«فتح» لن تحسم مرشحها للرئاسة قبل انتخابات «التشريعي»

الفصائل تميل لإبعاد القيادات عن القوائم الانتخابية

غزة كما بدت يوم الأحد بديكورات عيد الفالنتاين (أ.ف.ب)
غزة كما بدت يوم الأحد بديكورات عيد الفالنتاين (أ.ف.ب)
TT

«فتح» لن تحسم مرشحها للرئاسة قبل انتخابات «التشريعي»

غزة كما بدت يوم الأحد بديكورات عيد الفالنتاين (أ.ف.ب)
غزة كما بدت يوم الأحد بديكورات عيد الفالنتاين (أ.ف.ب)

ارجأت حركة «فتح» حسم اسم مرشحها للرئاسة الفلسطينية إلى ما بعد انتخابات المجلس التشريعي، لكنها ظلت بحاجة إلى حسم الأمر مع عضو اللجنة المركزية المعتقل في السجون الإسرائيلية، مروان البرغوثي، قبل انتخابات البرلمان، باعتبار أن الحركة تنوي وضعه على قائمة «التشريعي»، لكنه لا يريد ذلك وينوي التقدم لانتخابات الرئاسة.
وأكد مسؤولون في حركة «فتح» أن اسم مرشح الرئاسة سيتقرر لاحقاً. وقال القيادي في حركة «فتح» جبريل الرجوب، إن الحركة لم تحسم بعد اسم مرشحها، وإن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ليس من الضروري أن يكون المرشح الوحيد عن الحركة. وأضاف الرجوب، في تصريحات بثّتها هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، أن الحركة قررت خوض معركة انتخابات المجلس التشريعي، وبعد الانتخابات، تجتمع اللجنة المركزية لحركة «فتح» وتقرر من هو مرشحها، على قاعدة أن يكون قادراً على الفوز بالانتخابات.
وجاءت تصريحات الرجوب في ظل جدل فلسطيني واسع حول إمكانية ترشح الأسير البرغوثي لانتخابات الرئاسة، متحدياً موقف قيادة الحركة الذي يميل إلى وضعه على رأس قائمة المجلس التشريعي ويتجه لاختيار الرئيس عباس مرشحاً لانتخابات الرئاسة. ويترقب الفلسطينيون القرار الأخير للبرغوثي، الذي إذا أصر على موقفه، سيكون الأقوى في مواجهة المرشح الذي ستقترحه حركة «فتح» لهذا المنصب.
ورغم أن أي إعلان رسمي لم يصدر عن البرغوثي نفسه، أو محاميه أو عائلته، فإن الأخبار التي تسربها بيئته القريبة والصور التي تبثها زوجته في توقيت حساس، وإعلان ناشطين، سلفاً، أنهم يقفون خلفه في انتخابات الرئاسة، والرغبة السابقة المعروفة لدى الرجل، وتسريبات نشرها الإسرائيليون، تجعل ترشحه لانتخابات الرئاسة هذه المرة، أقرب من انسحابه. وتوجُّه البرغوثي للرئاسة ليس جديداً، وتوجد تجربة في الانتخابات الرئاسية الفلسطينية الأخيرة عام 2005 عندما رشح نفسه من السجن، مقابل عباس، قبل أن ينسحب لاحقاً تحت الضغوط.
وتسعى مركزية «فتح» التي يترأسها عباس، إلى الاتفاق مع البرغوثي حول كل شيء يخص الانتخابات، تجنباً لمواجهة داخلية قد تُلحق بها الضرر أمام منافسيها. ويقول مسؤولون في الحركة، إن انتخاب معتقل في السجون الإسرائيلية ليس شيئاً عملياً، بغضّ النظر عن الأهمية التي يحظى بها الشخص داخل الحركة. وناقشت مركزية «فتح» هذه المسألة، في اجتماع ترأسه عباس في وقت متأخر، أول من أمس (السبت). وأكدت مركزية «فتح» في بيان، ترحيبها ببيان القاهرة الذي تم التوصل إليه خلال جلسات الحوار الوطني، مؤكدةً أنها شكّلت الأرضية للانطلاق نحو إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية عبر بوابة الانتخابات العامة، التي سيكون فيها المواطن الفلسطيني هو صاحب القرار.
وقالت اللجنة المركزية إن النتائج التي تحققت في القاهرة هي تعبير حقيقي عن الإرادة الوطنية الفلسطينية في تأسيس مرحلة جديدة من الشراكة الوطنية، القائمة على أسس الديمقراطية وإنهاء الانقسام عبر صندوق الاقتراع، ومن خلال التمسك بعقد انتخابات حرة ونزيهة في جميع أنحاء فلسطين، بما يشمل الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة.
وثمّنت مركزية «فتح»، الجهود التي بذلتها جمهورية مصر العربية الشقيقة لدعم الحوار الوطني الفلسطيني، والحرص الكبير الذي أبداه الأشقاء في مصر لتذليل أي عقبات أمام الحوار الوطني وإنجاحه، وصولاً لتنظيم الانتخابات الفلسطينية وفق المراسيم الرئاسية التي صدرت بهذا الخصوص. ودعت اللجنة مَن لهم حق الاقتراع ولم يستكملوا عملية تسجيلهم، إلى الإسراع بإنجاز تسجيل أسمائهم وعائلاتهم لضمان المشاركة الأوسع في العرس الديمقراطي الفلسطيني.
وثمّنت اللجنة المركزية الرسالة التي بعث بها عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» القائد مروان البرغوثي، إلى الرئيس محمود عباس، وإلى اللجنة المركزية التي نقلها حسين الشيخ عضو اللجنة المركزية في أثناء لقائه معه، والتي أكد فيها أن حركة «فتح» تخوض معركة المجلس التشريعي بقائمة واحدة موحدة، وفقاً للمعايير المتفق عليها في اللجنة المركزية.
وكان البرغوثي قد أكد على قائمة واحدة لـ«التشريعي»، لكنّ مقريبن منه قالوا إنه لا ينوي أصلاً الترشح لـ«التشريعي» ويريد دعم الحركة له في انتخابات الرئاسة. وحتى حسم هذه المسألة، بدأت «فتح» إلى جانب «حماس» وفصائل أخرى، العمل على حشد الكوادر ووضع معايير اختيار مرشحي القوائم في المجلس التشريعي.
وقال مصدر في حركة «فتح» لـ«الشرق الأوسط» إن هناك قراراً بعدم ترشيح الأسماء البارزة والقيادية في انتخابات «التشريعي»، ويوجد توجه لاختيار وجوه جديدة وشباب وأسماء يرضى عنها الشارع الفلسطيني. وهذا التوجه موجود لدى حركة «حماس» أيضاً، التي قررت عدم الزج بقادتها في انتخابات «التشريعي»، كما تتجه إلى عدم ترشيح اسم من طرفها لانتخابات الرئاسة بسبب التعقيدات السياسية المرافقة لذلك.



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.