرن بملابسهن المميزة في شارع فيصل بمحافظة الجيزة (الشرق الأوسط)
سودانيات يسرن بملابسهن المميزة في شارع فيصل بمحافظة الجيزة (الشرق الأوسط)

انتقل نافع عبد الحي، وهو سوداني مقيم في منطقة فيصل جنوب القاهرة، إلى شقة بنصف سعر إيجار أخرى سكن فيها هو وعائلته منذ 9 أشهر، مستفيداً من تراجع أسعار إيجارات الشقق في مصر بشكل ملحوظ مع عودة آلاف السودانيين إلى بلادهم.

يقول لـ«الشرق الأوسط» إنه يدفع الآن 4500 جنيه فقط في الشهر (الدولار 48.75 جنيه)، بدلاً من 9 آلاف جنيه في الشقة الأولى، وهما في نفس المستوى، ولا يبعدان عن بعضهما سوى 2 كيلومتر فقط.

وخلال الشهور الماضية، تَقَدَّمَ الجيش السوداني في أحياء سكنية ومناطق عدة بالعاصمة الخرطوم وضواحيها على حساب «قوات الدعم السريع»، كما سيطر على مداخل 3 جسور استراتيجية في العاصمة المثلثة، وهي «الفتيحاب» و«النيل الأبيض» و«الحلفايا»، والذين يربطون ولايات أم درمان والخرطوم والخرطوم بحري، ومهدت هذه الانتصارات لعودة آلاف السودانيين.

ووصف القنصل السوداني في أسوان السفير عبد القادر عبد الله لـ«الشرق الأوسط» أعداد العائدين من مصر إلى السودان بـ«الكبيرة»، مشيراً إلى أنهم لا يملكون إحصائية دقيقة، لكن «أستطيع أن أقول إنه منذ 3 شهور العائدون إلى السودان أضعاف القادمين من السودان إلى مصر»، على حد قوله.

محل بيع ملابس سودانية في منطقة المهندسين (الشرق الأوسط)

وتوقع الدبلوماسي السوداني أن تزداد الأعداد بشكل أكبر الفترة المقبلة، قائلاً: «كلما تقدم الجيش السوداني عاد المزيد من السودانيين»، خصوصاً «في بداية العام المقبل، بعد انتهاء امتحانات الشهادة السودانية والتي تبدأ في 28 ديسمبر (كانون الأول)، وتستمر أسبوعين»، موضحاً أن «كثيراً من الأُسر تنتظر إنهاء أبنائها للامتحانات للعودة إلى السودان».

وفسّر المستشار الإعلامي السابق للسفارة السودانية في القاهرة وأمين أمانة العلاقات الخارجية في جمعية الصداقة السودانية المصرية محمد جبارة لـ«الشرق الأوسط»، عدم وجود حصر دقيق بالأعداد إلى أن بعض العائدين دخلوا مصر في الأساس بطرق غير شرعية، وعودتهم تتم دون أوراق أيضاً، أما الآخرون ممن دخلوا بشكل رسمي، فوثقت الجمعية عودة 29 ألف منهم في الفترة منذ أغسطس (آب) وحتى أكتوبر (تشرين الأول) الماضيين.

وقدّرت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أعداد السودانيين المسجلين لديها في مصر حتى 30 سبتمبر (أيلول) الماضي بـ503 آلاف و993 لاجئاً. ولا يعكس ذلك كل أعداد السودانيين الذين دخلوا مصر بعد الحرب، إذ ثمة آخرون غير مسجلين في المفوضية.

وتسبب توافد السودانيين إلى مصر وتمركزهم في مناطق محددة في رفع أسعار الإيجارات أضعافاً عدة. وتعد ضاحية فيصل، الحي الشعبي جنوب العاصمة، واحدة من نقاط تمركز الوافدين السودانيين، إذ بلغ متوسط الإيجار في المنطقة الشعبية 8 آلاف جنيه، بعدما كان 2000 جنيه قبل قدومهم، حسب السمسار أحمد عبد الرحيم.

مواطن سوداني يجلس على مقهى بفيصل تحت عبارة «تحيا مصر» (الشرق الأوسط)

تراجع متفاوت

والآن، يؤكد عبد الرحيم لـ«الشرق الأوسط»، تراجُع أسعار الشقق خصوصاً «المفروشة في الأبراج السكنية»، والتي كان يسكنها «السودانيون اللي معاهم فلوس»، مشيراً إلى أن كثيرين منهم عادوا إلى بلدهم.

يوضح السمسار: «كانوا يدفعون في الشهر 15 ألف جنيه في الشقة المفروشة، وبعد عودتهم لا تجد هذه الشقق من يسكنها بالأسعار نفسها، ما دفع أصحابها إلى تخفيض أسعارها إلى 12 و10 آلاف جنيه».

وأقرّ السمسار بأن هذه القيمة تظل مبالغاً فيها في منطقة شعبية مثل فيصل «لكن قد تنخفض أكثر مع قلة الطلب»، مُرجعاً بطء حركة تراجع الإيجارات إلى «جشع أصحاب الشقق ممن يأملون في أن يدفع المصري نفس ما كان يدفعه السوداني».

وقال السمسار السوداني حسن عبد الله، والذي يعمل على عرض الشقق على غروب بـ«فيسبوك» يضم آلاف السودانيين في مصر، لـ«الشرق الأوسط» إن الأسعار انخفضت إلى النصف تقريباً، فالشقة التي كان يعرضها بسعر 5 و4 آلاف جنيه، أصبحت معروضة بـ2000 و2500 و3000 جنيه «الشقق متوفرة مو زي قبل»، وذلك بعدما ترك الكثير من السودانيين الشقق وعادوا إلى السودان، على حد وصفه.

ومن فيصل إلى منطقتي الدقي والمهندسين الراقيتين بمحافظة الجيزة، انخفضت الأسعار كذلك بشكل ملحوظ. يقول أحمد الأسيوطي وهو حارس عقار وسمسار في الدقي لـ«الشرق الأوسط» إن إيجارات الشقق المفروشة في المنطقة تراجعت «بشكل كبير جداً»، مشيراً إلى أنها وصلت الفترة الماضية مع قدوم السودانيين، وتحديداً منذ منتصف العام الماضي إلى 70 ألف جنيه، لكنها بدأت تتراجع منذ 3 شهور إلى ما بين 40 و30 ألف جنيه، مع عودة بعض السودانيين.

أحمد الأسيوطي حارس عقار وسمسار في منطقة الدقي بالجيزة (الشرق الأوسط)

ويعود التفاوت الكبير في الأسعار بين فيصل والدقي إلى طبيعة المنطقتين من جهة، ومساحة ومستوى الشقة نفسها من جهة أخرى، إذ إن الشقق في المنطقة كبيرة في المساحة «4 غرف و3 حمامات ومستوى لوكس».

وتوقّع السمسار أن تتراجع إيجارات الشقق بشكل أكبر الفترة المقبلة، مستدلاً على ذلك أن «تحت يدي شققاً فاضية من أكثر من شهر، لا تجد من يسكنها، وكل فترة يخفض أصحابها السعر أكثر، للعثور على مستأجر».

الأمر نفسه أكده السمسار في منطقة المهندسين حمدي الصعيدي، واصفاً سوق الإيجارات حالياً بالـ«الهادئ»، في إشارة إلى كثرة المعروض مقابل المطلوب.

التأثير نفسه شهدته منطقة مدينة نصر شرق العاصمة، حيث تراجعت الإيجارات فيها إلى 20 و30 ألف جنيه، بعدما وصلت إلى 40 و50 ألف الفترة الماضية، حسب محمود محسن، وهو صاحب شقق يقوم بتأجيرها.

يقول محسن لـ«الشرق الأوسط» إن لديه شقة حالياً يعرضها بـ 22 ألف جنيه، كانت وصلت الفترة الماضية إلى ضعف هذا السعر مع كثرة الطلب على الإيجارات بقدوم السودانيين، مشيراً إلى أن مدينة نصر من مناطق جذب الوافدين من جنسيات مختلفة.

ورغم التراجع النسبي لأسعار الإيجارات في مناطق تمركز السودانيين، استبعد عضو شعبة الاستثمار العقاري في غرفة القاهرة التجارية أحمد عبد الله، أن تشهد السوق العقارية تراجعات تعود به إلى المستوى الذي كان عليه قبل قدومهم، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»، إنه لا يتوقع انخفاضاً في أسعار الإيجارات بوجه عام بفعل التضخم وعوامل أخرى، «ومع ذلك ففي بعض المناطق التي شهدت تراجعاً مؤثراً في أعداد الجالية السودانية، من المتوقع أن ينخفض الطلب».

وتابع: «في كل الأحوال، الأرجح هو ألا تنخفض أسعار الإيجارات إلا إذا حدث تراجع كبير في الطلب مقارنة بالمعروض، وهو ما يعني مغادرة عدد كبير من الإخوة السودانيين».

محل سوداني في حي فيصل ينوي مغادرة مصر قريباً (الشرق الأوسط)

وسبق أن علق رئيس الحكومة الدكتور مصطفى مدبولي، على أزمة الإيجارات قائلاً إن الأسعار ارتفعت، لكن الحكومة لا تستطيع التدخل في سوق العقارات الذي يحتكم لـ«العرض والطلب»، متوقعاً آنذاك أن تكون «أزمة الإيجارات في مصر مسألة مؤقتة».

وخلال 6 شهور على حد أقصى، سيعود الشاب السوداني نافع عبد الحي إلى السودان، بعد شفاء قدمه التي خضعت لعملية جراحية مؤخراً، مشيراً إلى أن والديه عادا بالفعل، وأن «كثيراً من الوافدين السودانيين في مصر عاد منهم على الأقل شخص، يطمئن على الأوضاع هناك، قبل أن تتبعه بقية الأسرة».

واتفق معه توكل أحمد، وهو سوداني جاء إلى مصر مع عائلته قبل نحو 9 شهور، ويستعد للمغادرة في غضون أيام، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن السودانيين يفضلون العودة بمجرد الاطمئنان على استتباب الأمن في مناطقهم بسبب ارتفاع تكلفة المعيشة في مصر، فضلاً عن عدم توافر وظائف وأعمال لهم، وهو ما أكده أيضاً أمين أمانة العلاقات الخارجية في جمعية الصداقة المصرية السودانية محمد جبارة.