واشنطن تطالب مجلس الأمن بفتح بوابات الإغاثة لسوريا

مسؤول أممي يرسم صورة قاتمة للوضع الإنساني

وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية منسق المعونة الطارئة مارك لوكوك (رويترز)
وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية منسق المعونة الطارئة مارك لوكوك (رويترز)
TT

واشنطن تطالب مجلس الأمن بفتح بوابات الإغاثة لسوريا

وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية منسق المعونة الطارئة مارك لوكوك (رويترز)
وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية منسق المعونة الطارئة مارك لوكوك (رويترز)

رسم وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية منسق المعونة الطارئة، مارك لوكوك، صورة قاتمة عن الوضع الإنساني في سوريا التي تضاعفت معاناة شعبها بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية وانهيار العملة، مما أدى إلى عدم حصول نحو 60 في المائة من المواطنين على «ما يكفي من الغذاء الآمن المغذي»، في وقت لمحت واشنطن إلى أنها ستطلب فتح مزيد من المعابر لإيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود.
وعقد أعضاء مجلس الأمن جلسة مفتوحة عبر تقنية الفيديو كونفرانس حول الوضع الإنساني في سوريا، استمعوا خلالها إلى إحاطة من لوكوك الذي ركز على الأزمة الاقتصادية، وتفاقم انعدام الأمن الغذائي، وإيصال المساعدات الإنسانية، وحماية المدنيين، بالإضافة إلى «الإطار الاستراتيجي» و«المعايير والمبادئ» التي تعتمدها الأمم المتحدة بناء على طلب من روسيا.
وقال إن «بيانات الأمن الغذائي الجديدة المزعجة التي نشرها برنامج الأغذية العالمي تظهر التحديات التي نواجهها»، موضحاً أن «نحو 60 في المائة من السكان السوريين، أي 12.4 مليون شخص، لا يحصلون بانتظام على ما يكفي من الغذاء الآمن المغذي»، علماً بأن «4.5 مليون شخص إضافي انضموا إلى هذه الفئة خلال العام الماضي» حين «عانى الاقتصاد السوري الهش صدمات متعددة»، أبرزها الانخفاض الجوهري في قيمة الليرة السورية التي «فقدت أكثر من ثلاثة أرباع قيمتها»، مقابل «ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمواد الأساسية الأخرى بأكثر من 200 في المائة». ولاحظ أن «أكثر من نصف مليون طفل دون سن الخامسة في سوريا يعانون التقزم نتيجة سوء التغذية المزمن».
وعرض لوكوك أيضاً للمساعدات الإنسانية التي تدخل شمال غربي سوريا عبر الحدود «لدعم 2.4 مليون شخص في المتوسط كل شهر»، مؤكداً أنه «من دون العملية عبر الحدود، لن يتمكن الأطباء في شمال غربي سوريا (...) من توفير الرعاية التي يحتاجون إليها لهؤلاء الأطفال للبقاء على قيد الحياة». وأكد أن الأوضاع في الشمال الغربي «أسوأ الآن مما كانت عليه عندما قرر مجلس الأمن تمديد تفويضه للمساعدة عبر الحدود في يوليو (تموز) الماضي»، محذراً من أن «الإخفاق في تمديد التفويض في المستقبل سيؤدي إلى معاناة وخسائر في الأرواح على نطاق واسع للغاية». وأشار إلى أنه «يجري وضع خطة تشغيلية جديدة لمراعاة مخاوف الأطراف المعنية»، في إشارة إلى الاعتراضات الدائمة من السلطات السورية والروسية على الأرض على هذه العمليات الإنسانية. وقال إن «الأمم المتحدة جاهزة؛ لقد كنا مستعدين لفترة طويلة. ما نحتاج إليه الآن هو اتفاق أوسع حتى يمكن المضي قدماً في المهمة الأولى».
وعبر عن «حزن عميق» بسبب وفاة عامل إنساني كان يقدم الخدمات للأشخاص المتضررين من فيروس «كورونا»، موضحاً أنه قضى بانفجار سيارة مفخخة بوسط مدينة الباب في شمال غربي سوريا. وكرر مطالبة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بأنه «يجب محاسبة مرتكبي الانتهاكات والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي». وكذلك ذكر بأن صياغة إطار العمل الاستراتيجي للأمم المتحدة للأعوام (2021-2023) بدأت العام الماضي بهدف عكس النشاطات التنفيذية المتفق عليها لفريق الأمم المتحدة القطري استجابة للحاجات والأولويات في سوريا، موضحاً أن العملية مستمرة، ويجري العمل حالياً على المسودة الثالثة للوثيقة، بالتشاور مع كل أصحاب المصلحة في سوريا وأماكن أخرى. وأشار إلى أن الوثيقة تتوافق مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وإنها تعيد تأكيد المبادئ الإنسانية الأساسية، مما يضمن أن «المبادئ الإنسانية والحياد والنزاهة والاستقلال هي جوهر عملنا».
وعلى أثر كلمة للمسؤولة عن الاستجابة لسوريا في منظمة «أنقذوا الأطفال»، سونيا خوش، ألقى القائم بالأعمال الأميركي ريتشارد ميلز كلمة بلاده، مستهلاً إياها بانتقاد رفض روسيا إعطاء كلمة لمسؤولة في «لجنة الإنقاذ الدولية»، سعاد الجرباوي. وقال إنه «يجب على هذا المجلس أن يفي بالتزاماته لمساعدة الفئات الأكثر ضعفاً» في سوريا. وحض نظام الرئيس السوري بشار الأسد وروسيا على «السماح بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى مخيم الركبان»، معتبراً أن «تسييس المساعدة وتسليحها ينبغي أن يثير غضبنا جميعاً»، وأضاف أن «من مسؤوليتنا (المجلس) أن نوسع وصول المساعدات الإنسانية في يوليو (تموز) المقبل، عندما يحين موعد تجديد التفويض عبر الحدود، وليس وضع مزيد من التقييد»، محذراً من أن «مزيداً من تقييد الوصول ستكون له عواقب كارثية إضافية على 3.5 مليون سوري في الشمال الغربي». وأشار إلى أن تجديد تفويض الأمم المتحدة لاستخدام معبر باب الهوا «هو السبيل الوحيد لضمان استمرار توصيل الغذاء والمأوى والإمدادات الطبية»، علماً بأن «نقطة عبور واحدة لا تلبي الحاجات الهائلة للشعب السوري».
وهذه هي المرة الثانية التي يلمح فيها مسؤول أميركي في إدارة الرئيس جو بايدن إلى ضرورة فتح ممرات أخرى لإيصال المساعدات الإنسانية إلى السوريين، علماً بأن المعابر الأخرى أغلقت بعدما رفضت روسيا تمرير مشاريع قرارات تتيح ذلك.


مقالات ذات صلة

توافق أممي نادر في مجلس الأمن حول سوريا

العالم فاسيلي نيبينزيا مبعوث روسيا لدى الأمم المتحدة (رويترز)

توافق أممي نادر في مجلس الأمن حول سوريا

قال دبلوماسيون أميركيون وروس، يوم الاثنين، إن أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة سيعملون على إعداد بيان بشأن سوريا في الأيام المقبلة، وذلك بعد اجتماع مغلق…

«الشرق الأوسط» (الأمم المتحدة)
أوروبا مبنى الأمم المتحدة في نيويورك (أرشيفية - رويترز)

روسيا تطلب اجتماعاً طارئاً لمجلس الأمن حول سوريا الاثنين

أعلنت روسيا، اليوم الأحد، أنها طلبت عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي، الاثنين؛ لبحث الوضع في سوريا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
المشرق العربي قافلة تابعة للقوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان «اليونيفيل» تعبر منطقة مرجعيون في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

مجلس الأمن لمتابعة تنفيذ الهدنة والقرار 1701 لبنانياً وإسرائيلياً

عرض مجلس الأمن لاتفاق وقف الأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل، واستطلع حاجات كل من الجيش اللبناني والقوة المؤقتة للأمم المتحدة «اليونيفيل» لتنفيذ القرار 1701.

علي بردى (واشنطن)
شمال افريقيا وفد ليبي خلال مباحثات مع رئيس وزراء غينيا بشأن الاستثمارات الليبية هناك (محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار)

الأموال الليبية بالخارج... «نزيف متواصل» بسبب «التجميد» والاضطرابات السياسية

أرجع مسؤولون ليبيون سابقون أسباب تفاقم نزيف الخسائر التي تتكبدها الاستثمارات الليبية بالخارج إلى قرار تجميدها من مجلس الأمن، بالإضافة إلى الاضطرابات السياسية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من آخر اجتماع لمنتدى السلم والأمن الأفريقي في ديسمبر 2023 (الشرق الأوسط)

تبون ينتقد «انتقائية أممية» و«تجاوزاً صارخاً للشرعية الدولية»

العالم «يعيش اليوم على وقع تحولات عميقة وتوترات متزايدة تدفع المنظومة الدولية نحو مفترق طرق حاسم»

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».