تخفيض التحفيز النقدي في أميركا يلقي بظلاله على الأسواق العالمية

نمو اقتصادي أفضل من المتوقع في الربع الأخير من 2013

متعاملان في بورصة نيويورك (رويترز)
متعاملان في بورصة نيويورك (رويترز)
TT

تخفيض التحفيز النقدي في أميركا يلقي بظلاله على الأسواق العالمية

متعاملان في بورصة نيويورك (رويترز)
متعاملان في بورصة نيويورك (رويترز)

ألقى تخفيض التحفيز النقدي في أميركا بظلاله على الأسواق العالمية، حيث واصلت الليرة التركية تراجعها مقابل الدولار واليورو أمس، متأثرة بتأكيد تشديد السياسة النقدية الأميركية، رغم معدلات الفائدة المرتفعة التي قررها الاحتياطي الفيدرالي الأميركي.
وقبيل ظهر أمس، بلغ سعر الدولار في تركيا 2.2920 ليرة تركية، واليورو 3.1175 ليرة، في تراجع طفيف عن سعر الليرة قبيل إعلان «الاحتياطي الفيدرالي» الأربعاء.
كما انخفض مؤشر بورصة إسطنبول 1.43 في المائة من قيمته ليصل إلى 61203.15 نقطة.
وأعلن الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، أول من أمس، خفضا جديدا طفيفا في الدعم النقدي للاقتصاد الأميركي، في قرار يمكن أن يؤدي إلى سحب مزيد من رؤوس الأموال من الدول الناشئة مثل تركيا.
وكان البنك المركزي التركي تمكن الأربعاء من وقف تدهور الليرة التركية، مؤقتا على الأقل، برفع كبير لمعدلات الفائدة رغم معارضة الحكومة هذا الإجراء.
من جانبه، تراجع مؤشر «نيكي» للأسهم اليابانية أمس وسجل خلال المعاملات أدنى مستوى في شهرين ونصف الشهر، مع استمرار مجلس الاحتياطي الاتحادي في تقليص إجراءات التحفيز رغم اضطرابات الأسواق الناشئة. وتضررت المعنويات بوجه عام من جراء ارتفاع الين أيضا. وأغلق «نيكي» منخفضا 5.‏2 في المائة عند 06.‏15007 نقطة بعد أن هبط إلى 83.‏14853 نقطة وهو أدنى مستوى منذ 14 نوفمبر (تشرين الثاني).
وفي سيول قلل، وزير مالية كوريا الجنوبية، هيون أو سوك، أمس، من شأن قرار مجلس الاحتياط الاتحادي الأميركي خفض برنامجه لشراء السندات، قائلا إن آثار القرار على اقتصاد بلاده ستكون محدودة نظرا للعوامل الاقتصادية الأساسية التي يتمتع بها.
جاء ذلك في اجتماع لمراجعة أوضاع السوق المالية الذي عقد اليوم في سيول بمشاركة مسؤولين من وزارة المالية ومركز كوريا للتمويل الدولي.
كان مجلس الاحتياط (البنك المركزي الأميركي) قرر الليلة قبل الماضية تخفيض مشتريات السندات الشهرية من 75 مليار دولار إلى 65 مليار دولار؛ أي بمقدار 10 مليارات دولار أخرى. وقال المجلس إن البيانات الصادرة خلال الأسابيع الأخيرة تشير إلى تحسن وتيرة نمو الاقتصاد الأميركي خلال الفصول الأخيرة.
أفادت تقديرات أولية لوزارة التجارة الأميركية أمس بأن اقتصاد الولايات المتحدة سجل تحسنا فاق المتوقع في الفصل الرابع من 2013 رغم إغلاق الإدارات في أكتوبر (تشرين الأول).
وأوضحت أن نسبة النمو بلغت في تلك الفترة 3.2 في المائة وفق الوتيرة السنوية.
وكانت توقعات المحللين تتحدث عن معدل ثلاثة في المائة لنمو إجمالي الناتج المحلي للفترة من أكتوبر إلى ديسمبر (كانون الأول).
وتعكس هذه الأرقام تباطؤا بالنسبة إلى النمو في الفصل الذي سبق (4.1 في المائة) رغم تسارع وتيرة النفقات الاستهلاكية واستثمارات الشركات والصادرات.
وبلغت قيمة إجمالي المنتجات والخدمات المبيعة أو المخزنة في الولايات المتحدة 17102 مليار دولار في الفصل الأخير من 2013 وفق الوتيرة السنوية والمعطيات المصححة للتقلبات الموسمية.
إلا أن هذا الفصل الرابع شهد خصوصا إقفالا جزئيا للإدارات الفيدرالية خلال الخمسة عشر يوما الأولى من أكتوبر، بسبب الخلاف الذي كان قائما بين الكونغرس والبيت الأبيض بشأن الموازنة.
وهكذا، سجلت نفقات الحكومة الفيدرالية تراجعا بنسبة 12.6 في المائة في هذا الفصل.
ويكمن النبأ السار في نفقات الاستهلاك - التي تشكل قرابة ثلثي إجمالي الناتج الداخلي - التي سجلت نموا من 3.3 في المائة، وهي أعلى نسبة في غضون ثلاثة أعوام.
وقفزت استثمارات الشركات أيضا بنسبة 3.8 في المائة، أي أقل مما كانت عليه في الفصل الثالث بقليل (+4.8 في المائة)، لكن الصادرات سجلت هي الأخرى قفزة بنسبة 11.4 في المائة مقارنة مع 3.9 في المائة في الفصل الذي سبق.
والأربعاء، قرر البنك المركزي الأميركي (الاحتياطي الفيدرالي) مواصلة الخفض التدريجي لسياسة الدعم النقدي للاقتصاد، مؤكدا أن التوسع الاقتصادي الأميركي يتسارع.
وستنشر التقديرات الثانية للنمو في الفصل الأخير من 2013 في 28 فبراير (شباط) 2014.
وجاء تقييم لجنة السوق المفتوحة، المعنية بوضع السياسة النقدية في المجلس، بعد اجتماعها الدوري أول من أمس في أعقاب تعديل وزارة التجارة الأميركية بيانات نمو الاقتصاد خلال الربع الثالث من العام الحالي لتصبح 1.‏4 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، وهو أسرع معدل لنمو الاقتصاد الأميركي منذ عامين.
وقرر المجلس الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسة عند مستواه المنخفض القياسي دون تغيير، مؤكدا أن هذا السعر القريب من صفر في المائة سيستمر «لفترة طويلة من الوقت».
وأشار المجلس إلى أن معدل البطالة في الولايات المتحدة انخفض، لكنه ما زال مرتفعا عند مستوى 7.‏6 في المائة، في حين أن معدل التضخم الأساسي خلال عام مضى استقر عند مستوى 7.‏1 في المائة فقط.



التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)

ارتفع معدل التضخم في السعودية إلى 2 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على أساس سنوي، مسجلاً أعلى مستوى منذ 15 شهراً، وذلك عطفاً على ارتفاع أسعار قسم السكن والمياه والكهرباء، والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة وأسعار أقسام السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة، مقابل انخفاض أسعار قسم النقل بنسبة 2.5 في المائة.

وعلى الرغم من ذلك الارتفاع فإن هذا المستوى جعل السعودية البلد الأقل ضمن مجموعة العشرين، في الوقت الذي عدَّه اقتصاديون معتدلاً نسبياً.

ووفق مؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك، الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء، الأحد، ارتفع قسم السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة، وقد تأثر بارتفاع مجموعة الإيجارات المدفوعة للسكن 10.8 في المائة خلال نوفمبر الماضي، بسبب زيادة في أسعار إيجارات الشقق 12.5 في المائة.

المطاعم والفنادق

وكان لارتفاع هذا القسم أثر كبير في استمرار وتيرة التضخم السنوي لنوفمبر 2024، نظراً للوزن الذي يشكله هذا القسم، الذي يبلغ 25.5 في المائة، وفي السياق ذاته، ارتفعت أسعار قسم السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة خلال نوفمبر السابق، متأثرة بارتفاع أسعار المجوهرات والساعات بأنواعها والتحف الثمينة 23.7 في المائة.

وسجلت أسعار قسم المطاعم والفنادق ارتفاعاً بنسبة 1.5 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار الخدمات الفندقية والشقق المفروشة بنسبة 5.9 في المائة، أما قسم التعليم فقد شهد ارتفاعاً بنسبة 1.1 في المائة، متأثراً بزيادة أسعار الرسوم لمرحلتي المتوسط والثانوي 1.8 في المائة.

الأغذية والمشروبات

في حين سجلت أسعار الأغذية والمشروبات ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.3 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار اللحوم والدواجن، 1.9 في المائة. من جهة أخرى، انخفضت أسعار قسم تأثيث وتجهيز المنزل بنسبة 2.9 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الأثاث والسجاد وأغطية الأرضيات بنسبة 4.4 في المائة.

وتراجعت أسعار قسم الملابس والأحذية بنسبة 2.3 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الملابس الجاهزة 4.6 في المائة، وكذلك سجلت أسعار قسم النقل تراجعاً بنسبة 2.5 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار شراء المركبات بنسبة 3.9 في المائة.

تنويع الاقتصاد

وقال كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، الدكتور نايف الغيث، لـ«الشرق الأوسط»، إن ارتفاع معدل التضخم في المملكة إلى 2 في المائة خلال نوفمبر الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، يعكس التغيرات الاقتصادية التي تمر بها المملكة في إطار «رؤية 2030»، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.

وبيَّن الغيث أن العامل الرئيسي وراء هذا الارتفاع كان قطاع السكن والمرافق، حيث شهد زيادة كبيرة بنسبة 9.1 في المائة. وكان لارتفاع أسعار إيجارات المساكن، وخصوصاً الشقق التي ارتفعت بنسبة 12.5 في المائة، الدور الأكبر في هذه الزيادة، موضحاً أن هذا القطاع يشكل 25.5 في المائة من سلة المستهلك، وبالتالي فإن تأثيره على معدل التضخم العام كان ملحوظاً.

ووفق الغيث، أسهم ارتفاع أسعار السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة في زيادة معدل التضخم، وأن هذا الارتفاع يعكس تغيرات في أنماط الاستهلاك وزيادة الطلب على بعض السلع والخدمات في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة.

تحسين البنية التحتية

على الجانب الآخر، يرى كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، أن قطاع النقل شهد انخفاضاً بنسبة 2.5 في المائة، ما أسهم في تخفيف الضغط التضخمي إلى حد ما، وأن هذا الانخفاض قد يكون نتيجة لتحسن البنية التحتية للنقل وزيادة كفاءة الخدمات اللوجيستية، وهو ما يتماشى مع أهداف «رؤية 2030» في تطوير قطاع النقل والخدمات اللوجيستية.

وفي سياق «رؤية 2030»، يؤكد الغيث أنه من الممكن النظر إلى هذه التغيرات في معدلات التضخم كجزء من عملية التحول الاقتصادي الشاملة، مضيفاً أن الارتفاع في أسعار السكن، «على سبيل المثال»، قد يكون مؤشراً على زيادة الاستثمارات في القطاع العقاري وتحسن مستويات المعيشة.

وأبان أن الزيادة في أسعار السلع والخدمات الشخصية قد تعكس تنوعاً متزايداً في الاقتصاد وظهور قطاعات جديدة.

ولفت الغيث النظر إلى أن معدل التضخم الحالي البالغ 2 في المائة يعتبر معتدلاً نسبياً، ما يشير إلى نجاح السياسات النقدية والمالية في الحفاظ على استقرار الأسعار.