تبادُل الاتهامات بين السودان وإثيوبيا على خلفية النزاع الحدودي

قوات سودانية بالقرب من الحدود مع إثيوبيا (أرشيفية - رويترز)
قوات سودانية بالقرب من الحدود مع إثيوبيا (أرشيفية - رويترز)
TT

تبادُل الاتهامات بين السودان وإثيوبيا على خلفية النزاع الحدودي

قوات سودانية بالقرب من الحدود مع إثيوبيا (أرشيفية - رويترز)
قوات سودانية بالقرب من الحدود مع إثيوبيا (أرشيفية - رويترز)

اتهم السودان إثيوبيا، اليوم (السبت)، بتوجيه «إهانة بالغة ولا تُغتفر»، في أشدّ البيانات لهجة منذ تجدُّد النزاع الحدودي المستمر منذ عقود في أواخر العام الماضي، وفقاً لوكالة «رويترز» للأنباء.
واندلعت اشتباكات بين القوات السودانية والإثيوبية على منطقة الفشقة، وهي أرض خصبة يسكنها مزارعون إثيوبيون ويقول السودان إنها تقع على جانبه من الحدود التي تم ترسيمها في بداية القرن العشرين، وهو ما ترفضه إثيوبيا.
وقالت وزارة الخارجية الإثيوبية، في بيان، الخميس، إنها تعتقد أن «الصراع الذي يروّج له الجناح العسكري للحكومة السودانية لن يخدم إلا مصالح طرف ثالث على حساب الشعب السوداني».
وردّت وزارة الخارجية السودانية، اليوم، بقولها: «إساءة بيان وزارة الخارجية الإثيوبية للسودان واتهامه بالعمالة لأطراف أخرى إهانة بالغة ولا تُغتفر».
وأضافت: «ما لا تستطيع وزارة الخارجية الإثيوبية أن تنكره هو الطرف الثالث الذي دخلت قواته مع القوات الإثيوبية المعتدية إلى الأرض السودانية».
ولم يحدد أيٌّ من البلدين الطرف الثالث الذي أشار إليه في البيان لكنّ الإشارات المستترة تسلّط الضوء على احتمال نشوب صراع تنزلق فيه دول مجاورة، وفقاً لما أوردته «رويترز».
وربما تشير إثيوبيا إلى مصر التي أغضبها تشييد إثيوبيا سد النهضة على النيل الأزرق. وعبّر السودان أيضاً عن مخاوفه بشأن السد.
وقد يقصد السودان بالطرف الثالث إريتريا التي دخلت قواتها الأراضي الإثيوبية لدعم قوات اتحادية في تيغراي بعدما هاجمت قوة محلية قواعد للجيش الإثيوبي في نوفمبر (تشرين الثاني)، وذلك وفقاً للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، حسب الوكالة.
ونفت إثيوبيا وإريتريا أي توغل لقوات إريترية رغم تصريح عشرات الشهود بأنهم رأوا جنوداً إريتريين في إثيوبيا.
كان السودان قد اتهم القوات الإثيوبية قبل أيام باختراق الحدود بعد اختراق مماثل من جانب طائرة إثيوبية الشهر الماضي، وهو ما نفته إثيوبيا.
وكررت إثيوبيا يوم الخميس اتهامها للسودان بغزو أراضيها في أوائل نوفمبر ومهاجمة إثيوبيين وتشريدهم والسيطرة على معسكرات للجيش تم إخلاؤها.
وقال السودان في بيانه إن إثيوبيا أكدت اتفاق 1903 الحدودي عدة مرات كان آخرها في عام 2013.
وأضاف: «جاء إلى وزارة الخارجية الإثيوبية مَن يسخّرها لخدمة مصالح شخصية وأغراض فئوية لمجموعة محددة».
ودعا البلدان إلى اتّباع الوسائل القانونية لحل القضايا الحدودية.
ووصل وسيط الاتحاد الأفريقي محمد حسن لبات إلى الخرطوم، يوم الخميس، لبحث الصراع وكذلك المفاوضات الجارية بين السودان ومصر وإثيوبيا حول سد النهضة الإثيوبي.
وقالت وزارة الخارجية السودانية، في بيان، في وقت متأخر السبت، إن لبات أكد الحاجة لخفض حدة التوتر بين البلدين الجارين وتجنب أي حل عسكري.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».